آخر الأخبار

حرب غزة: مطابخ غزة تحذر من نفاد الطعام خلال أيام بعد شهرين من الحصار الإسرائيلي

شارك
مصدر الصورة

لاشك في أنه بات من العسير حصول سكان قطاع غزة بشكل عام على وجبة ساخنة، لكن الجائعين في الجنوب يوشك ألا تصل إليهم وجبة طعام إلا على ظهر دابة أو فوق عربة يجرها حمار.

وجبة اليوم هي الكُشري، المُكون من العدس والأرز وصلصة طماطم لذيذة، تُطهى في أوانٍ ضخمة في أحد مطبخين تديرهما المعونة الأمريكية للاجئين في الشرق الأدنى (أنيرا)، وهي منظمة إنسانية مقرها الولايات المتحدة.

يقول سامي مطر، قائد فريق أنيرا: "يعتمد الناس على وجباتنا؛ فليس لديهم مصدر دخل لشراء ما تبقى في الأسواق المحلية، والعديد من الأطعمة غير متوافر".

وقارن بين الوضع السابق والحالي قائلاً: "في الماضي، كنا نطهو الأرز مع أي نوع من البروتين، والآن، وبسبب إغلاق المعابر، لا يوجد أي نوع من اللحوم، ولا خضراوات طازجة".

ويُحذّر مطر من أن عشرات المطابخ الغذائية المتبقية على وشك الإغلاق خلال أيام، بعد شهرين من قطع إسرائيل جميع الإمدادات عن غزة.

وقال وهو يتجول في مستودع فارغ جنوب غزة: "ستكون الأيام القادمة حاسمة. نتوقع ألا يكون لدينا ما يكفي من المؤن سوى لأسبوعين، وربما أقل".

مصدر الصورة

في الثاني من مارس/آذار الماضي، أغلقت إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة، مانعةً دخول جميع البضائع، وعلى رأسها الغذاء والوقود والأدوية. واستأنفت هجومها العسكري بعد أسبوعين، منهيةً بذلك هدنة استمرت شهرين مع حماس، قائلة إن هذه الخطوات تهدف إلى الضغط على الحركة الفلسطينية لإطلاق سراح الرهائن الذين لا تزال تحتجزهم.

ومؤخراً، أعلن كلٌّ من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) استنفاد جميع مخزوناتهما من المساعدات الغذائية.

ومن ناحية أخرى، هناك ضغوط دولية متزايدة على إسرائيل لرفع حصارها، مع تحذيرات من مجاعة جماعية وشيكة، ومن أن تجويع المدنيين عمداً يُعد جريمة حرب.

وحذر توم فليتشر، منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة، يوم الخميس، قائلاً: "لا ينبغي أبداً أن تكون المساعدات، وأرواح المدنيين التي تنقذها، ورقة مساومة".

وأضاف أن منع المساعدات "يُجوّع المدنيين، ويحرمهم من أبسط الدعم الطبي الأساسي، ويسلبهم كرامتهم وأملهم، ويفرض عليهم عقاباً جماعياً قاسياً. إن منع المساعدات يُفضي إلى القتل".

مصدر الصورة

يعتمد مئات الآلاف من سكان غزة على عشرات المطابخ الخيرية القليلة المتبقية لتأمين قوت يومهم. والمطبخ الذي تديره مؤسسة (أنيرا) في خان يونس يُطعم نحو 6000 فلسطيني يومياً.

وإذا لم ترفع إسرائيل حصارها على غزة الأطول على الإطلاق، فإن المطابخ التي تعد طوق النجاة الأخير للكثيرين من سكان القطاع المنكوب، لن تجد ما توزعه قريباً؛ فقد نفدت تقريباً جميع المواد الغذائية المخزنة خلال وقف إطلاق النار في بداية هذا العام.

وقال مطر وهو يُصطحب صحفياً محلياً من بي بي سي في جولة حول مستودع أنيرا الشاسع الفارغ: "كنا نستقبل أكثر من 100 شاحنة أسبوعياً، شاحنات محملة بالمواد الغذائية ومستلزمات النظافة. أما الآن، فلا شيء لدينا".

وأوضح قائلاً "إننا نكافح لتوفير مواد غذائية كالأرز والعدس والمعكرونة وزيت الطهي والملح لمطابخنا. وشراء كيلوغرام واحد من الخشب مُكلف للغاية، ونحن بحاجة إلى أكثر من 700 كيلوغرام يومياً للطهي".

مصدر الصورة

تتهم إسرائيل حماس بسرقة المساعدات الإنسانية وتخزينها، لتقديمها لمقاتليها أو بيعها لجني الأموال.

وتنفي الأمم المتحدة وهيئات أخرى تحويل مسار المساعدات، مؤكدةً أن لديها آليات مراقبة صارمة.

قال مطر وهو يفحص قوائم متلقي المساعدات على جهاز الكمبيوتر الخاص به: "إننا نعمل بجد لتجنب أي تدخل من أي طرف. لدينا عملية توزيع دقيقة وفعالة".

وأضاف: "لدينا قاعدة بيانات تضم مئات الآلاف، تتضمن أسماءهم وأرقام هوياتهم وعناوينهم وإحداثيات المخيمات. وهذا يمنع تكرار عمل المنظمات غير الحكومية الأخرى، كما يضمن الشفافية".

وقد أفاد عمال الإغاثة هذا الأسبوع بوقوع خمس حالات نهب في المستودعات ومجمع الأونروا الرئيسي في غزة.

وقال مسؤول في الأمم المتحدة إن ذلك مؤشراً على تفاقم اليأس و"انهيار النظام".

بالعودة إلى المطبخ الخيري، فحص مطر الطعام في القدور الساخنة للتحقق من جودته. لتُغلّف الوجبات للتوزيع؛ بحيث تكفي كل وجبة منها أربعة أفراد.

كما يحصل جميع العاملين في المطبخ على طعام لأسرهم الجائعة، فيما تُنقل بقية الوجبات سريعاً على عربة يجرها حمار عبر الشوارع المزدحمة إلى المواصي، وهو مخيم مكتظ للنازحين على الساحل، حيث يُشرف على عملية التوزيع عشرات المراقبين الميدانيين.

بدا شعورٌ بالارتياح على رجل مسن يمشي بعكازيه وهو يمسك بوجبتيْ كشري لإطعام عائلته المكونة من سبعة أفراد، قائلاً: "الحمد لله، هذا يكفي".

وتابع: "لا تسألوني حتى عن الوضع. ما زلنا على قيد الحياة لأن الموت لم يختطفنا بعد. أقسم أنني كنت أبحث عن رغيف خبز منذ الصباح ولم أجده".

مصدر الصورة

وصفت أم بدت علامات الإرهاق على وجهها الوضع قائلة إنه "مأساوي، وفي تدهور مستمر"، مضيفة "الحياة مُذلة هنا. رجالٌ عاجزون عن العمل. لا دخل لنا، وجميع المنتجات غالية الثمن. لا نستطيع شراء أي شيء".

وعلّقت على الوجبة الدافئة التي قُدّمت لها للتو، قائلة: "في هذا الوقت، هذا رائع؛ فلا غاز لدينا للطهي ولا طعام. عندما نريد كوباً من الشاي، أجمع أوراق الشجر لأشعل النار".

لقد مرّ الآن أكثر من عام ونصف على بدء الحرب في غزة، التي اندلعت بعد هجمات حماس على جنوب إسرائيل، ما أسفر عن مقتل نحو 1200 من الجانب الإسرائيلي واحتجاز أكثر من 250 رهينة، لا يزال 59 منهم محتجزين، ويُعتقد أن نحو 24 منهم ما زالوا على قيد الحياة.

في المقابل، أسفرت الحرب في غزة عن مقتل أكثر من 52.400 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، وفقاً لوزارة الصحة في القطاع الفلسطيني، الذي نزح أكثر من 90 في المئة من سكانه البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، واضطر الكثيرون منهم إلى النزوح مرات عدة.

وقد حذرت الأمم المتحدة من أن الوضع الحالي "ربما يكون الأسوأ على الإطلاق" بسبب الحصار والهجوم المتجدد وأوامر الإجلاء التي شرّدت نحو نصف مليون فلسطيني منذ 18 مارس/آذار.

وفي الوقت الذي يزداد فيه الضغط الدولي على إسرائيل لرفع حصارها، قالت الأمم المتحدة إن على إسرائيل التزاماً واضحاً بموجب القانون الدولي، بصفتها قوة احتلال، بالسماح بوصول المساعدات إلى سكان غزة وتسهيل توزيعها.

وفي يوم الجمعة الماضي، صرّح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرورة "أن نكون لطفاء مع غزة"، وحثه على السماح بدخول المزيد من الغذاء والدواء إلى القطاع.

حتى الآن لم يصدر أي رد رسمي على ذلك، لكن في وقت سابق من الأسبوع، رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية انتقادات المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، التي وصفت الحصار في بيان مشترك بأنه "لا يُطاق"، وأصرّت الدول الثلاث على "ضرورة إنهاء هذا الحصار".

وأعلنت الوزارة أن أكثر من 25 ألف شاحنة تحمل ما يقرب من 450 ألف طن من البضائع دخلت غزة خلال وقف إطلاق النار.

وأضافت: "تراقب إسرائيل الوضع على الأرض، ولا يوجد نقص في المساعدات".

وأشار مسؤولون إسرائيليون إلى أنهم يعتزمون إصلاح نظام توزيع المساعدات بشكل شامل.

في الوقت الحالي، تتراكم الإمدادات على معابر غزة الحدودية في انتظار السماح بدخولها. أما داخل القطاع، فيُقنّن عمال الإغاثة استهلاك ما تبقى من مخزونهم في حرص شديد.

وفي مخيم المواصي، تجمع الأطفال بفرح حول سامي مطر وموظفي (أنيرا) خلال توزيع آخر وجبات الطعام لهذا اليوم.

جدير بالذكر أن الكثيرين هناك يعانون من نحافة شديدة، وهناك تحذيرات جديدة من سوء التغذية الحاد في غزة، خاصة بين الشباب.

قال مطر وهو مُثقل بهمّ الخطر المحدق: "لا أعلم ما سيحدث إذا نفدت إمداداتنا. إن الاضطرار إلى وقف هذه المساعدة الحيوية للناس سيورثني أنا وفريقي شعوراً بالإرهاق والإحباط الشديد".

واختتم حديثه بتوجيه "نداء عاجل"، قائلاً "انظروا إلينا! تأملوا يأسنا! واعلموا أن الوقت ينفد. أرجوكم، كل ما نحتاجه هو إعادة فتح المعابر".

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا