في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
القدس المحتلة- مع تصاعد وتيرة المخططات الاستيطانية في أثناء فترة حكومة بنيامين نتنياهو ، بهدف فرض واقع جديد يمهّد لضم الضفة الغربية و الأغوار على حدودها الشرقية، وتعزيز السيادة الإسرائيلية عليها، صدّق مجلس الوزراء الإسرائيلي " الكابينت " أخيرا على إنشاء 22 مستوطنة جديدة في هذه المناطق.
وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة شاملة لتعزيز التوسع الاستيطاني في مناطق إستراتيجية ونائية، حيث من المقرر إقامة مستوطنات جديدة في مواقع مثل جبل عيبال قرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، الخالي من المستوطنات حاليا.
وتشمل خطة التوسع:
ويدّعي الاحتلال وجود موقع أثري في جبل عيبال يسمونه "مذبح يوشع بن نون"، إضافة إلى موقع "سانور" على أراضي قرية صانور قرب جنين الذي شهد إخلاء مستوطنة خلال ما سمّي بعملية فك الارتباط أحادية الجانب عام 2005 (نفذها رئيس حكومة إسرائيل آنذاك أرييل شارون ، وأخليت بموجبها 5 مستوطنات ومعسكرات شمال الضفة الغربية إضافة إلى مستوطنات قطاع غزة ).
ويشمل القرار الإسرائيلي تنظيم وضع بؤرة "حومش" الاستيطانية، جنوبي جنين، والتي أقيمت أيضا في موقع مستوطنة أُخليت سابقا.
وصدر القرار بمبادرة من وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش ، وبدعم من مشورة قانونية صادرة عن وزارة الدفاع، بهدف تعزيز مصالح المستوطنين وتسهيل خطوات التوسع.
وينص القرار على تجهيز المقرات الرئيسية اللازمة لإنشاء المستوطنات الجديدة، إلى جانب شرعنة البؤر الاستيطانية (مواقع استولى عليها المستوطنون عشوائيا) وحولوها إلى مستوطنات رسمية، وهي عملية قد تستغرق عدة سنوات. كما تقرر تخصيص ما تُسمى أراضي "أملاك الدولة" (أراضٍ فلسطينية صادرتها إسرائيل) لدائرة الاستيطان لتنفيذ هذه الخطط، حسب صحيفة هآرتس.
وتشمل المواقع الجديدة المزمع إقامة المستوطنات عليها مناطق متعددة، منها ثلاث مستوطنات في ما يُسمى "مجلس ماتي بنيامين" الاستيطاني شمالي القدس، وثلاث أخرى في "مجلس وادي الأردن"، إضافة إلى مستوطنات في مجمع استيطاني "غوش عتصيون" على أراضي بيت لحم، وفي الخليل جنوب الضفة الغربية.
في الوقت ذاته، يجري العمل على فصل العديد من البؤر الاستيطانية عن المستوطنات القائمة وتحويلها إلى أحياء مستقلة لتصبح مستوطنات جديدة، وفق صحيفة يديعوت أحرونوت.
وعلى الرغم من أن قرار الخطة الجديدة اتخذ منذ نحو أسبوعين، إلا أنه كما يقول مراسل الشؤون السياسية والدبلوماسية في الصحيفة، إيتمار آيخنر "لم يعلن رسميا حتى الآن"، بينما أصدر مجلس "بنيامين" الإقليمي بيانا يؤكد هذه الخطط، برئاسة يسرائيل غانتس المقرب من سموتريتش، ما يعكس التوافق داخل أركان الحكومة على تعزيز التوسع الاستيطاني كجزء من إستراتيجية أوسع لفرض واقع جديد في الضفة الغربية.
وأشار آيخنر إلى أن قرار التصديق على بناء المستوطنات يأتي ضمن خطة يقودها سموتريتش، الذي عمل على نقل ملف الاستيطان في الضفة إلى وزارة الدفاع، ما يعكس توجه الحكومة إلى مأسسة الدعم للمستوطنين وتسريع وتيرة التوسع.
وهذه الخطة ليست فقط مجرد مشروع بناء مستوطنات جديدة، يضيف آيخنر "بل إستراتيجية شاملة تهدف إلى تثبيت الوجود الإسرائيلي دوما، وإقامة بنية تحتية استيطانية مستقلة ومتصلة"، ما يصعب معه التراجع عن الواقع الجديد على الأرض.
ويعكس هذا الدعم الحكومي، تصريحات رئيس "مجلس بنيامين" الاستيطاني غانتس، الذي أشاد بالحكومة الإسرائيلية على "هذه الخطوة المهمة"، ووصفها بأنها "القرار الأهم منذ عام 1967، وحدث دراماتيكي يعكس مستقبل دولة إسرائيل بأكملها"، حسب ما نقلت عنه صحيفة "مكور ريشون" التابعة للمستوطنين.
وقال رئيس "مجلس بنيامين" الاستيطاني "هذا خبر عظيم ليس فقط للمستوطنين، بل لجميع سكان إسرائيل، وهذا القرار التاريخي يحمل رسالة واضحة أننا هنا ليس فقط للبقاء، بل لتأسيس دولة إسرائيل من البحر إلى النهر لجميع سكانها اليهود وتعزيز أمنها".
وتكتسب خطوة "الكابينت" بالتصديق على إنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة، يقول المتحدث باسم "حركة السلام الآن" آدم كلير "دلالات عميقة تتجاوز مجرد التوسع العمراني، وتعكس إستراتيجية واضحة تسعى إلى تثبيت الوجود الاستيطاني الإسرائيلي على الأرض نهائيا".
كما أنها جاءت في ظل تكتم واضح وغياب إعلان رسمي، يضيف كلير للجزيرة نت، وعليه فهي تحمل رسائل متعددة. وقال: إن السرية المحيطة بهذا القرار تعكس حرص الحكومة على تفادي ردود فعل فلسطينية وعربية ودولية قد تعرقل تنفيذ الخطط، وفي الوقت نفسه تمنحها المجال لتنفيذ مخططاتها أكثر مرونة ودون ضغوط خارجية مباشرة.
وأوضح كلير أن هذا التكتم يرتبط أيضا بمحاولة الحكومة ضمان ترتيب داخلي وتنسيق أمني وسياسي محكم قبل الإعلان عن توسع استيطاني واسع، خاصة في مناطق إستراتيجية مثل جبل عيبال وصانور، ذات الرمزية الدينية والتاريخية وفق ادعاءات المستوطنين، إضافة إلى تحويل بؤر استيطانية إلى مستوطنات مستقلة. لذا، ينظر إلى التكتم كخطوة تكتيكية لتحقيق أهداف طويلة الأمد على الأرض بفعالية أكبر.
وبهذا المعنى، يعتبر تصديق الكابينت على المستوطنات الجديدة خطوة أساسية في فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، عبر توسيع المستوطنات وتحويل البؤر إلى مستوطنات مستقلة، ما يغير الواقع الجغرافي والسياسي ويقلص فرص تحقيق حل الدولتين، بحسب تقديرات كلير.
وبحسب مراسل شؤون الاستيطان في صحيفة "يسرائيل هيوم"، حنان غرينوود، فإن نحو نصف هذه المستوطنات ستكون جديدة بالكامل، وليس مجرد تسوية لوضع مستوطنات قائمة، ما يعني مصادرة واسعة للأراضي وقطع التواصل الجغرافي للتجمعات الفلسطينية في المنطقة، إضافة إلى وضع اليد على أراض احتياطية بمسطحات واسعة وضخمة للبناء الاستيطاني.
ومن اللافت يقول غرينوود إن "نصف المستوطنات الجديدة يقع في مناطق خالية تماما من الوجود اليهودي حاليا، ما يعكس توجها لتجديد وتثبيت هذا الوجود اليهودي والاستيطاني في المواقع الإستراتيجية خاصة شمالي الضفة وإعادة الاستيطان فيها".
وروَّج لهذا القرار – حسب غرينوود- عرّاب المشروع الاستيطاني ومخطط الضم سموتريتش، الذي صدّق منذ تولي منصبه على إنشاء 50 مستوطنة جديدة من أصل 128 غير معترف بها، لتعزيز الاستيطان وقطع التواصل الجغرافي الفلسطيني، وبالتالي منع إقامة دولة فلسطينية مستقبلا.
وخلص إلى أن هذا القرار يكمل أيضا تسوية وشرعنة وضع المستوطنات الفتية والبؤر الاستيطانية، حيث يمكن الآن استكمال الإجراءات القانونية لتسوية وضعها، ما يعني أنه لم يعد هناك عائق سياسي أمام استكمال هذه التسويات، بل تبقى فقط الإجراءات المهنية والفنية.