رحل القاضي المصري شعبان الشامي، رئيس محكمة جنايات القاهرة السابق، يوم الأحد 11 مايو/آيار، بعد صراع طويل مع المرض، عن عمر ناهز 72 عاماً، بعد مسيرة قضائية شهدت محاكمات كبيرة ومثيرة للرأي العام، منها محاكمة الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، وعدد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، التي صنفتها الحكومة المصرية جماعة إرهابية.
وحازت وفاة القاضي المصري على اهتمام كبير في وسائل الإعلام بسبب طبيعة القضايا التي تولاها وأصدر أحكاما فيها، وأثارت الرأي العام بشكل كبير، وذلك من بداية عمله في القضاء في سبعينيات القرن الماضي.
وُلد المستشار شعبان عبد الرحمن محمد الشامي، عام 1953، وتخرج في كلية الحقوق بجامعة عين شمس عام 1975 بتقدير جيد جداً، ليبدأ سريعا عمله بالقضاء عام 1976، ليتدرج في المناصب القضائية وعمل بمحاكم الاستئناف، واستقر عمله بمحاكم الجنايات منذ عام 2002 حتى وفاته.
وكان معروفاً باهتمامه بتوثيق أحكامه والقضايا التي تولاها، وفي عام 1994، كان الشامي مهتماً باستخدام التكنولوجيا داخل قاعات المحاكم، وأدخل نظام الحوسبة الإلكترونية لحفظ القضايا والأحكام التي شارك فيها، ليكون من أوائل القضاة الذين اعتمدوا على الحاسب الآلي في توثيق العمل القضائي.
منذ بداية سيرته المهنية تولى المستشار شعبان الشامي الكثير من القضايا الهامة والتي أثارت اهتمام الرأي العام، وكان لبعضها أبعاداً سياسية واجتماعية، وأخرى تتعلق "بالفتن الطائفية بين المسلمين والأقباط" في مصر وأخيراً محاكمة اثنين من الرؤساء.
فبعد عام واحد من عمله بالقضاء تولى التحقيق في أحدد أبرز القضايا الاجتماعية في ذلك الوقت أحداث 18 و19 يناير/ كانون الثاني 1977، والتي عُرفت إعلامياً بأسماء متعددة منها "انتفاضة الخبز" بينما أطلق عليها الرئيس المصري السابق أنور السادات "ثورة الحرمية"، حين خرج آلاف المصريين احتجاجاً على ارتفاع الأسعار ووقعت أعمال سلب ونهب في شوراع القاهرة.
وفي عام 1981 كان على موعد مع قضية أخرى مهمة أثارت اهتمام العالم أجمع فيما عرف بأحداث "الفتنة الطائفية في مصر" بعد اشتباكات بين المسلمين والأقباط في حي الزاوية الحمراء الشعبي في القاهرة.
وحقق أيضاً في أحداث عنف وإلقاء قنابل على كنيسة بمنطقة مسرة في حي شبرا بالقاهرة، وكان له دور أيضاً في التحقيقات التي جرت في أحداث الفتنة الطائفية بمدينة سنورس بمحافظة الفيوم، جنوب شرقي القاهرة.
واكتسب شهرة كبيرة في التحقيق والفصل في قضايا تتعلق بالأحداث "الإرهابية" التي شهدتها مصر خلال الثمانينات والتسعينيات من القرن الماضي.
وتولى محاكمات أخرى مهمة في تاريخ مصر الحديث، أبرزها محاكمة رئيسين حكما البلاد، وهي سابقة أولى في تاريخ مصر والقضاء المصري، وهما الرئيس الأسبق حسني مبارك، والرئيس الأسبق محمد مرسي.
وكان الشامي أول قاضٍ في تاريخ مصر يحيل رئيس سابق إلى "فضيلة المفتى تمهيداً لإعدامه"، وهو محمد مرسي، بعد أن ترأس هيئة محكمة جنايات القاهرة التي نظرت في قضيتي "الهروب من سجن وادي النطرون"، التي كان مرسي متهماً فيها، وأيضاً قضية"التخابر مع منظمات وجهات أجنبية" عندما كان مرسي رئيساً، وحُكم عليه وآخرين بالإعدام والسجن المؤبد.
وكان له دور أيضاً في محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك، والمعروفة بـ "محاكمة القرن"، وأصدر حكماً بإخلاء سبيل مبارك في قضية الكسب غير المشروع.
وتصدر اسم المستشار شعبان الشامي، "التريند" على منصات التواصل الاجتماعي، عقب إعلان وفاته، وانتشر وسم أو هاشتاغ #شعبان_الشامي.
واختلفت الأراء والتقييمات لما أصدره من أحكام، وكان هناك إشادات بمسيرته "ووطنيته"، وكذلك اتهامات له بـ "الظلم" لبعض الأحكام التي أصدرها خاصة على المتهمين من أعضاء جماعة الإخوان.
وتداولت حسابات على منصات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصور للقاضي شعبان الشامي أثناء جلسات محاكمات كان يسمح خلالها للمتهمين في قضايا ارتكاب "أعمال إرهابية" بالحديث بشكل علني ومناقشتهم أمام عدسات المصورين.
واستخدم البعض مثل هذه المحاكمات للهجوم على الشامي، وكذلك صوراً من جنازته، والزعم أن أحداً لم يحضرها، وقال أحد المستخدمين على منصة إكس: "10 أفراد فقط في جنازة الشامي".
بينما اعتبر أخرون انتشار هذه المقاطع في صالح القاضي الذي كان يحرص على الاستماع للمتهمين وتوثيق ما يقولونه في المحاكمات، وترحموا عليه، وطالب أحد المستخدمين على منصة إكس بعدم تصديق ما يقال عنه.
شكلت مسيرة المستشار شعبان الشامي علامة فارقة في تاريخ القضاء المصري، حيث تعامل مع أبرز القضايا السياسية والاجتماعية، رحل الشامي، لكن إرثه القضائي المثير للجدل لا يزال محل نقاش في الشارع المصري.