رفضت إسرائيل بشدة الانتقادات الدولية عقب مصادقة مجلسها الوزاري الأمني على خطة للسيطرة على مدينة غزة، فيما أعلن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعقد جلسة الأحد لبحث القرار.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن الدول التي تدين إسرائيل وتهدد بفرض عقوبات "لن تضعف عزيمتنا". مضيفاً "سيجدنا أعداؤنا يداً قوية وموحَّدة ستضربهم بقوة كبيرة"، وذلك في أعقاب موجة إدانات للخطة الجديدة.
وكان المجلس الوزاري الأمني المصغّر في إسرائيل (الكابينت)، قد صدّق، فجر الجمعة، على خطة عسكرية للسيطرة على مدينة غزة.
قال مسؤولون أمميون إنه تم تأجيل الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي إلى يوم غد الأحد، لبحث خطة إسرائيل لاحتلال مدينة غزة.
وكانت ثلاثة مصادر دبلوماسية قد أفادت في وقت سابق بأن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سيعقد اجتماعاً اليوم السبت لمناقشة خطة إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة.
ويُعقد الاجتماع المرتقب بناءً على طلب عدة أعضاء في مجلس الأمن، أولهم المندوب الفلسطيني، بحسب ما أفاد به أحد الأعضاء، في ظل قلق دولي متزايد إزاء الخطة الإسرائيلية.
جاء القرار بعد تصريحات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أكد فيها أن إسرائيل تعتزم السيطرة عسكرياً على كامل قطاع غزة، رغم الانتقادات الداخلية والخارجية.
وتستعد القوات الإسرائيلية، وفق البيان الصادر عن مكتب نتنياهو، للسيطرة على المدينة مع توزيع مساعدات إنسانية على المدنيين خارج مناطق القتال.
وتٌشير الخطة إلى أن الجيش يسيطر حالياً على نحو ثلاثة أرباع القطاع، وأن المرحلة المقبلة تستهدف السيطرة على المناطق التي تضم أكثر من مليوني فلسطيني، معظمهم من النازحين.
تضمنت الخطة خمسة مبادئ لإنهاء الحرب: نزع سلاح حماس، إعادة جميع المختطفين، جعل غزة منطقة منزوعة السلاح، فرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية، وإنشاء إدارة مدنية بديلة لا تتبع حماس أو السلطة الفلسطينية.
وبحسب التقارير الإسرائيلية، تشمل المراحل الأولى السيطرة الكاملة على مدينة غزة، ونقل نحو مليون من سكانها إلى جنوب القطاع، والسيطرة على مخيمات اللاجئين في وسط غزة والمناطق التي يُعتقد بوجود رهائن فيها، يلي ذلك هجوم ثانٍ بعد أسابيع بالتوازي مع زيادة المساعدات الإنسانية.
وأثار الإعلان عن الخطة معارضةً واسعةً داخل إسرائيل، بما في ذلك من مسؤولين عسكريين وعائلات المحتجزين في غزة.
ووصف زعيم المعارضة يائير لابيد الخطة بأنها "كارثة" ستؤدي إلى مقتل الرهائن والجنود، وقال إنها تتعارض مع الرأي العسكري والأمني، فيما اعتبر رئيس الوزراء السابق بيني غانتس الخطة "فشلاً سياسياً" يبدد إنجازات الجيش، وحذر رئيس الأركان إيال زامير من تبعات العملية.
وقال منتدى عائلات الرهائن الإسرائيليين إن الحكومة "حكمت بالإعدام على الرهائن وتخلت عنهم"، فيما حذر المنتدى من أن حياة العشرين الذين يُعتقد أنهم ما زالوا على قيد الحياة ستكون في خطر.
وقالت حركة حماس إن الخطة تمثل "جريمة حرب جديدة" و"تطهيراً عرقياً" بحق سكان غزة، وإنها ستكلّف إسرائيل ثمناً باهظاً.
وأكدت أن القرار يعني التضحية بالرهائن وأنه جاء بعد انسحاب إسرائيل من محادثات كانت قريبة من التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار.
الحركة أوضحت أنها أبدت مرونة خلال المفاوضات مع الوسطاء القطريين والمصريين، لكنها حذرت من أن أي محاولة لتنفيذ الخطة ستواجه مقاومة شديدة، محملة الولايات المتحدة المسؤولية عن دعم إسرائيل.
واعتبرت الرئاسة الفلسطينية الخطة، "جريمة مكتملة الأركان تمثل استمراراً لسياسة الإبادة الجماعية والقتل الممنهج والتجويع والحصار، وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وقرارات الشرعية الدولية".
وقال المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، إن عدداً من الدول يطالب بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن على خلفية قرار إسرائيل بالسيطرة على مدينة غزة، بهدف حثّها على التراجع عن "هذا التصعيد الخطير للغاية".
واعتبر أن الخطوة "تتناقض تماماً مع القانون الدولي وإرادة المجتمع الدولي والمنطق السليم وحتى رغبة غالبية الشعب الإسرائيلي".
وحذر المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك من أن أي تصعيد إضافي سيؤدي إلى مزيد من التهجير القسري، والقتل، والمعاناة، والدمار العبثي، وارتكاب فظائع.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش القرار بأنه "تصعيد خطير" يفاقم الكارثة الإنسانية، ودعا لوقف دائم لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات دون عوائق.
وقالت المقرّرة الأممية فرانشيسكا ألبانيزي إن "يصعب تصور مدى الأذى الذي قد يتسبب به [نتنياهو]، فالغزيون يعيشون أصلاً في وضع منهار بالكامل"، منتقدة الخطة بشدة، ومؤكدة أن محكمة العدل الدولية اعتبرت الاحتلال الإسرائيلي لغزة "غير قانوني" ويجب تفكيكه.
أثار قرار إسرائيل توسيع حربها في غزة إدانات من دول عدة فيما دفعت الخطوة ألمانيا إلى وقف صادراتها العسكرية إلى إسرائيل.
تالياً ردود فعل الدول:
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى وجود مناطق في وسط غزة وعلى الساحل المتوسطي لا تحتلها إسرائيل، من بينها مخيمات اللاجئين التي يقطنها الآن جزء كبير من سكان القطاع بعد تدمير منازلهم بفعل العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وهُجرت الغالبية العظمى من سكان غزة بسبب الحرب، وكثير منهم تعرض للنزوح أكثر من مرة.
وأدت الحرب إلى خلق كارثة إنسانية في قطاع غزة، إذ يقول خبراء -تدعمهم الأمم المتحدة- إن أجزاءً واسعة من القطاع وصلت إلى مرحلة المجاعة.
كما يعاني السكان من حرمان واسع النطاق نتيجة القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل على ما يُسمح بدخوله إلى القطاع، وهي تقول إن الهدف منها إضعاف حركة حماس.
وقال مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، إن شهر يوليو/تموز كان الأسوأ من حيث حالات سوء التغذية الحاد لدى الأطفال في غزة، حيث أصاب ما يقرب من 12 ألف طفل دون سن الخامسة.
وبدأت الحرب بعد أن شنت حماس هجوماً على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص واحتجاز 251 رهينة نُقلوا إلى غزة. وردّت إسرائيل بهجوم عسكري واسع النطاق أسفر، بحسب وزارة الصحة في غزة، عن مقتل ما لا يقل عن 61,158 فلسطينياً.