آخر الأخبار

العمالة الوافدة: وقف استقدام عمال من جنسيات أخرى "مؤقتاً"، كيف رأى أردنيون ووافدون القرار؟

شارك
مصدر الصورة

أعلنت وزارة العمل الأردنية وقف استقدام العمالة الوافدة (غير الأردنية) منذ نهاية شهر أيار/مايو 2025، وذلك بعد انتهاء فترة السماح بالاستقدام، والتي فُتحت لتلبية احتياجات بعض القطاعات.

ويأتي القرار الأخير بوقف الاستقدام، والذي جاء بعد السماح به لمدة ثلاثة أشهر، بناءً على طلب عدد من القطاعات الحيوية في القطاع الخاص، وهي: القطاع الصناعي، والزراعي، وقطاع الإنشاءات، والمخابز، وأسطوانات الغاز (التحميل والتنزيل)، بحسب الوزارة.

وقالت الناطق باسم الوزارة محمد الزيود لبي بي سي، إن قرار وقف استقدام العمالة غير الأردنية "ليس جديداً"، بل هو إجراء تنظيمي تتخذه الوزارة بشكل دوري بناءً على احتياجات سوق العمل المحلي، وبعد التشاور مع أصحاب العمل في القطاعات المختلفة.

وبين أن القرار بفتح أو وقف الاستقدام يتم بناءً على دراسة دقيقة وواقعية لاحتياجات هذه القطاعات، وبما يشمل فقط المهن التي يعزف عنها الأردنيون.

ويبلغ عدد العمالة الوافدة في الأردن أكثر من مليون ونصف عامل، وفقاً للمجلس الأعلى للسكان، غير أن نسبة كبيرة منهم يعملون بشكل مخالف.

** رصدت بي بي سي ردود فعل مؤيدة ومعارضة لهذا القرار من أردنيين ووافدين، لأسباب عدة أبرزها "المساهمة في تخفيف بطالة الأردنيين" يقابلها آراء بـ"عدم رضا" بعض الأردنيين بالعمل في المهن التي تعمل بها العمالة الوافدة.

"إحلال العمالة الأردنية محل الوافدة"

مصدر الصورة

زيد عودة، وصف القرار لبي بي سي بأنه "مناسب" ويتوافق مع الاستراتيجية الوطنية للتشغيل التي تهدف لتحفيف البطالة بين الأردنيين، مشيراً إلى أن "نسبة كبيرة من العمالة الوافدة لا تحمل شهادة ثانوية، ويعملون في مهن يمكن للعامل الأردني شغلها بعد تأهيله".

عودة أيّد القرار "رغم تأخره"، وقال إنه "يصب في مصلحة العمالة الأردنية وأصحاب العمل، ويفتح المجال أمام الشباب الأردني لإيجاد فرص عمل".

وبلغ معدل البطالة في الأردن خلال الربع الأول من العام الحالي 21.3 في المئة بانخفاض مقداره 0.1 نقطة مئوية عن الربع الأول من عام 2024، حيث بلغ آنذاك 21.4 في المئة، وفق دائرة الإحصاءات العامة الأردنية.

وبلغ معدل البطالة للذكور 18.6 في المئة خلال الربع الأول من عام 2025 بارتفاع مقداره 1.2 نقطة مئوية مقارنة بالربع الأول من عام 2024، فيما بلغ معدل البطالة بين الإناث 31.2 في المئة خلال الربع الأول من عام 2025 بانخفاض مقداره 3.5 نقطة مئوية مقارنة بالربع الأول من عام 2024.

بدوره، قال خالد (اسم مستعار) لبي بي سي، وهو يعمل في دائرة حكومية أردنية، إن المسؤولية الاجتماعية تتطلب التعاون مع قرارات الوزارة لإحلال العمالة الأردنية محل الوافدة، مشيراً إلى أن العمالة الأردنية تتسم بالديمومة حال توفير الحماية الاجتماعية لها.

وشدد على أهمية ضبط وتنظيم سوق العمل، معتبراً أن القرار يصب في مصلحة الشباب الأردني، في عدة قطاعات قد يعمل بها الأردنيون بعد العزوف عنها.

"العمالة الأردنية تعزف عن قطاعات الوافدين"

في المقابل، فإن أحمد عزيز اعتبر القرار "خاطئاً"، مشيراً إلى أن معظم العمالة الأردنية تعزف عن العمل في قطاع الإنشاءات والزراعة، مما قد يضعف عمل العديد من المؤسسات في تلك القطاعات.

ودعا عزيز، خلال حديثه مع بي بي سي، إلى استثناء قطاعي الإنشاءات والزراعة وغيرها من قرار وقف استقدام العمالة الوافدة، نظراً لعدم وجود عمالة محلية تعمل بها، مما يهدد بإغلاق الشركات في ظل عدم توفر عمالة وافدة.

وانتقد بعض ممن تحدثت بي بي سي معهم القرار، موضحين أن العمالة الوافدة تكلفتها أقل على أصحاب العمل وتعمل لساعات طويلة غير أن فرض الحكومة الأردنية "مبالغ مرتفعة" لقاء تصاريحهم يزيد التكاليف على أصحاب العمل.

وفي إطار موازي، تواصل وزارة العمل تنفيذ حملات تفتيشية مكثّفة تستهدف العمالة الوافدة المخالفة منذ مطلع عام 2025، بالتعاون مع وزارة الداخلية ومديرية الأمن العام، وبمشاركة مفتشي العمل المخوّلين بالضابطة العدلية.

وأشارت الوزارة إلى أن هذه الجولات موثّقة بالصوت والصورة لضمان شفافية الإجراءات، وحماية حقوق جميع الأطراف، بما في ذلك العمال وأصحاب العمل ومفتشي الوزارة، وتسفر عن ترحيل المخالفين.

وتُكثّف وزارة العمل حملاتها هذا العام بشكل أكبر بسبب ازدياد التحديات المرتبطة بتفاقم أعداد العمالة المخالفة، وتأثيرها المتزايد على فرص العمل للمواطنين والاقتصاد غير الرسمي، بحسب البيانات.

مصدر الصورة

وأبدى وافدون مصريون استغرابهم من ذلك القرار، قائلين إن المهن التي يعملون بها "تحت الشمس وفي المزارع والإنشاءات" لفترات طويلة، يرفض الأردنيون العمل بها، مؤكدين أنهم اكتسبوا خبرات طويلة في تلك القطاعات وأصبح الأردن وجهة لمن أراد أن يعمل فيه بها.

وأيّدهم لاجئون سوريون بأنهم يعملون بالقطاعات التي تشهد عزوفاً عن عمل الأردنيين بها، مؤكدين أنهم "لا ينافسون على المهن التي يرغبها الأردنيون، بل يتجهون لملئ الفراغ في المهن التي من الصعب أن يعمل بها الأردنيون، وفق وصفهم".

وأجمع الوافدون الذين تحدثت بي بي سي معهم عن تخوفاتهم بأن يتم "الاستغناء عنهم بالكامل"، مع مرور الزمن وترحيلهم إلى بلادهم، رغم أنهم ساهموا بتقديم مساعدة وخبرة كبيرة عبر عدة قطاعات خلال عملهم الطويل في الأردن.

350 ألف تصريح عمل للوافدين في الأردن

مصدر الصورة

كشفت وزارة العمل أن عدد تصاريح العمل السارية في المملكة الأردنية الهاشمية حالياً يبلغ 350 ألف تصريح، ما يعكس حجم العمالة الوافدة المنظمة في السوق المحلي.

وأكّدت الوزارة أن جميع معاملات الاستقدام التي تمت الموافقة عليها قبل القرار سيتم استكمالها حسب الإجراءات المعتمدة، وذلك ضمن إطار سعيها المستمر لتنظيم سوق العمل وضبطه بما يضمن أولوية تشغيل الأردنيين.

وفي هذا السياق، أوضح الناطق باسم الوزارة محمد الزيود لبي بي سي، أن هناك عدداً كبيراً من العمالة الوافدة التي لا تحمل تصاريح عمل جديدة أو لم تقم بتجديد تصاريحها، مشيرة إلى وجود عمالة من فئة اللاجئين، خصوصاً من الجنسية السورية.

وقد تم تقديم تسهيلات كبيرة لهذه الفئة بقرارات صادرة عن وزارة العمل ومجلس الوزراء، بهدف تمكينهم من العمل بشكل قانوني ومنظم داخل المملكة، مع التأكيد على ضرورة حصول اللاجئ على تصريح عمل، رغم أنه لا يُرحّل خارج البلاد.

"تقنين استخدام العمالة الوافدة"

وأكدت الزيود أن تنظيم سوق العمل هو أحد المحاور الرئيسية في استراتيجية عملها، ويشمل تقنين استقدام العمالة غير الأردنية وضبط المخالفات، بما يحقق التوازن بين تلبية احتياجات القطاعات المختلفة من جهة، وتوفير فرص عمل للأردنيين من جهة أخرى.

يأتي ذلك بالتكامل مع جهود مؤسسة التدريب المهني التي تعمل على تأهيل وتمكين الشباب الأردني لدخول سوق العمل بمهارات مطلوبة.

وأشارت الزيود إلى أن قرار وقف استقدام العمالة سيتم تقييمه خلال الأشهر المقبلة، وذلك بهدف دراسة أثره على القطاعات الإنتاجية والخدمية. وفي حال أظهرت النتائج وجود نقص حقيقي في بعض القطاعات، فسيُعاد النظر في القرار بما يخدم المصلحة العامة. أما إذا تبيّن أن السوق قادر على تلبية احتياجاته داخلياً، فلن يتم إعادة فتح باب الاستقدام.

وبين الزيود أن أصحاب العمل هم الجهة التي تحدد الحاجة الفعلية للعمالة الوافدة وفق ضوابط محددة، موضحة أن قرار وقف الاستقدام لا يشمل العاملين في المنازل، ولا العمالة ذات المهارات المتخصصة والفنيين الذين لا تتوفر كفاءاتهم في المملكة. وقد خُصص لهذه الفئة تصاريح عمل برسوم تصل إلى 1,500 دينار (أي حوالي 2,100 دولار أمريكي)، ولا تُمنح إلا بعد موافقة الوزارة.

كما استُثني من القرار أصحاب العمل في المناطق الصناعية المؤهلة، في ضوء أهمية هذه المناطق في دعم الاقتصاد الوطني من خلال التصدير، حيث تتطلب هذه المنشآت استقراراً في توفر العمالة لديمومة الإنتاج.

وختمت وزارة العمل بالتأكيد على أن كافة الإجراءات والقرارات المتخذة تنطلق من مصلحة سوق العمل الأردني، وتسعى لتحقيق التوازن بين استقرار القطاعات الاقتصادية وتعزيز فرص التشغيل للأردنيين، ضمن نهج منظم ومستدام.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا