آخر الأخبار

تصريحات توماس باراك تثير ردودا لبنانية متباينة

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

بيروت- أثارت تصريحات المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا والسفير لدى تركيا توماس باراك تفاعلا واسعا في الأوساط السياسية اللبنانية، بعد حديثه عن الأوضاع في المنطقة والمقارنة بين لبنان و سوريا ، إذ اعتبرتها بعض الأطراف تدخلا غير مقبول يمس سيادة لبنان.

وقال باراك في مقابلة مع صحيفة "ذا ناشيونال" إن "لبنان يواجه خطر الوقوع في قبضة قوى إقليمية، ما لم تُعالج بيروت مسألة مخزونات أسلحة حزب الله "، محذرا من أن "البلاد قد تواجه تهديدا وجوديا". وجاء في تصريحاته أيضا "إذا لم يتحرّك لبنان، فسيعود إلى بلاد الشام من جديد".

وبينما حذرت بعض القوى اللبنانية من تصريحات باراك واعترضت عليها، رأت جهات أخرى أن المبعوث الأميركي عاد ووضح موقفه في منشورات على حسابه، مما يجعل الرؤية الأميركية واضحة لجهة ضرورة حصر السلاح بيد الجيش اللبناني .

وفي محاولة لاحتواء الجدل، غرد باراك عبر منصة "إكس" موضحا أن تصريحاته "أشادت بالخطوات الكبيرة التي قطعتها سوريا نحو الإصلاح، ولم تكن تهديدا للبنان"، مع التأكيد على دعم واشنطن لعلاقة متساوية بين لبنان وسوريا.

رؤية واشنطن

من جانبه، رأى مسؤول جهاز الإعلام في حزب القوات اللبنانية شارل جبور أن التصريحات الأولى قد سُحبت من التداول بعد أن جرى تصويبها بوضوح.

وأكد جبور للجزيرة نت أن موقف واشنطن واضح لا لبس فيه، إذ تشدد الإدارة الأميركية على ضرورة وضع جدول زمني لاحتكار الدولة اللبنانية وحدها للسلاح، معتبرة أن استمرار تعدد مصادر القرار الأمني يُبقي لبنان في خانة "الدولة الفاشلة".

وأشار إلى أن باراك قدّم مقاربة بين لبنان وسوريا، لافتا إلى أن الأخيرة باتت أكثر انسجاما مع مسار التحولات الإقليمية، بينما لا يزال لبنان متأخرا نتيجة عجز الدولة عن بسط سلطتها وفرض سيادتها.

وأوضح أن باراك تحدث بصراحة عن هذه المفارقة، حيث اعتبر أن سوريا تتقدم إلى الأمام، في حين أن لبنان يراوح مكانه، وهذا -بحسب جبور- يتطلب معالجة جدية من خلال تعزيز موقع الدولة كمصدر وحيد للقرار الأمني والعسكري.

إعلان

وكان جبور قد صرح، عقب لقاء باراك برئيس الجمهورية جوزيف عون في القصر الجمهوري، بأن "لبنان يقف اليوم أمام مفترق حاسم، إما أن يبقى رهينة حالة اللا دولة، أو أن يتجه نحو بناء دولة حقيقية تحتكر السلاح، وتتمكن من الاستفادة من الانسحاب الإسرائيلي، ومن الفرص الاقتصادية التي قد تلي ذلك"، وهذا -برأيه- هو "جوهر الرؤية الأميركية تجاه لبنان".

مصدر الصورة باراك أكد لاحقا أن تصريحاته لم تكن تحمل تهديدا للبنان (الأوروبية)

لا خلفيات جدّية

يقول الكاتب السياسي صلاح تقي للجزيرة نت إن "ما طُرح كان أقرب إلى المزاح"، مشيرا إلى أن المبعوث الأميركي عاد ووضح مقصده، مؤكّدا أن "على سوريا الانشغال بأوضاعها الداخلية قبل أي شأن خارجي"، ويرى أن الحديث عن ضم لبنان "غير منطقي في ظل هشاشة الوضع السوري نفسه".

ويعتبر تقي أن التصريحات جاءت في إطار حثّ السلطات اللبنانية على تنفيذ الإصلاحات والاستجابة للمطالب، ولا تحمل خلفيات جدية، خصوصا بعد سلسلة التوضيحات التي صدرت بشأن موقف توماس باراك.

مصدر الصورة الموسوي: واشنطن شكلت غطاء لاستمرار الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية على لبنان (مواقع التواصل)

رفض قاطع

في المقابل، حذر عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان اللبناني، النائب عن حزب الله، إبراهيم الموسوي، من خطورة التصريحات التي أطلقها المبعوث الأميركي توماس باراك، والتي لمح فيها إلى "إعادة لبنان إلى بلاد الشام التاريخية".

ووصف الموسوي هذه التصريحات بأنها "تكشف بوضوح عن معالم المشروع الأميركي-الصهيوني للمنطقة، ولبنان في صلبه"، مضيفا أن باراك "يتجاهل حقيقة لبنان كبلد لا يرضخ للتهديد، ولا يساوم على سيادته، بل هو بلد المقاومة والصمود، الذي روى أرضه بدماء أبنائه دفاعا عن كرامته واستقلاله".

ودعا الموسوي الحكومة اللبنانية إلى الرد الحازم على ما وصفها بـ"التصريحات الاستعلائية والعدائية"، مطالبا وزارة الخارجية باستدعاء السفيرة الأميركية ليسا آن جونسون، وتسليمها رسالة احتجاج رسمية.

وأضاف أن على الدولة اللبنانية أن "توضح للإدارة الأميركية ضرورة احترام سيادة لبنان ووحدة أراضيه، والتوقف عن التدخل في شؤونه الداخلية"، مشيرا إلى أن واشنطن لم تلتزم حتى الآن بتعهداتها كضامن لوقف إطلاق النار بموجب القرار 1701 ، بل شكلت، بحسب تعبيره، "غطاء لاستمرار الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية على لبنان".

رسالة ضغط

من ناحيته، يرى المحلل السياسي توفيق شومان أن تصريح المبعوث الأميركي يُشكّل نوعا من التهويل السياسي والضغط المباشر على لبنان، رغم أنه يتأثر -إلى حدّ ما- بخطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، لا سيما ما يتصل بإعادة تشكيل الخرائط الكيانية في المنطقة.

ويضيف شومان للجزيرة نت أن "سيناريوهات تغيير الخرائط الجيوسياسية ليست مطروحة في الوقت الراهن"، مشددا على أن أي عبث بالجغرافيا السياسية للدول والكيانات قد يفتح الباب أمام اضطرابات واسعة النطاق تمتد إلى دول أخرى، مما يجعل من هذا الطرح محفوفا بالمخاطر.

ويعتبر أن الدول الإقليمية -حتى تلك التي تُصنَّف ضمن حلفاء النظام السوري- لن تتبنّى مثل هذا الطرح، "لأن أي تغييرات داخلية في تلك الدول قد تجعلها هي نفسها عرضة للمصير ذاته، الأمر الذي يعزز من منطق الحذر والتريث في التعامل مع هذه الأفكار".

وعلى الرغم من التوضيحات التي قدّمها باراك لاحقا، يعتقد شومان أن ما صدر عنه لا يندرج في سياق الوساطة أو العمل الدبلوماسي، بل أقرب إلى رسالة ضغط مباشرة على الدولة اللبنانية، في محاولة لحثّها على الضغط بدورها على حزب الله.

إعلان

ويرجّح شومان أن تشهد المرحلة المقبلة، وتحديدا خلال المهلة الزمنية التي أشار إليها باراك والمقدّرة بـ90 يوما، مزيدا من التصريحات الضاغطة والمواقف المماثلة.

وبرأيه، فإن الظروف الراهنة لا تتيح لدمشق تكرار دورها في لبنان كما حصل في عام 1976، حين دخلت القوات السورية بغطاء عربي ودولي، فالمشهد اليوم مختلف كليا، والمقومات السورية لا تؤهلها للعب أدوار خارج حدودها.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا