آخر الأخبار

إسرائيل تستهدف قطر.. تساؤلات بشأن حدود التنسيق مع أميركا

شارك
إسرائيل استهدفت قيادات حماس في قطر

أعاد الهجوم الإسرائيلي في الدوحة خلط الأوراق السياسية والأمنية في المنطقة، ليس فقط بسبب استهداف قيادات من حركة حماس على أرض دولة حليفة للولايات المتحدة، بل أيضاً لأنه فتح ملفاً بالغ الحساسية يتعلق بعلاقة واشنطن بتل أبيب، وحدود التنسيق بينهما، وأيضاً موقف العواصم الخليجية.

ما دار خلف الكواليس – وفق شهادات وتحليلات خبراء – يشي بأن العملية الإسرائيلية لم تكن مجرد ضربة عسكرية، بل خطوة سياسية بامتياز، تكشف حجم التشابك بين الحسابات الإسرائيلية الداخلية، والاعتبارات الأميركية، وتوازنات المنطقة.

واشنطن بين العلم المسبق والتنسيق الغامض

يرى محلل الشؤون الأميركية في سكاي نيوز عربية موفق حرب خلال حديثه إلى غرفة الأخبار على "سكاي نيوز عربية" أن ما جرى يثير أسئلة أساسية: متى علمت الولايات المتحدة بالهجوم؟ وهل أُبلغت قطر في وقت يسمح بتحذير الوفد الحمساوي المستهدف؟

ويضيف أن وجود قاعدة أميركية ضخمة في قطر يجعل من المستحيل تنفيذ أي ضربة إسرائيلية في الأجواء القطرية من دون أن تكون القوات الأميركية على علم مسبق، حتى لو لم يصدر تنسيق رسمي.

لكن الإشكالية، بحسب حرب، تكمن في طبيعة الإخطار: هل اقتصر على إعلام البيت الأبيض بعد بدء العملية، أم جرى نقاش مسبق أتاح للدوحة أن تبلغ الوفد الفلسطيني؟.. هنا يبرز ما يسميه “المجهول السياسي”، إذ لم يتضح إن كان فشل الضربة في قتل جميع القيادات المستهدفة يعود إلى تحذير ما، أم إلى حسابات ميدانية إسرائيلية بحتة.

إسرائيل وتاريخ الاغتيالات العابرة للحدود

يشير حرب أيضاً إلى أن سلوك إسرائيل في هذه العملية ليس جديداً، فهي اعتادت على خرق سيادات دول أخرى لتنفيذ اغتيالات ضد قادة فلسطينيين، من تونس إلى بيروت و باريس.

الاختلاف هنا أن المسرح كان قطر، الدولة التي تستضيف أكبر قاعدة أميركية في المنطقة، وتلعب دور الوسيط في ملفات حساسة، ما يجعل العملية أكثر تعقيداً وجرأة.

ويضيف أن إسرائيل لطالما اعتمدت على الدعم الأميركي ليس فقط عسكرياً، بل أيضاً سياسياً في المؤسسات الدولية، حيث تتحمل واشنطن عبء حماية تل أبيب من أي إدانة أو عقوبة في مجلس الأمن.

يذهب الأستاذ الزائر في الناتو والأكاديمية الملكية العسكرية ببروكسل، سيد غنيم، خلال مداخلته إلى القول إن العملية لم تكن لتتم دون ضوء أخضر أميركي، لكن التوقيت يظل موضع تساؤل: هل كان الإذن مبكرا كما حدث عند ضرب إيران في يونيو الماضي، أم جاء في اللحظات الأخيرة؟.

ويشير إلى أن قطر نفسها قالت إنها أُبلغت متأخرة جداً، وربما بعد بدء الهجوم. وهو ما يعكس – وفق تحليله – إشكالية كبرى: إذا كانت واشنطن تؤخر إخطار حلفائها، فكيف يمكن لدول الخليج أن تثق بالضمانات الأمنية الأميركية؟.

ويضيف غنيم أن العملية نفذت على الأرجح من خارج الأجواء القطرية، باستخدام طائرات بعيدة المدى، ما سمح لإسرائيل بتجنب الاصطدام المباشر بالدفاعات الجوية القطرية أو الأميركية. وهنا يظهر عنصر آخر: الدعم الاستخباراتي الأميركي، الذي قد يكون اقتصر على المعلومات والمراقبة عبر الأقمار الصناعية.

من جانبه، يؤكد المتخصص في الشؤون الفلسطينية وائل محمود أن النقاش حول توقيت الإخطار أو تفاصيل التنسيق لا يجب أن يحجب الجوهر: إسرائيل اعتدت على سيادة دولة ذات ثقل سياسي ودبلوماسي.

ويصف ما جرى بأنه “طلقة قاتلة” لمسار التسوية في المنطقة، لأن استهداف قيادات فلسطينية في الدوحة لا يعني فقط ضرب الوساطة القطرية، بل إنهاء الثقة بأي عملية تفاوضية ترعاها الولايات المتحدة أو حلفاؤها.

ويضيف محمود أن الإمارات والسعودية ومصر لم تضع خطوطاً حمراء عبثاً، بل استشعاراً مبكراً لخطورة انزلاق إسرائيل نحو مزيد من التطرف والتمادي في تجاوز السيادات، ما يهدد الاستقرار الإقليمي برمته.

التداعيات على علاقة واشنطن بالخليج

ترك الهجوم الاسرائيلي تساؤلات قاسية لدى دول الخليج: هل تستطيع الولايات المتحدة أن تقدم ضمانات حقيقية لحلفائها إذا كانت عاجزة عن منع إسرائيل من تنفيذ ضربة في قلب الدوحة؟

تصريحات البيت الأبيض التي طمأنت أمير قطر بأن ما جرى “لن يتكرر” لم تبدد الشكوك، بل على العكس، غذّت شعوراً بأن واشنطن قد تضع مصالح إسرائيل فوق أي اعتبارات أخرى، حتى لو تعارضت مع أمن شركائها الاستراتيجيين.

قراءة في حسابات نتنياهو

يُجمع الخبراء على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أجرى موازنة دقيقة قبل الإقدام على الهجوم:

• الخسائر المحتملة: غضب قطر أو استياء ترامب.

• المكاسب السياسية: تعزيز صورته أمام الرأي العام الإسرائيلي بعد عمليات في القدس، وإظهار إسرائيل كقوة لا تتردد في ضرب خصومها حتى في عواصم محصنة.

وبحسب موفق حرب، فإن نتنياهو قدّر أن تداعيات العملية قابلة للاحتواء، وأن الغضب العربي يمكن استيعابه عبر قنوات واشنطن.

المنطقة أمام اختبار ثقة

عملية الدوحة لم تكن مجرد ضربة عسكرية فاشلة أو ناجحة ضد قيادات من حماس، بل محطة مفصلية تكشف عمق الأزمة في معادلة الأمن الإقليمي.

فمن جهة، أثبتت إسرائيل أنها مستعدة لتجاوز أي خطوط حمراء في سبيل مصالحها الأمنية. ومن جهة أخرى، وضعت واشنطن في موقع المتهم بالتواطؤ أو العجز عن حماية حلفائها.

الأكيد أن هذه العملية ستترك أثراً طويلاً على مسار العلاقة بين الخليج والولايات المتحدة، وعلى صورة إسرائيل كدولة تضرب حيث تشاء متكئة على غطاء أميركي، ولو كان ذلك في قلب الدوحة.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا