دبي، الإمارات العربية المتحدة ( CNN )-- أعلنت وزارة البترول في مصر عزمها رفع إنتاجية حقول الغاز خلال الشهرين المقبلين، فيما سيتم استقدام 4 سفن لاستقبال الغاز الطبيعي المسال المستورد، وضخه في الشبكة القومية لتوجيهه إلى محطات توليد الكهرباء لتلبية متطلبات فصل الصيف.
واجهت مصر أزمة عجز في إنتاج الكهرباء خلال العامين الماضيين، مما اضطر الحكومة إلى تطبيق خطة لتخفيف الأحمال بقطع التيار عن معظم أنحاء البلاد لفترة تتراوح ما بين ساعة إلى ساعتين يوميًا خلال الصيف، الذي ترتفع فيه معدلات الاستهلاك. وجاء العجز في إنتاج الكهرباء رغم وجود فائض ضخم في قدرات التوليد، بسبب تناقص الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي المستخدم كمصدر وقود رئيسي لتشغيل معظم محطات الإنتاج.
وارتبطت الأسباب الرئيسية لانخفاض إنتاج مصر من الغاز الطبيعي بعدم وجود اكتشافات جديدة من حقول الإنتاج وتناقص إنتاج القائمة نتيجة تقادمها، بسبب عدم ضخ استثمارات جديدة للبحث والتنقيب أو تنمية الحقول، وذلك وسط تراكم مستحقات الشركات الأجنبية بالتزامن مع أزمة نقص النقد الأجنبي في البلاد.
أدى ذلك إلى هبوط إنتاج مصر من الغاز الطبيعي إلى أدنى مستوى له منذ 8 أعوام إلى 4.87 مليار قدم مكعب يوميًا في عام 2024، وفق تقرير متخصص.
ووضعت وزارة البترول، بعد تولي الوزير الجديد كريم بدوي، منصبه في يوليو/تموز من العام الماضي، خطة لزيادة إنتاج البلاد من الغاز الطبيعي، تعتمد على جدولة مستحقات الشركات الأجنبية وانتظام سداد مستحقاتها. وسدّدت مصر منها 7.5 مليار دولار خلال نحو عام، وفق وسائل إعلام محلية. في وقت أعلنت شركات كبرى نيتها ضخ استثمارات جديدة.
وتضمنت الخطة إطلاق حزم تحفيزية لتشجيع الاستثمارات اللازمة لزيادة الإنتاج المحلي، شملت حوافز متكاملة للإنتاج الازديادي والإضافي والتسعير والاتفاقيات، منها نظام معامل الربحية خاصة في المناطق البحرية شديدة العمق أو البعيدة عن مرافق الإنتاج أو المناطق البكر الجديدة.
إلى جانب طرح فرص استثمارية جديدة في مناطق قريبة من مواقع عمل الشركات، لتقليل تكلفة الإنتاج وزيادة الجدوى الاقتصادية للمشروعات، إضافة إلى الربط مع حقل كرونوس القبرصي للغاز، المتوقع في عام 2027، وفق بيان رسمي.
وقال أستاذ هندسة البترول والطاقة، جمال القليوبي، إن شركات البترول تعمل على تنمية وتطوير حقول إنتاج الغاز في منطقة حوض البحر المتوسط، وفي الوقت نفسه تستعد لبحث واكتشاف حقول جديدة في شمالي غرب البحر المتوسط، خلال الربع الثالث من عام 2025، وكذلك في مناطق أخرى بالبحر الأحمر، وهي مناطق بكر لم يسبق اكتشافها، وذلك بهدف زيادة الإنتاج المحلي من الغاز لتلبية احتياجات السوق.
وأوضح القليوبي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن الشبكة القومية للغاز في مصر تواجه نقصًا في تلبية الطلب، سواء لإنتاج الكهرباء أو تلبية احتياجات المصانع، حيث يصل حجم الإنتاج المحلي من الغاز إلى 4.5 مليار متر مكعب بينما يصل الاستهلاك اليومي لأكثر من 6 مليارات متر مكعب.
وقال القليوبي، إنه لحين البدء في اكتشاف وإنتاج الغاز من الحقول المحلية، عملت الحكومة على تعويض نقص الغاز من خلال تأمين استيراد شحنات من الغاز من الخارج بعقود طويلة الأجل من دول قطر والجزائر وروسيا، وهذه هي المرة الأولى التي تؤمن الدولة عقود طويلة الأجل لأكثر من 6 شهور، وفي الوقت نفسه استقدم سفن تغويز لتلبية احتياجات السوق من الغاز وتخزينه، حيث استقدمت الحكومة سفينة تغويز "هوج جاليون" بميناء العين السخنة، بقدرة 200 ألف طن يوميًا. كما استقبل ميناء الإسكندرية البحري سفينة "إنرجوس باورر" التابعة لإحدى الشركات الأمريكية بقدرة تغويز 750 مليون قدم مكعبة يوميًا.
وفي بيان رسمي، أعلنت وزارة البترول استئجار سفينتين تغويز إضافيتين، ليصل إجمالي السفن إلى أربع، "بما يسهم في رفع كفاءة ومرونة منظومة الإمداد بالغاز الطبيعي للسوق المحلي، وقدرتها على تلبية الطلب المتزايد، خاصة خلال أشهر الصيف".
وأشار جمال القليوبي إلى جهود الحكومة في زيادة قدرات إنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة بقدرات تبلغ 4 آلاف ميغاوات، لتلبية الطلب المحلي وتقليل الاعتماد على الغاز في إنتاج الطاقة.
وحسب بيان رسمي، تنفذ الحكومة مشروعات لإنتاج الطاقة الجديدة والمتجددة من المياه والرياح والشمس بإجمالي قدرات الإنتاجية تصل إلى 25146.5 ميغاوات، بواقع 2831 ميغاوات طاقة كهرومائية، 13734.5 ميغاوات طاقة رياح، و8581 ميغاوات طاقة شمسية بالإضافة إلى 3320 ميغاوات يتم تخزينها بنظام البطاريات.
وقال أستاذ هندسة البترول، ورئيس شعبة المواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية، حسام عرفات، إن الحكومة تعمل على تدابير وإجراءات احترازية من شأنها وقف انقطاع التيار الكهربائي عبر توفير الغاز المسال اللازم لتشغيل محطات الكهرباء، من خلال استيراد شحنات من الغاز من الخارج لسد نقص الإنتاج المحلي.
ولفت عرفات إلى التعاقد على استيراد 60 شحنة بداية من الشهر الحالي وحتى نهاية سبتمبر/أيلول، مؤكدًا في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، ضرورة أن تعتمد الحكومة على التعاقد المباشر مع شركات كبرى لتدبير احتياجاتها من شحنات الغاز من الخارج لضمان تلبية احتياجات السوق المحلي، وعدم الاعتماد على العطاءات كآلية للتعاقد على استيراد الغاز، حتى لا يتم المغالاة في أسعاره، حسب قوله.