آخر الأخبار

قمة شرم الشيخ: كيف كانت الوساطة المصرية لوقف حرب غزة؟

شارك
مصدر الصورة

جاء توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على خطته لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، خلال القمة التي استضافتها مدينة شرم الشيخ المصرية بمشاركة أكثر من عشرين من قادة العالم، ليُسلط الضوء على الدور المصري في إنجاز هذا الاتفاق بعد سلسلة من الإخفاقات خلال العامين الماضيين لإنهاء الحرب، وليؤكد مكانة القاهرة كوسيط وضامن إلى جانب الولايات المتحدة وقطر وتركيا لمتابعة تنفيذ الاتفاق بمراحله المختلفة.

يرى خبراء تحدثت إليهم بي بي سي أن وساطة مصر خلال مسار التفاوض جاءت نتيجة تاريخ طويل من ارتباطها بالصراع العربي الإسرائيلي، وبحكم أن التطورات في غزة ترتبط بالأمن القومي المصري، ولها تأثيرات سياسية واقتصادية داخلية مباشرة.

يقول السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، إن "الدور الذي قامت به مصر لوقف هذه الحرب يأتي في إطار أشمل بكثير، وهو ارتباط الأمن القومي المصري بالقضية الفلسطينية".

أما عمرو صلاح الدين، الباحث السياسي في جامعة جورج ماسون الأمريكية، فيؤكد أن "مصر هي الدولة الأكثر تأثراً بما يحدث على حدودها الشرقية".

من رفض خطة التهجير إلى اتفاق شرم الشيخ

يؤكد السفير حسين هريدي أن مصر "منذ اليوم الأول للحرب على غزة بذلت قصارى جهدها لإنهائها، ولذلك دعت إلى عقد مؤتمر القاهرة للسلام في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث حدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال هذا المؤتمر الملامح الرئيسية للموقف المصري، وعلى رأسها الرفض التام للتهجير القسري للفلسطينيين من غزة إلى مصر أو الأردن، وهو المقترح الذي كان مطروحاً منذ عهد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن".

ويضيف هريدي أن "منذ ذلك الحين وضعت مصر قدمها كوسيط رئيسي وساهمت مع قطر والإدارة الأمريكية السابقة والحالية في التوصل إلى اتفاقات هدنة، أبرزها هدنة نوفمبر/تشرين الثاني 2023 التي استمرت أسبوعاً، وبذلت القاهرة جهوداً كبيرة لتمديدها لكن إسرائيل رفضت".

مصدر الصورة

وفي يناير/كانون الثاني 2024 طرحت مصر للمرة الأولى خطة من ثلاث مراحل: صفقة تبادل للأسرى، وقف الحرب، انسحاب إسرائيل من القطاع، عودة النازحين، والبدء في إعادة الإعمار. وهي الصيغة نفسها التي اعتمدها بايدن في مايو/أيار 2024، وتبلورت لاحقاً في اتفاق يناير الماضي الذي أدى إلى هدنة انتهت في مارس/آذار.

يقول هريدي إن مصر "أصبحت محط أنظار العالم، ليس فقط باستقبال ترامب وقادة الدول لتوقيع الاتفاق، وإنما لبقائها على مدار عامين وسيطاً نشطاً يسعى لإنهاء هذه الحرب الغاشمة".

ويشير الكاتب الصحفي خالد داوود، مدير تحرير جريدة الأهرام ويكلي، إلى أن "هناك اختلافات كانت واضحة بين الموقفين المصري والأمريكي، خصوصاً بعد تصريحات ترامب في ولايته الثانية حول وجوب قبول مصر والأردن بخطة التهجير. لكن إدراك واشنطن والدول الكبرى لأهمية الدور المصري جعلها تتعاطى مع القاهرة للتوصل إلى حل ينهي الحرب بما يتوافق مع الرؤية المصرية الرافضة للتهجير، الذي كان يمثل تحدياً للسيادة المصرية وتصفية للقضية الفلسطينية ووقوع نكبة ثانية".

ما بعد شرم الشيخ: مكاسب وتحديات

يرى الباحث عمرو صلاح الدين أن "قطاعاً كبيراً من المعارضين للنظام المصري بالداخل والخارج عبّروا عن سعادتهم بالمشهد في شرم الشيخ بسبب الشعور بعودة الدور الإقليمي لمصر، رغم أن الطريق ما زال طويلاً أمام تنفيذ كل مراحل الخطة".

ويضيف أن "الاتفاق يمنح مصر استقراراً نسبياً سيؤثر إيجاباً على الأوضاع الاقتصادية الصعبة، كما يمنحها قدرة أكبر على الحوار مع الولايات المتحدة والدول الكبرى المشاركة في القمة حول قضايا إقليمية تمس القاهرة سياسياً واقتصادياً".

من جهته، يقول خالد داوود إن "وجود هذا العدد الكبير من قادة العالم سيشجع على التعاون السياسي والاقتصادي مع النظام المصري، خاصة أن الحرب في غزة أثرت سلباً على الاقتصاد المصري بتراجع دخل قناة السويس بأكثر من 50% بسبب الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر، وانخفاض أعداد السائحين".

ويضيف أن "المصريين سيشعرون بارتياح كبير بعد توقيع الاتفاق، خصوصاً أنه تم على أرضهم، مع انتظار انعكاساته الإيجابية على الاقتصاد".

مصدر الصورة

ويتابع داوود: "هناك عودة للدور المصري إقليمياً ودولياً، فبعد توتر العلاقات بين إدارة بايدن والقاهرة بسبب ملف حقوق الإنسان، أدركت واشنطن مع اندلاع الحرب عام 2021 ضرورة الاعتماد على الجهود المصرية لوقفها. هذا ما أدى لاحقاً إلى رفع الحظر عن المساعدات الأمريكية لمصر، التي حصلت عليها كاملة لأول مرة في عهد بايدن".

ويضيف: "إدراك واشنطن والدول الكبرى لأهمية الدور المصري جعلها لا تضع ملفات مثل حقوق الإنسان والديمقراطية على رأس أولوياتها في الحوار مع القاهرة، بل صارت مستعدة للنقاش حولها من منطلق الحاجة لدور مصر الإقليمي، خصوصاً في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".

تحديات ما بعد الاتفاق

يقول الباحث عمرو صلاح الدين إن "مصر نجحت في خلق مسار تهدئة كبداية لوقف الحرب وإدخال المساعدات، لكن تحقيق استقرار دائم على الحدود الشرقية يتطلب وقتاً وجهوداً كبيرة، خصوصاً في ظل ملفات عالقة مثل مستقبل حكم غزة وسلاح حماس وشكل الانتخابات الفلسطينية المقبلة".

ويضيف أن "على مصر والوسطاء الآخرين، تركيا وقطر، ضمان تنفيذ الاتفاق لتفادي اندلاع حرب جديدة، كما يجب تقديم تصور تفصيلي للإدارة الأمريكية لإقناع إسرائيل بخطة القاهرة لإعادة إعمار القطاع وآلية نشر عناصر الأمن المدربين من قبلها".

أما خالد داوود فيرى أن "على مصر الاستمرار في السعي لمنح وثيقة وقف إطلاق النار شرعية دولية وقانونية، لأنها ليست قراراً من مجلس الأمن، وهناك شكوك دائمة حول مدى الالتزام بها، سواء من إسرائيل أو واشنطن، استناداً إلى التجارب السابقة مثل خطة ويتكوف التي تخلت عنها الإدارة الأمريكية سريعاً".

ويضيف داوود: "أعتقد أن حضور ترامب في شرم الشيخ والتأكيد على فضله في الوصول للاتفاق كان مناورة ذكية للغاية، وتوقيع الاتفاق في شرم الشيخ هدفه ضمان استمرار الضمانة الأمريكية واستكمال واشنطن لدورها في تنفيذ المراحل المتبقية من الخطة، وصولاً إلى الهدف الأبعد: إقامة الدولة الفلسطينية".

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا