آخر الأخبار

حرب غزة: مقتل وإصابة عشرات الفلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي بالقرب من مركز لتوزيع المساعدات في رفح

شارك
مصدر الصورة

قُتل 27 شخصاً إثر إطلاق نار قرب مركز لتوزيع المساعدات في جنوب قطاع غزة، فجر الثلاثاء، وفق ما أكدته اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والدفاع المدني في قطاع غزة.

وقال الصليب الأحمر إن المستشفى الميداني التابع له في رفح استقبل 184 مصاباً، بينهم 19 قتيلاً، فيما قضى ثمانية آخرون متأثرين بجراحهم في وقت لاحق، مؤكداً أن معظم الجرحى كانوا مصابين بالرصاص.

وذكر الدفاع المدني في غزة أن غالبية القتلى والجرحى أصيبوا بنيران الدبابات الإسرائيلية والمروحيات وطائرات بدون طيار.

وفي بيان، قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق النار بعد تحديد هوية "العديد من المشتبه بهم" قرب مركز لتوزيع المساعدات. وأكد أنه على علم بتقارير عن سقوط ضحايا، ليعود بعد ذلك ويؤكد أنه فتح تحقيقاً في إطلاق النار.

وعقب حادث صباح الثلاثاء، شوهدت جثث ملفوفة بأكياس بلاستيكية بيضاء، على الأرض في قسم الطوارئ بمستشفى ناصر. وتجمع مئات الفلسطينيين بعضهم من أقارب القتلى والمصابين داخل المستشفى.

وأصدر الجيش الإسرائيلي بياناً، يفيد بأن قواته أطلقت النار بعد تحديد هوية "مشتبه بهم"، على بُعد حوالي 0.5 كيلومتر من موقع توزيع المساعدات.

وأضاف أن قواته أطلقت في البداية "نيرانًا تحذيرية... وبعد أن فشل المشتبه بهم في التراجع، وُجّهت طلقات إضافية بالقرب من عدد من المشتبه بهم الذين تقدموا نحو القوات".

وأكد الجيش الإسرائيلي أنه على علم بتقارير عن سقوط ضحايا، وأنه "يجري التحقيق في تفاصيل الحادث".

وندد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بإطلاق النار قرب مركز توزيع المساعدات.

وقال المتحدث باسمه، ستيفان دوجاريك، للصحفيين، إن من غير المقبول أن "يخسر مدنيون حياتهم لمجرد أنهم يسعون إلى الحصول على غذاء"، مكرراً الدعوة إلى إجراء تحقيق مستقل في ما جرى.

من جهته، انتقد فيليب لازاريني - المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) - إسرائيل، قائلاً إن نقاط توزيع المساعدات باتت "مصيدة للموت".

وهاجم بشدة آلية التوزيع التي رتبتها إسرائيل، والتي حددت نقطة التسليم في أقصى جنوب مدينة رفح بقطاع غزة، ما اضطر آلاف المدنيين الفلسطينيين إلى السير عشرات الكيلومترات، نحو منطقة شبه مدمرة بفعل القصف الإسرائيلي المكثف، معتبراً أن "هذا النظام المهين" لا يخفف المعاناة بل يعمّقها.

وقالت طبيبة الطوارئ البريطانية، ماندي بلاكمان، لبي بي سي، إن المستشفى الذي تعمل به في منطقة المواصي غرب خان يونس، بدأ في استقبال المصابين في الساعة الخامسة صباحاً بالتوقيت المحلي لقطاع غزة.

وأضافت بلاكمان أن المصابين قالوا إنهم كانوا "في طريقهم للحصول على مساعدات غذائية، وتعرضوا للإصابة خلال ذلك".

وصرّحت الطبيبة البريطانية بأنها شهدت إصابات بطلقات نارية، وأخرى إثر التعرّض للطعن، كما أن "أشخاصاً آخرين تعرّضوا للضرب بما قالوا إنها حجارة، فيما تعرض آخرون للرش برذاذ الفلفل".

وكشفت بلاكمان عن أن الإصابات التي وصلت المستشفى صباحاً جعلته "يعمل بكامل طاقته تقريباً".

مصدر الصورة

حوادث متكررة

وتدير مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) مراكز توزيع مساعدات عدة في قطاع غزة، وهي منظمة مثيرة للجدل، تدعمها الولايات المتحدة وإسرائيل وتستخدم متعاقدين مسلحين أمريكيين لتأمين مراكز المساعدات.

وبدأت المنظمة عملياتها بعد أن أعلنت إسرائيل في 19 مايو/أيار الماضي تخفيف المنع الذي كانت تفرضه على دخول المساعدات إلى القطاع، ومنذ بدء عملياتها، سادت حالة من الفوضى مراكز توزيع المساعدات التي تديرها المؤسسة.

ففي 27 مايو/أيار، أُصيب سبعة وأربعون شخصاً حين اقتحمت حشودٌ مركز توزيع مساعداتٍ تديره المؤسسة، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. فيما أفادت وزارة الصحة في غزة بمقتل شخصٍ وإصابة 48 آخرين. وصرح متحدثٌ باسم الجيش الإسرائيلي بأن القوات الإسرائيلية أطلقت "طلقاتٍ تحذيرية" في الهواء خارج الموقع في رفح، لكنها لم تطلق النار على الناس. وأكدت مؤسسة غزة الإنسانية أنه "لم تُطلق أيُّ رصاصة على حشود الفلسطينيين".

وفي 29 مايو/أيار، وصف شاهد عيان زار مركز توزيع مساعدات تابعاً للمؤسسة قرب رفح، مشاهدَ "فوضى عارمة". فيما قال شاهد آخر يبلغ من العمر ستين عاماً، كان موجوداً في الموقع، إن الحصول على المساعدات كان أصعب على كبار السن والفئات المعرضة للخطر. ووصف أشخاص آخرون مشاهد مماثلة في مركز توزيع مساعدات وسط غزة، حيث قال عددٌ منهم لبي بي سي إنهم عادوا خالي الوفاض.

وآنذاك قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إن شخصين قُتلا وأُصيب عدد آخر، بعد أن اقتحمت "حشود من الجياع" مستودع إمدادات غذائية في وسط غزة.

في 31 مايو/أيار، هرعت حشود من المدنيين باتجاه شاحنات محملة بالمساعدات في غزة، وفق ما نقل برنامج الأغذية العالمي.

وفي الأول من يونيو/حزيران، أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 31 شخصاً على الأقل وإصابة عدد أكبر بـ "نيران إسرائيلية" قرب مركز لتوزيع المساعدات في رفح. وأفاد الصليب الأحمر بأن المستشفى التابع له استقبل 179 مصاباً، بينهم 21 قتيلاً. وقال الجيش الإسرائيلي إن نتائج تحقيق أولي أظهرت أن قواته لم تطلق النار على أي شخص أثناء تواجده بالقرب من مركز المساعدات أو داخله.

وفي الثاني من يونيو/حزيران، أفاد مسؤولون طبيّون في غزة ووسائل إعلام محلية بمقتل ثلاثة فلسطينيين آخرين بنيران إسرائيلية قرب المركز ذاته التابع لمؤسسة غزة الإنسانية في رفح. وصرّح الجيش الإسرائيلي بأن قواته أطلقت "طلقات تحذيرية باتجاه عدد من المشتبه بهم الذين تقدموا نحوها على بُعد كيلومتر واحد تقريباً من مركز المساعدات".

على صعيد متصل، أعلنت مؤسسة غزة الإنسانية، الثلاثاء، تعيين القس جوني مور، وهو رجل دين مسيحي إنجيلي، رئيساً تنفيذياً جديداً لها.

وقال المدير التنفيذي بالإنابة للمؤسسة، جون أكري، في بيان، إن تعيين القس مور الذي عمل بشكل وثيق مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن قضايا الحرية الدينية، "يؤكد تصميم المؤسسة على الجمع بين التميز التشغيلي والقيادة ذات الخبرة والموجهة نحو الخدمة"، على حدّ تعبيره.

وجاء تعيين القس مور بعد أيام من استقالة المدير التنفيذي السابق جيك وود، الذي أعلن في بيان استقالته بسبب عدم إمكانية تنفيذ خطة لتوزيع المساعدات على سكّان قطاع غزة "مع الالتزام الصارم بمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية".

"ما ذنبنا؟"

مصدر الصورة

ووصف تامر نصّار، وهو نازح في خان يونس جنوبي القطاع، ما حصل بـ "الشيء الفظيع".

وقال نصّار لبي بي سي، إن الحاجز المؤدي إلى مركز التوزيع فتح أبوابه عند الساعة السادسة صباحاً، وإنهم "بوغتوا بأمطار من الرصاص تهبط من السماء" بعد تجاوزهم الحاجز.

فيما قال شاهد عيان لبي بي سي، إن إطلاق النار عند مركز التوزيع كان كثيفاً، مضيفاً أن المشهد هناك "لا يمكن تخيله".

وتابع الشاهد بالقول: "لا أنصح أحداً بالذهاب إلى هناك، لا نريد الطعام، إطلاق النار لم يكن طبيعياً".

وصرحت شاهدة عيان أخرى لبي بي سي، بأن الناس ذهبوا إلى مركز التوزيع للحصول على الطعام، قبل أن يتعرضوا لإطلاق نار.

وقالت الشاهدة: "ما ذنبنا؟ نحن لسنا حماس، لسنا فتح، نحن أشخاص مغلوب على أمرنا نعيش تحت الركام".

وقال محمد الشاعر، وهو نازح في منطقة المواصي بخان يونس، إنه في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء "بدأ مئات من المواطنين يتقدمون في الطريق الساحلي، المؤدي إلى مركز المساعدات الأمريكي برفح، وقام الجيش الإسرائيلي فجأة بإطلاق النار في الهواء، ثم بدأوا يطلقون النار باتجاه الناس".

وأضاف الشاعر، الذي قال إنه ذهب للحصول على مساعدات غذائية، إن "طائرة مروحية وطائرات مسيرة أطلقت النار باتجاه الفلسطينيين الذين تجمعوا قبل أن يصلوا إلى مركز المساعدات".

أما رانيا الأسطل، وهي تقيم مع زوجها وأطفالها الأربعة في خيمة في منطقة المواصي، فقالت إنها ذهبت مع زوجها للحصول على غذاء من مركز المساعدات في رفح.

وأشارت إلى أن إطلاق النار بدأ بشكل متقطع، قرابة الساعة الخامسة فجراً بالتوقيت المحلي (الثالثة فجراً بتوقيت غرينتش)، وتضيف "كلما تقدم الناس عند دوار العلم - يبعد حوالى كيلومتر عن مركز المساعدات برفح - كانوا يطلقون النار عليهم، لكن الناس لم يهتموا واندفعوا مرة واحدة، وعندها، أطلق الجيش ناراً بكثافة".

"جريمة حرب"

مصدر الصورة

قال المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، إن الهجمات على المدنيين الفلسطينيين تُعدّ جريمة حرب، داعياً إلى إجراء تحقيقات مستقلة في عمليات القتل التي وقعت بالقرب من مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة خلال الأيام الأخيرة.

وأضاف أنه على مدار ثلاثة أيام متتالية، قُتل أشخاص بالقرب من مركز توزيع مساعدات غذائية مدعوم أمريكياً وإسرائيلياً، مؤكداً ضرورة محاسبة المسؤولين.

وتابع المسؤول الأممي في بيان أن الهجمات على "المدنيين الذين يحاولون الوصول إلى الكميات الضئيلة من المساعدات الغذائية في غزة غير مقبولة"، مضيفاً: "الهجمات الموجهة ضد المدنيين تُشكّل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، وجريمة حرب".

وقال: "وُضع الفلسطينيون أمام أصعب الخيارات: الموت جوعاً أو المخاطرة بالموت قتلاً، أثناء محاولتهم الوصول إلى الغذاء الضئيل الذي يُوفَّر من خلال آلية المساعدة الإنسانية الإسرائيلية المُسلّحة".

وأكد تورك أن "العرقلة المتعمدة" لوصول المساعدات "قد تُشكّل جريمة حرب". ويضيف: "إن التهديد بالتجويع، إلى جانب عشرين شهراً من قتل المدنيين والتدمير على نطاق واسع، والتهجير القسري المتكرر، والخطاب المتعصب واللاإنساني، وتهديدات القيادة الإسرائيلية بإفراغ القطاع من سكانه، تُشكل أيضاً عناصر من أخطر الجرائم بموجب القانون الدولي".

مصدر الصورة

لماذا يحتشد الناس قبل ساعات من فتح مركز المساعدات؟

رشدي أبوالعوف - مراسل شؤون غزة

أولئك الذين يصِلون مبكراً لديهم فرصة أفضل لتأمين مكان في مقدمة الصف، وبالتالي تزداد احتمالية حصولهم على الطعام.

وكثيرون ممن يصِلون في الوقت الرسمي، الذي تُعلنه مؤسسة غزة الإنسانية، غالباً ما يجدون أن المساعدات قد نفدت عند وصولهم.

ووفقاً للعديد من المستفيدين، فإن كمية طرود المساعدات التي تُوزعها المؤسسة يومياً لا تكفي لتلبية الطلب الهائل.

ومع وجود آلاف الأشخاص في حاجة ماسة للغذاء، فإن الإمدادات المحدودة لا تكفي بالمرّة.

ونتيجة لذلك، فإن المضي قدماً - وحتى المخاطرة الشخصية الكبيرة - يُصبح تصرفاً مفهوماً، خاصة للأفراد الذين عانوا 12 أسبوعاً دون وصول منتظم للغذاء.

وتخضع المنطقة التي وقع فيها الحادث المميت الأخير لسيطرة الجيش الإسرائيلي بالكامل.

وأفاد شهود عيان وناجون بأن القوات الإسرائيلية استخدمت القوة المفرطة ضد المدنيين العُزل، الذين تجمعوا بحثاً عن المساعدات.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا