"رحلة التعافي قد تكون دربا موحشا، لكننا أصررنا أن ننسج فيه خيوطا من البهجة". بهذه الرؤية، انطلقت مبادرة فنية فريدة من نوعها في مانشستر ببريطانيا، لتثبت أن النجاح في التعافي لا يقتصر على الامتناع عن الماضي، بل يكمن في بناء حياة جديدة لها معنى. فعلى مدى ستة أشهر، تحول مركز للمتعافين إلى ورشة عمل إبداعية أعادت تعريف مفهوم النجاة.
تقوم فلسفة هذه التجربة على أن الفن لغة تتجاوز الكلمات، قادرة على هدم جدران العزلة والوصمة الاجتماعية التي تحاصر المتعافين. فبدلا من الشعارات والنصائح المباشرة، يُترَك للطين والألوان مهمة التعبير، ليتحول الإبداع إلى مساحة لقاء آمنة، ومنبر من لا صوت له.
من أمثلة تجسيد هذه الفلسفة على أرض الواقع، تمرين صناعة أباريق الشاي؛ حيث لا يمكن لفرد واحد أن ينجز إبريقا بمفرده، بل يتشكل بأياد متعددة، كل يد تضيف لمستها ثم تمرره إلى أخرى ليكتمل، بحسب موقع (positive.news) المتخصص في الأخبار الإيجابية.
كان لهذا المشهد وقعه الخاص على الفنان المشرف على التمرين، والذي حمل جرحا شخصيا بعد أن فقد شقيقه بسبب الإدمان. فرؤيته المتعافين وهم يتشاركون صنع شيء جميل ومكتمل، كانت بالنسبة له برهانا على أن السند الإنساني ليس مجرد عامل مساعد، بل هو جوهر النجاح في رحلة التعافي.
ما حدث في ورشة مانشستر هو ترجمة لما أثبتته منظمة الصحة العالمية (WHO) عن الأثر الملموس للفنون على الصحة النفسية والجسدية؛ فالانخراط في عمل إبداعي يسهم في خفض التوتر، ويُحسّن المزاج، ويقوي الروابط الإنسانية. وكلها تمثل الوقود الذي تحتاجه الإرادة لنجاح مسيرة التعافي الطويلة.
هذا الطريق بطبيعته ليس مفروشا بالورود، وهو ما تؤكده جهات علمية مرموقة كالمعهد الوطني الأميركي لتعاطي المخدرات (NIDA)، الذي يشير إلى أن احتمالات الانتكاس لا تختلف عن أمراض مزمنة أخرى كالسكري أو ارتفاع ضغط الدم. وعليه فإن النجاح الحقيقي يتمثل في القدرة على النهوض بعد كل عثرة.
خلاصة القول في نجاح رحلة التعافي، أنها ترتكز على ثلاثة أعمدة راسخة، وهذه الأعمدة لا تُبنى بالشعارات، بل تشيّد يوما بعد يوم بقرارات وأفعال صغيرة واعية، تماما كما حدث في ورشة مانشستر، حيث تُرجمت كل فكرة إلى واقع ملموس: