في وقت تتزايد فيه حوادث اختراق الطائرات المسيَّرة للمجال الجوي الأوروبي، كشفت شركة سويدية عن نظام دفاعي جديد قد يمثل ثورة في مكافحة الطائرات المسيَّرة، بفضل تكلفته المنخفضة وفعاليته العالية في حماية البنى التحتية الحيوية مثل المطارات ومحطات الطاقة.
هذه الشركة اسمها Nordic Air Defence (NAD)، والنظام، الذي أُطلق عليه اسم "Kreuger 100"، يعتمد على قوة الاصطدام الحركي بدلا من المتفجرات لإسقاط الطائرات المسيَّرة، ما يجعله آمنا للاستخدام في المناطق المدنية الحساسة.
ابتكار "نظيف" يحمي المطارات
يستخدم صاروخ Kreuger 100 حساسات بالأشعة تحت الحمراء لتتبع الطائرات المسيَّرة العدائية، ثم يصطدم بها بسرعة عالية ليُسقطها من دون أي تفجير.
وقال كارل روزاندر، الرئيس التنفيذي لشركة NAD، في تصريح لصحيفة التليغراف البريطانية: "نحن لا نريد إطلاق متفجرات فوق المطارات. نظامنا يعتمد فقط على القوة الحركية، ما يجعله آمنا للشرطة وللاستخدام المدني".
وأوضح روزاندر أن الصاروخ يعمل بالكهرباء بالكامل، ويمكن إطلاقه من أجهزة متعددة مثل بنادق محمولة أو صناديق إطلاق أو أنظمة مركبة على سيارات، ما يمنح السلطات مرونة كبيرة في التعامل مع التوغلات الجوية المفاجئة.
حل اقتصادي بمفعول عسكري
الميزة الأبرز للنظام الجديد هي تكلفته المنخفضة جدا، إذ تُقدّر كلفة الصاروخ الواحد بنحو 5000 دولار فقط، أي أقل بنحو 16000 مرة من ثمن مقاتلة من طراز F-35 التي يستخدمها حلف الناتو لاعتراض الطائرات المسيَّرة فوق أوروبا.
ويأتي هذا في وقت حذّر فيه الأمين العام لحلف الناتو مارك روته من عدم منطقية "استخدام صواريخ بملايين الدولارات لإسقاط طائرات مسيَّرة لا تتجاوز قيمتها ألفي دولار".
ويؤكد خبراء أن هذا الابتكار قد يغير معادلة الكلفة في الحروب الحديثة، لا سيما في مواجهة الهجمات الروسية التي تعتمد على طائرات مسيَّرة منخفضة الثمن في ساحات مثل أوكرانيا وأوروبا الشرقية.
تهديد متصاعد في سماء أوروبا
شهدت الأسابيع الأخيرة سلسلة من التوغلات الجوية بطائرات مسيَّرة يُعتقد أنها روسية في ألمانيا والدنمارك والنرويج.
في مطار ميونيخ، على سبيل المثال، أُغلقت المدارج ليلا بعد رصد طائرات مسيَّرة مجهولة، ما أدى إلى تأخير أو إلغاء أكثر من 10 رحلات وبقاء مئات الركاب عالقين حتى الصباح.
كما رُصدت طائرات مسيَّرة أخرى فوق مصافي وقود ومحطات طاقة في ولاية شليسفيغ هولشتاين الألمانية، وفي مواقع عسكرية في الدنمارك، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى إطلاق تحرك عاجل لتقوية الدفاعات الجوية ضد الطائرات المسيَّرة.
بين جدار الطائرات المسيَّرة والحلول المحلية
يناقش الاتحاد الأوروبي حالياً خطة لبناء ما يسمى "جدار الطائرات المسيَّرة"، وهو شبكة دفاعية تغطي الجناح الشرقي لأوروبا الممتد مع روسيا وبيلاروسيا، بهدف رصد وإسقاط أي طائرات مسيَّرة معادية قبل دخولها المجال الجوي الأوروبي.
لكنّ خبراء حذروا من أن المشروع قد يكون مكلفاً ومعقداً للغاية، خصوصاً أنه يتطلب توحيد أنظمة الرادار والدفاع بين دول الاتحاد كافة.
وقال روزاندر: "لكي ينجح هذا المشروع، تحتاج أوروبا إلى معيار موحد لكل دولة، وهذا تحدٍ سياسي وتقني كبير."
في المقابل، تتجه بعض الدول الأوروبية إلى حلول وطنية أسرع وأقل تكلفة، مثل السماح للجيوش بإسقاط الطائرات المسيَّرة فوق البنى التحتية الحيوية، كما تخطط ألمانيا، أو فرض حظر شامل للطائرات المسيَّرة المدنية في أوقات حساسة كما فعلت الدنمارك مؤخرا.
الطريق إلى دفاع مرن وذكي
تؤكد التطورات الأخيرة أن التهديد المسيَّر أصبح تحديا يوميا لأمن أوروبا، وأن الحاجة إلى أنظمة دفاع منخفضة التكلفة وفعالة أصبحت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى.
ويرى خبراء الدفاع أن نظام Kreuger 100 السويدي قد يشكّل الحل الوسطي المثالي بين الأمان والكلفة، وأنه يمكن أن يصبح جزءاً رئيسياً من منظومة الدفاع الأوروبية الجديدة ضد الطائرات المسيَّرة، سواء في المطارات أو في مناطق النزاع المفتوحة.