في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في ظل تصاعد حدة التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، شهدت العاصمة الإيرانية طهران مشاهد غير مسبوقة، تمثلت في تدفق كثيف للمدنيين الهاربين من المدينة، بالتزامن مع تلويح إسرائيل بضربات جديدة قد تكون "أشد وأوسع" من الهجوم الجوي الذي نفذته مؤخرا.
القناة الإسرائيلية الرابعة عشرة نقلت عن مصدر عسكري أن " طهران ستحترق"، مشيرة إلى عملية شاملة تستهدف المقرات الرسمية ومنشآت الحرس الثوري.
في المقابل، أمطرت إيران مناطق عدة في إسرائيل بصواريخ باليستية استهدفت حيفا و تل أبيب، بينما تواصلت عمليات القصف المتبادل لليوم الرابع على التوالي.
وفي لقاء مع "سكاي نيوز عربية"، قال الخبير العسكري والاستراتيجي العميد تركي الحسن، إن التهديدات الإسرائيلية لا تندرج في إطار الحرب النفسية فقط، بل تترافق مع عمليات عسكرية فعليّة منذ أربعة أيام.
وأشار إلى أن إسرائيل أثبتت قدرة كبيرة في الاستطلاع الاستخباراتي، مما مكنها من تنفيذ ضربات دقيقة أفضت إلى تحييد قيادات عسكرية من الصف الأول في إيران.
وأضاف أن إسرائيل، منذ بداية المواجهة، استخدمت جميع عناصر الحرب الحديثة، بما فيها القوة الجوية، والتكنولوجيا، والاستخبارات، بينما اعتمدت إيران على عقيدتها الدفاعية – الهجومية، التي تقوم على امتصاص الضربة ثم الرد ب صواريخ بعيدة المدى.
فجوة في التوازن الجوي.. وتحالفات غير متكافئة
وأوضح الحسن أن سلاح الجو الإسرائيلي يتمتع بتفوق كبير مقارنة بنظيره الإيراني من حيث العدد، النوعية، والتكنولوجيا.
وقال إن الاتفاق الاستراتيجي بين إسرائيل والولايات المتحدة، الذي يعود إلى عام 1983، يوفر لتل أبيب دعما لوجستيا وتسليحيا واسعا، بما في ذلك تخزين أسلحة أميركية داخل الأراضي الإسرائيلية.
في المقابل، تبدو إيران شبه معزولة على المستوى الدولي، وتعاني من آثار العقوبات الأميركية، ما يجعل موازين التحالفات الدولية في غير صالحها، بحسب الحسن.
مشهد مقلق.. جغرافيا واسعة.. وأهداف مشتتة
وفي تحليله للجوانب الميدانية، أوضح العميد الحسن أن الجغرافيا الإيرانية الواسعة (أكثر من 1.6 مليون كيلومتر مربع) تمنحها ميزة استراتيجية من جهة، لكنها في الوقت ذاته تمثل تحديًا لوجستيًا في حماية الأهداف الحيوية المنتشرة.
بالمقابل، فإن كثافة الأهداف الحيوية في إسرائيل تجعل من الممكن حمايتها بأنظمة دفاعية متقاربة.
لكنه حذر من أن المنظومات الدفاعية الإسرائيلية واجهت خلال الأيام الأخيرة اختبارات قاسية، إذ تمكنت صواريخ إيرانية من اختراق الدرع الدفاعي والوصول إلى مناطق سكنية في حيفا وتل أبيب.
حرب استنزاف.. الصواريخ الإيرانية مقابل تكلفة الدفاع الإسرائيلي
وأشار العميد الحسن إلى أن إيران لم تستخدم بعد الجيل الأحدث من صواريخها، بل تركز على استخدام الرشقات الصاروخية المتتابعة بأسلحة من الأجيال القديمة، في إطار ما يبدو استراتيجية استنزاف متعمدة تهدف إلى إنهاك منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية، ورفع الكلفة المادية للرد.
وأوضح أن تكلفة التصدي لصاروخ واحد قد تصل إلى ملايين الدولارات، في حين أن كلفة الطائرات المسيّرة من طراز "شاهد 136" لا تتجاوز 22 ألف دولار، وهو ما يجعل الحرب مكلفة جدا لإسرائيل حتى وإن حافظت على تفوقها التكنولوجي.
وفي معرض حديثه عن السيناريوهات المحتملة، أكد الحسن أن هناك جهدا إقليميا ودوليا كبيرا يبذل لمنع توسع دائرة الحرب خارج حدود إيران وإسرائيل، مشيرا إلى وساطات من روسيا وقطر وسلطنة عمان، إضافة إلى اتصالات رئاسية بين ترامب وبوتين.
وقال إن اتساع دائرة الصراع ليشمل أطرافًا إقليمية مثل حزب الله والحوثيين "قد يقود إلى كارثة حقيقية وربما إلى حرب عالمية ثالثة".
خسائر بشرية.. وصراع إرادات
وأكد الحسن أن الضربة الجوية الإسرائيلية الأولى كانت صادمة، وأفضت إلى مقتل 11 قياديا إيرانيا رفيع المستوى في الحرس الثوري، بينهم قائد أركان الجيش.
ووصف الحسن هذه الخسارة بأنها "توازي ما قد تُحدثه حرب كاملة من خسائر في القيادة العسكرية".
من جهة أخرى، أشار إلى أن حكومة نتنياهو ترفع سقف خطابها، إذ دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي علنًا الشعب الإيراني إلى "تغيير مساره التاريخي"، في إشارة مباشرة إلى الرغبة في إسقاط النظام، وهو ما يُعيد النقاش حول أهداف إسرائيل: هل تريد تدمير البرنامج النووي والمنظومة الصاروخية، أم تغيير النظام بالكامل؟.
وفي ختام المقابلة، قال الحسن إن ما نشهده ليس معركة ضربة قاضية، بل مواجهة مفتوحة محكومة بنتائج متراكمة. فبينما تعتمد إسرائيل على التفوق الاستخباراتي والجوي، تراهن إيران على الوقت، وعلى استنزاف قدرات الخصم، وتوسيع الجبهات. إلا أن الأهم، بحسب الحسن، أن تبقى "النار محصورة" وألا تنفلت إلى الإقليم، لأن ثمن تلك اللحظة سيكون فادحًا على الجميع.