"فقراء وضعفاء وجوعى"، هكذا تصف بعض النساء اليمنيّات وضعهن في ظل تدهور الأوضاع في بلادهن، إذ أجبرن على انتهاج "استراتيجيات تأقلم سلبية" للبقاء بحسب صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن.
تحدثت بعض النساء اليمنيات المتضررات من الحرب عن تجاربهن لبرنامج "يوميات الشرق الأوسط" بي بي سي شريطة عدم ذكر اسمهن.
تقول سيدة يمنية من محافظة حجة في اليمن، إنها اضطرّت للخروج و"التسول في الشوارع لتحصل على وجبتي الغداء والعشاء"، وتضيف: "نشحت قيمة الأكل ومصاريف أبنائنا، ليس لدينا ما نأكله أو نشربه حتى مع التسول ومد اليد لسؤال الناس" في إشارة إلى الوضع الصعب الذي تشهده بعض مناطق اليمن.
وبحسب معهد صنعاء للدراسات الاستراتيجية، فقد تضررت فرص العمل الخاصة للنساء بنسبة 28 في المئة مقارنة بانخفاضها بنسبة 11 في المئة بالنسبة للذكور بسبب الصراع الدائر.
وتقول سيدة أخرى من أحد مخيمات النزوح في مدينة حجة لبي بي سي إن "هذا الوضع ليس وضعي فقط، هذا وضع جميع الناس في المخيم"، مشيرة إلى أن "منظمة الغذاء العالمي تعطينا كل خمسة أشهر غذاء لا يكفي حاجتنا، حتى الماء ليس متوفر بالخيمة، ولا فراش لننام عليه، نحن في أمس الحاجة لأي وكل شيء".
وأوضحت أنها تعيش في منزل تقيم فيه خمس أسر، و"اضطررت للتسول ومد اليد فقط لتحصل على قيمة القليل من الغذاء"، مشيرة إلى أنه و"مع ذلك كثيراً لا نحصل عليه وننام جياع".
وتقول إحدى السيدات لبي بي سي إن "المنظمات الإنسانية لا تأتي إلينا ولا تصل إلى هذا المخيم، وأنا لا اشتري لأسرتي إلا الخبز فتراكم علي دين يقدر بألف ريال يمني لصاحب المخبز ما اضطرني للتسول لسداد الدين ولشراء طعام لأسرتي".
وتضيف السيدة أنها تضطرّ "يومياً للتسول وطلب المال من مالكي السيارات منهم من يعطيني ومنهم من يرفض، وبعضهم قد يعطيني مائة ريال وبعضهم قد يعطيني عشرين، المهم هو أنني أجمع المال بهذه الطريقة طوال النهار، وفي نهايته أقوم بعده وعلى قدره اشتري طعاماً لأسرتي".
وتقول تقارير صندوق الأمم المتحدة للسكان إن 26 في المئة من الأسر النازحة في اليمن تعيلها نساء، فيما بلغت نسبة النساء والأطفال بين النازحين 77 في المئة، ما يجعل عدد النساء الفقيرات المعيلات للأطفال مرتفع بشكل ملحوظ في اليمن.
ويعزو الدكتور علان فضائل مدير فرع الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية في محافظة حجة، تدهور أوضاع النساء تحديداً إلى قصف المنشآت التنموية التي كانت مسؤولة عن تشغيل عدد كبير من الأيدي العاملة من الرجال والنساء.
ويوضح علان أن ذلك تسبب في ارتفاع نسبة البطالة وصعوبة الحصول على فرص العمل، مشيراً إلى الأثر المباشر للنزاعات المسلحة التي تسبب بمقتل العديد من المعيلين للأسر ما أثقل كاهل النساء ودفعهن لتحمل أعباء رعاية أسرهن، والبحث عن فرص العمل التي أصبحت شبة مستحيلة خاصة بالنسبة للنساء اللاتي لا يحملن مؤهلات علمية.
ويرى علان أن التسول ليس هو النتيجة الوحيدة للظروف التي تمر بها النساء اليمنيات، فالكثير منهن لجأن لتجميع علب البلاستيك من مكبات النفايات لبيعها وتوفير لقمة العيش.
كما اعتبر علان أن من الأسباب الأخرى التي فاقمت معاناة النساء، "ارتفاع الأسعار وانعدام الدخل في ظل الحصار المتواصل والمفروض على اليمن حتى قبل النزاع العسكري الأخير، وانقطاع مرتبات الموظفين لأكثر من عشر سنوات بسبب نقل البنك المركزي، وتشريد النازحين بعد قصف مناطقهم وتدمير منازلهم وممتلكاتهم ومصادر دخلهم، وارتفاع إيجار المنازل على النازحين من قبل ملاك المنازل في المدن مما يصعب على النساء الوفاء بالالتزامات وتوفير الاحتياجات الضرورية لأسرهن، فضلاً عن انخفاض المشاريع التي تستهدف النازحين وتسهم في توفير احتياجات نتيجة لسياسات المنظمات وتأثرها بالقرارات العالمية".
وفي ظل تدهور الوضع الإنساني في اليمن، أعلنت أكثر من مائة منظمة إغاثية من بينها وكالات أممية ومنظمات دولية ومحلية عن تقليص أو تعليق أنشطتها بسبب النقص الحاد في التمويل، من أبرزها برنامج الأغذية العالمي، ما دفع العديد من النساء في اليمن للاختيار ما بين "التسول أو الجوع" كما يقلن.
وفي هذا السياق، يقول خالد سلطان رئيس مؤسسة "وئام للتمكين" المحلية في تصريح لبي بي سي، إن عمل العديد من المنظمات الإغاثية الأممية توقف بسبب انعدام الأمن وتدخلات الأطراف المتصارعة، والقيود الإدارية إضافة إلى شح التمويلات من الجهات المانحة ما أثر بشكل كبير على الاستجابات الإنسانية وتوفير الخدمات المنقذة للحياة.
وأضاف سلطان أن المنظمات المحلية تأثرت بتوقف الدعم الدولي وتوقفت أعمالها الخيرية وأنشطتها الإغاثية التي كانت تتم بمشاركة المنظمات الأممية، ونتج عن ذلك فقدان التمويل بالكامل ما أدى لهجرة الكوادر البشرية، وزاد من ضعف البنية الأساسية في البلاد.