آخر الأخبار

اليمين يصارع لاستمرار الحرب.. رد حماس يضع إسرائيل في مأزق

شارك

خلقت مسارعة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لقبول رد حماس على خطته معضلة متعددة الوجوه في إسرائيل لحكومة اليمين عموما ولرئيسها، المطلوب للجنائية الدولية، بنيامين نتنياهو بتقليصها هامش مناوراته. وبهذا الموقف أخذ ترامب زمام لقيادة من أيدي نتنياهو وإسرائيل وصار يحاول أن يظهر بمظهر وسيط حازم ومنصف. وزاد من حدة هذه المعضلة ما أظهرته استطلاعات الرأي والتظاهرات من تأييد واسع لإنهاء الحرب وتقبل خطة ترامب. وشعر كثيرون أن إدارة ترامب أجبرت هذه المرة نتنياهو على قبول التفاوض لتنفيذ الخطة بعيدا عن شعاراته حول المفاوضات تحت النار ونظرية الحرب الدائمة. فقد طالب ترامب إسرائيل بوقف إطلاق النار قبل إبرام أي اتفاق مكتوب وفي ظل انفتاح على أفق سياسي يراه اليمين خطرا وشيكا.

وينتظر كثيرون انتهاء عطلة الأعياد ليبدأ "الشجار القوي" بين نتنياهو والمتطرفين حوله وخصوصا مع كل من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير. ويؤمن هؤلاء وأنصارهم بأن نتنياهو تعرض لخديعة من جانب إدارة ترامب وأن الرئيس الأميركي فضل تجاهل الوقائع وانحاز إلى أمله في الحصول على جائزة نوبل للسلام. وكان نتنياهو قد طلب من وزرائه التزام الصمت وعدم إطلاق أية تصريحات قد تفهم على أنها اعتراض على الخطة.

اقرأ أيضا

list of 3 items
* list 1 of 3 كيف صدمت موافقة حماس على خطة ترامب اللوبي الصهيوني في واشنطن؟
* list 2 of 3 محللون: نتنياهو يناور وسلاح حماس ذريعته للانقلاب على خطة ترامب
* list 3 of 3 مصر تستضيف وفدي حماس وإسرائيل لإتمام خطة ترامب بغزة end of list

وكانت صحف إسرائيلية نشرت قبل مدة منطق خطة ترامب التي كانت في الأصل خطة إسرائيلية أشرف على إقناع الإدارة الأميركية بها وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر. وقبل شهرين كتبت معاريف أن الخطة الإستراتيجية لديرمر تقضي بأن "إسرائيل لن تتوصل إلى تفاهمات حقيقية مع حماس في الدوحة أو القاهرة أو غزة. وإذا تم توقيع اتفاق، فسيتم توقيعه فعليًا مع واشنطن. ولذلك ينبغي دفع الولايات المتحدة إلى تبني "الصورة النهائية" الإسرائيلية وتقديمها على أنها "خطة أميركية". منذ لحظة حدوث ذلك، تصبح إسرائيل في وضع رابح في كل الأحوال. إذا وافقت حركة حماس، فقد حصلنا على اتفاق بشروطنا، وإذا رفضت، تحصل إسرائيل على شرعية دولية متجددة لمواصلة القتال".

مصدر الصورة مدفعية إسرائيلية تقصف قطاع غزة من منطقة محاذية للقطاع في 28 سبتمبر/أيلول (رويترز)

وبحسب المراسلة السياسية لمعاريف فإن هذه الإستراتيجية استندت إلى5 نقاط أقرتها الحكومة لـ"صورة نهاية الحرب": نزع سلاح حماس، وإعادة جميع الرهائن، وتسريح غزة بالكامل، والسيطرة الأمنية الإسرائيلية على القطاع، بما في ذلك محيطه، وحكومة مدنية بديلة لا تمثل حماس ولا السلطة الفلسطينية. ولكن في واشنطن طرح ترامب خطته بشكل مختلف خصوصا حول نقطة إنهاء الحرب وحول الأفق السياسي. وكما هو واضح هذه الخطة تتجاوز الخطوط الحمراء التي تمسك بها كل من بن جفير وسموتريتش ولكنها لا تنسف هذه الخطوط.

إعلان

التصارع الداخلي

وخلافا لرأي معلقين وخبراء سابقين ومصادر مشاركة في المفاوضات بأن رد حماس ينطوي على نقاط إيجابية يشدد قادة اليمين على أنه لا يتضمن قبولها تقريبا بأي من بنود خطة ترامب. وقد صرح سموتريتش وبن غفير قبل وصول رد حماس بأنهم يأملون أن توفر عليهم حماس مهمة التصارع الداخلي برفضها لخطة ترامب. وألمح معلقون إلى أن خطة ترامب وخصوصا البند المتعلق بوقف الحرب تعقد وضع نتنياهو ليس فقط في الحكومة وإنما أيضا في حزب الليكود نفسه. وربما من أجل إقرار الخطة في الكنيست سيضطر نتنياهو لتكرار تجربة مناحيم بيغين في معاهدة السلام مع مصر بالاعتماد على معارضيه وليس على مؤيديه. ومنذ وقت طويل سبق للعديد من قادة المعارضة، بينهم يائير لبيد وبيني غانتس، أن حثوا نتنياهو على القبول بوقف الحرب وضمان دعمه من جانبهم.

ووفق مصدر إسرائيلي، فوجئ نتنياهو برد فعل الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد إعلان حماس. وأوضح نتنياهو، خلال المشاورات التي جرت بعد رد حماس وقبل بيان ترامب، أنه يرى الرد الفلسطيني رفضا لخطة الرئيس الأميركي. ولكن عقب رد ترامب الإيجابي على بيان حماس أصدر ديوان نتنياهو بيانًا جاء فيه: "تستعد إسرائيل لتنفيذ المرحلة الأولى من خطة ترامب للإفراج الفوري عن جميع الرهائن". وأضاف: "سنواصل العمل بتعاون كامل مع الرئيس وفريقه لإنهاء الحرب وفقًا للمبادئ التي حددتها إسرائيل والمتوافقة مع رؤية الرئيس ترامب".

وبحسب مراسل القناة 12 ألموج بوكر ينبغي ملاحظة إعلان رئاسة الحكومة الإسرائيلية عن تجاوبها مع دعوة ترامب لإيقاف الهجمات بدا متفاجئا وراغبا في إعادة الكرة إلى حماس والإثبات أن حماس لا تنوي فعلا تنفيذ الخطة. وفي نظره تدخل إسرائيل تحت ضغط الرئيس الأميركي مأزقا لم تكن ترغب في الوصول إليه.

قوة وجبروت إسرائيل

كما رأت دافنا ليل في القناة 12 أن ترامب في الواقع أصدر تعليمات لإسرائيل بوقف عملية احتلال مدينة غزة ما يخلق أزمة سياسية داخلية عميقة. إذ أن بن غفير وسموتريتش قد أعربا علنا عن انتقاداتهما لتجاوب نتنياهو مع إدارة ترامب بل إن سموتريتش أبدى أمله "أن تنقذنا حماس من أنفسنا" برفضها الخطة. وهؤلاء يعتبرون أن تراكم الأحداث المهينة من اعتذار رسمي لقطر وقبول بوقف الحرب أمر غير محتمل ويناقض معتقداتهم تجاه قوة وجبروت إسرائيل.

مصدر الصورة سموتريتش: نأمل أن تنقذنا حماس من أنفسنا (رويترز)

ويمكن القول إن إسرائيل راهنت مطولا على تفاهم يقول بأن أن ترامب سيقبل النهج الإسرائيلي فيما يتعلق بمبادئ نزع السلاح – وهي مبادئ لا تقبلها حماس، وقد تفاجأت بدعوة ترامب لوقف الهجمات تمامًا. ولأول مرة منذ بدء الحرب، تشكك إدارة ترامب بمبدأ إسرائيل الأساسي – التفاوض تحت النار. وقد كظمت إسرائيل غيظها من تصريحات ترامب بأنه يعتقد أن حماس مهتمة بالسلام. ونتنياهو ليس في موقع التصادم مع ترامب بعد أن فعل كل ما فعل دعما لإسرائيل ولذلك يصعب الاعتقاد بتحدي طلب الرئيس الأميركي وقف النار وإجراء مفاوضات وإبرام اتفاق.

ويرى كثير من المعلقين الإسرائيليين أن سخط ترامب من استمرار الحرب، ورغبته في تحقيق إنجازات فورية، يدفعه إلى إجبار إسرائيل وحماس على مناقشة إطلاق سراح الأسرى ووقف القتال الآن. وبالتالي تأجيل مناقشة "اليوم التالي" إلى ما بعد أن يكون جميع الأسرى في الجانب الإسرائيلي. ويعتبرون أنه إذا أقر هذا المسار فهذا إنجاز للموقف الإسرائيلي لا يستهان به.

إعلان

وثمة اعتقاد شائع في الإعلام الإسرائيلي بأنه رغم التوافق على خطة ترامب فإن الحرب تتوقف مرحليا لكن ليس هناك ما يضمن نهايتها. ويقال بأن النجاح يعود لواقع أن ترامب وطاقمه نجحوا في الفصل بين وقف الحرب وإطلاق سراح الأسرى وبحث مستقبل غزة. وبعد حل مسألة الأسرى ووقف القتال يضمن ترامب إجراء مفاوضات حول مستقبل غزة وإعادة إعمارها وعدم استئناف الحرب. وفقط بعد ذلك ستناقش القضايا المتعلقة بالبعد الإقليمي والتطبيع وأفق الدولة الفلسطينية.

قرار تحطيم الأواني

ولكن كما سلف، يصعب تخيل تمرير خطة ترامب إسرائيليا من دون مشاكل كبيرة. فنتنياهو نفسه يبدي تلميحات بأنه كان مضطرا لقبول الخطة. وهذا يجعله في موقع أضعف أمام اليمين المتطرف الذي أنشأه ورعاه على مدى عقود من الزمن ويخلق علامات استفهام كبيرة حول مستقبل الحكومة واليمين وعقيدته السياسية. فسموتريتش وبن غفير طوال الوقت كانا يهددان بالانسحاب من الحكومة إذا تقرر وقف الحرب وإذا لم تتحقق شروطهم الخمسة. وفعليا إذا قررا "تحطيم الأواني"، فقد يقود ذلك إلى اضطرابات سياسية وربما سقوط الحكومة. وهذا ما يدفع نتنياهو لبذل أقصى جهد معهم لمنع أقدامهم على أية خطوات تهدد الائتلاف الحاكم.

وبعيدا عن المبالغات، المسألة عند سموتريتش وبن غفير ليست الحرب ذاتها وإنما ما سيقود إليه إنهاؤها. فالنقطة المحورية في الاتفاق التي قد تؤدي إلى تفكك الائتلاف تواجد إسرائيل على سكة الاعتراف بتطلعات الفلسطينيين إلى دولة. والأهم أن هذا يحول دون تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم.

ولذلك هاجم سموتريتش خطة ترامب معتبرا أنها "خطأ تاريخي" و"فشل دبلوماسي مدوٍّ". وحسب قوله، فهو "تجاهل لدروس السابع من أكتوبر"، و"سينتهي بالدموع، عندما يُجبر أطفالنا على القتال في غزة مجددًا". كما هاجم بن غفير الخطة بشدة، مدعيًا أنها "خطرة على أمن إسرائيل" و"مليئة بالثغرات". وحذّر بن غفير من أن المخطط يُقوّض إنجازات الحرب، كما دعا نتنياهو إلى التخلي عن الفكرة، مقررا: "ليس لديكم تفويض بإنهاء الحرب دون هزيمة حماس".

مصدر الصورة دعم المعارضة لقبول نتنياهو بخطة ترامب يقوي موقف حكومته (غيتي إيميجز)

ولكن وبسبب أن أحزاب المعارضة تدعم قبول نتنياهو بالخطة فإن أثر حزبي سموتريتش وبن غفير سيكون محدودا. فإسقاط الحكومة يتم إما عبر مشروع قانون لحجب الثقة أو إعلان حل الكنيست والذهاب إلى انتخابات عامة جديدة. ويعتبر حل الكنيست وإجراء انتخابات مبكرة أمرا مخططا له لدى طاقم نتنياهو ما يجعله أمام خيار الاعتماد على أصوات المعارضين أو العودة إلى صندوق الاقتراع. وطبيعي أن هناك أثمانا لكل واحد من الخيارين على نتنياهو أن يحسب لها ألف حساب. فتأييد المعارضين مقصور على تمرير الصفقة وبعدها يعودون إلى مناكفته ومحاولة إسقاط حكومته. كما أن الذهاب لانتخابات مبكرة في ظل تراجع شعبية نتنياهو وشعور اليمين بالفشل مقامرة تقارب الانتحار السياسي.

إحباط

وتأكيدا لهذا الاستنتاج فإن استطلاع معهد دراسات الأمن القومي (INSS) يظهر قدرا كبيرا من الإحباط في صفوف الجمهور الإسرائيلي من أداء حكومة نتنياهو. وحسب الاستطلاع على مدار عامين، ظل مستوى ثقة الجمهور اليهودي بالحكومة عند نحو 30-26%. وقد ارتفع لمدة أسبوع أو أسبوعين خلال الحرب في إيران، مما يشهد على دولةٍ تُعرب عن انعدام ثقةٍ كبيرٍ بحكومتها عند اتخاذ قراراتٍ مصيرية. شخصيًا، شهد نتنياهو زيادةً مُعينة: في أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت نسبة الثقة به 28%. واليوم، تصل هذه النسبة إلى 36% من الجمهور اليهودي. والخلاصة أنه رغم جميع الخطب والتصريحات الصحفية و"النصر الكامل" يظهر أن 6 من كل 10 إسرائيليين قلصت الحرب من ثقتهم بالحكومة. وأن 7 من كل 10 يقولون إنهم غير راضين عن إدارة الحكومة للحرب.

إعلان

في كل حال هناك من يعتقد أنه أمام تحقيق خطة ترامب الكثير جدا من العقبات وأن النهاية ليست واضحة حتى الآن بل لا أحد يستطيع ضمان موقف ترامب إذا لم يدرج اسمه ضمن المرشحين جديا لجائزة نوبل. ومع ذلك يرى اليمين أن ترامب وضع إسرائيل على طريق تقديم "التنازلات" بمنعه ضم الضفة وفرض وقف النار حتى إن لم يكن شاملا. فسيناريو السلام في الشرق الأوسط يعتبر السيناريو الأشد خطرا على هذا اليمين. ولذلك اعترف مسؤول إسرائيلي كبير بأنه: "من الآن فصاعدًا، لا يهم ما يفكر به نتنياهو، ترامب هو من يحدد ما سيحدث".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا دونالد ترامب اسرائيل حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا