آخر الأخبار

دمشق هي الخيار الوحيد.. ماذا تعني نصيحة مبعوث ترامب لـ قسد؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

خلافات بشأن كيفية دمج " قسد" في الجيش السوري

في لحظة فارقة من مسار الأزمة السورية المعقدة، حملت تصريحات المبعوث الأميركي توم باراك رسالة صريحة إلى قوات سوريا الديمقراطية: لا مفر من دمشق.

جاء ذلك وسط تصاعد الخلافات بين "قسد" و الحكومة السورية، على خلفية تنفيذ بنود اتفاق مارس الذي وقّعه الرئيس أحمد الشرع والقائد الكردي مظلوم عبدي. وبينما تصر دمشق على إعادة دمج "قسد" في مؤسسات الدولة تحت مظلة وزارة الدفاع، تتمسك الأخيرة بمطالب سياسية وإدارية تسعى إلى ترسيخ حكم لامركزي وهيكل عسكري مستقل.

في هذا السياق، يلوح في الأفق سيناريو هش يتأرجح بين الانفراج السياسي والانهيار الكامل للاتفاق، وسط انقسامات داخلية كردية وضغوط أميركية متزايدة.

بنود مُعلّقة واتفاق يتعثر

في حديثه الى سكاي نيوز عربية، أكد قال الكاتب والبحث السياسي مصطفى النعيمي أن التفاهم الموقع بين الشرع وعبدي كان يفترض أن يُترجم إلى واقع تدريجي يشمل إعادة صهر "قسد" ضمن المؤسسة العسكرية السورية. غير أن "المماطلة" التي اتهم بها قيادة "قسد" أدت إلى تعثر المسار، خاصة في المناطق التي لا تزال تحت إدارتها، رغم إحراز تقدم محدود في محيط مدينة "تشريخ".

النعيمي أشار إلى أن واشنطن وجهت رسالة لا تحتمل التأويل مفادها أن مستقبل "قسد" يمر فقط عبر دمشق، وهو ما يعكس توافقاً ضمنياً بين الرؤية الأميركية والحكومة السورية، التي ترى أن أي اندماج لا يمكن أن يكون عبر كيان مستقل بل ضمن الهياكل الرسمية.

خلاف كردي-كردي يعمق الفجوة

من داخل البيت الكردي، تبرز انقسامات تعرقل أي اتفاق نهائي. فبينما يبدي مظلوم عبدي مرونة نسبية، تتخذ القيادية إلهام أحمد موقفا أكثر تشددا، ما أدى إلى تصدع داخلي في صفوف "قسد".

هذه الانقسامات لا تهدد فقط المفاوضات مع دمشق، بل تضعف الموقف التفاوضي العام، وتُقلص من فرص الدمج السياسي والعسكري.

في السياق ذاته، اعتبر النعيمي أن بعض الأطراف داخل "قسد" تسعى إلى الجمع بين البندقية والسياسة، وهو أمر صعب التحقيق في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية. كما لفت إلى أن أطرافا خارجية قد تستثمر في عودة "البندقية المأجورة" لتنظيم الدولة بهدف التشويش على مسار التسوية.

حكومة الشرع والمرحلة الانتقالية

يرى النعيمي أن الحكومة السورية الحالية، بقيادة الرئيس أحمد الشرع، تنتهج مقاربة قائمة على "الصبر الاستراتيجي" في إدارة ملف الشمال الشرقي، وتسعى إلى إعادة تشكيل الدولة على أسس وطنية جامعة، تنهي ما وصفه بـ"الحقبة المظلمة" لبشار الأسد. وأكد أن الدولة السورية الجديدة تبني شراكات دولية فاعلة، وأن دمشق تمارس المرونة تجاه ملفات شائكة كإدارة المعابر، وتفادي المواجهات المسلحة، رغم تعنت بعض الأطراف.

ويضيف أن الحكومة السورية تعمل على بناء سوريا جديدة قائمة على المشتركات الوطنية، وإعادة جميع السوريين – بمختلف انتماءاتهم – إلى طاولة المشاركة السياسية والأمنية والإدارية.

وفد ينتظر أبواب دمشق المغلقة

من جهة أخرى، تحدث مدير وكالة "نورث"، هوشينك حسن، عن زوايا أخرى تعكس بطء تجاوب الحكومة السورية مع الطرح الكردي. فقد أعلن وفد كردي، عقب مؤتمر جامع عُقد قبل شهرين، عن استعداده للتوجه إلى دمشق بهدف مناقشة حل للقضية الكردية، إلا أن الحكومة لم تُظهر أي تجاوب حتى الآن.

أبرز المطالب المطروحة من الوفد الكردي تشمل الاعتراف باللغة الكردية، تسوية أوضاع المحرومين من الجنسية، والاعتراف بالكرد كثاني قومية في سوريا. ويرى حسن أن بناء الثقة مع دمشق يتطلب خطوات عملية تبدأ من إنهاء انتهاكات الجيش الوطني المدعوم من تركيا في عفرين، وعودة النازحين، إضافة إلى خطوات سياسية ودستورية واضحة تعترف بخصوصية شمال شرق سوريا.

"قسد" بين الالتزام والضغوط

ورغم الانتقادات التي وجهها 34 حزبا كرديا للمبعوث الأميركي بسبب اتهام "قسد" بالمماطلة، إلا أن فحوى رسالته بشأن ضرورة التوجه إلى دمشق لم تلقَ رفضاً من "قسد" ذاتها. بل إن الأخيرة، بحسب تصريحات هوشينك، ما زالت ترى في الحوار مع الدولة السورية خياراً مبدئيا.

لكن نقطة الخلاف الجوهرية تبقى في تفسير كلمة "اندماج". فدمشق تسعى إلى إدماج "قسد" بالكامل في مؤسسات الدولة، بينما تصر الأخيرة على الحفاظ على خصوصية حكمها وهيكليتها العسكرية.

حوار يجري بلا بنادق لكن وسط ألغام سياسية

رغم التعقيدات، يرى هوشينك حسن أن الأهم هو استمرار الحوار في دمشق، بين سوريين يختلفون في الأيديولوجيا والرؤية، لكنهم باتوا متفقين على استبعاد الحل العسكري. ويؤكد أن الاختلافات في الرؤية هي جزء طبيعي من عملية بناء الدولة بعد سنوات من الحرب والانقسام.

وبينما يبقى باب الحوار مفتوحاً، فإن النقاط العالقة - من إدارة المعابر إلى الملف الدستوري والحقوق الثقافية - لا تزال دون حلول عملية. وفي ظل غياب تمثيل حقيقي للإدارة الذاتية في تشكيل الحكومة أو المؤتمرات الوطنية، تبقى الثقة مهزوزة من جهة القوى الكردية، وهو ما يتطلب تحركاً سياسياً سورياً جاداً لترميم هذه الهوة.

في ضوء المعطيات الراهنة، يبدو أن الاتفاق بين دمشق و"قسد" يواجه اختبارا مصيريا. فبين ضغوط أميركية تقود نحو التسوية، وتعقيدات داخلية كردية تهدد بتفجير البيت من الداخل، تقف قوات سوريا الديمقراطية أمام مفترق طرق حاسم.

نجاح هذا المسار يتطلب تنازلات شجاعة من الطرفين، واعترافا متبادلا بالحقوق والسيادة، بعيدا عن الخطابات المتشنجة. وحده الحوار الوطني الحقيقي، المدعوم بضمانات ملموسة وثقة متبادلة، قادر على رسم خريطة سياسية جديدة لشمال شرق سوريا، تُنهي الانقسام، وتعيد توحيد الجغرافيا السورية على قاعدة المواطنة والعدالة.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا