فاز رئيس الحكومة الكندية مارك كارني، الثلاثاء، في الانتخابات التشريعية لسنة 2025.
وحصد الحزب الليبرالي بزعامة كارني أصوات 43.5 في المئة من الناخبين، ليحصل بذلك على 168 مقعداً في مجلس العموم من أصل 343 مقعداً، متفوقاً على منافسه، حزب المحافظين، الذي حلّ ثانياً وحصل على 144 مقعداً.
ووفقاً لنتائج أولية نُشرت بعد فرز أصوات أكثر من 99 في المئة من مراكز الاقتراع، بلغت نسبة الاقتراع نحو 67 في المئة، وهي نسبة أعلى قليلاً من النسبة التي سجلتها انتخابات 2021، لكنها مماثلة لانتخابات 2019.
ودُعي نحو 29 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع، وأدلى أكثر من 7.3 ملايين منهم بأصواتهم بشكل مبكر، وهو رقم قياسي.
ويعني هذا الفوز بقاء كارني كرئيس للوزراء، وهو الذي تسلم المنصب في بداية مارس/آذار الماضي 2025 خلفاً لجاستن ترودو الذي تقدّم باستقالته، لكن ليس من الواضح بعد ما إذا كان الليبراليون سيحظون بأغلبية في مقاعد مجلس العموم، أو سيشكلون حكومة أقلية.
وقال مارك كارني أمام مناصريه إن "العلاقة السابقة مع الولايات المتحدة انتهت". وأضاف في خطابه: "الرئيس ترامب يسعى إلى كسرنا لامتلاكنا"، داعياً البلاد إلى الوحدة لمواجهة "الأشهر الصعبة المقبلة التي تتطلّب تضحيات".
وكانت المؤشرات حتى بضعة أشهر مضت، تدل على أن الطريق معبّدة أمام المحافظين بقيادة بيار بوالييفر للعودة إلى السلطة، بعد 10 سنوات من حكم جاستن ترودو.
غير أنّ انتخاب دونالد ترامب لولاية جديدة وهجومه غير المسبوق على كندا، سواء عبر الرسوم الجمركية أو التهديدات بضمها، غيّرا الأوضاع.
من جانبه، تعهّد بوالييفر في خطاب الاعتراف بالهزيمة، بالعمل مع مارك كارني، ووضع مصالح البلاد فوق الصراعات الحزبية في مواجهة "التهديدات غير المسؤولة" للرئيس الأمريكي.
واعتبر وزير الثقافة ستيفن غيلبو في حديث لمحطة "سي بي اس" العامة، أنّ "الهجمات العديدة التي شنها الرئيس ترامب على الاقتصاد الكندي وعلى سيادة كندا وهويتها، حرّكت الكنديين".
وأشار إلى أنّ الناخبين "وجدوا أن رئيس الحكومة كارني لديه خبرة على الساحة الدولية".
وتمكّن الاقتصادي المعروف مارك كارني البالغ من العمر ستين عاماً، من إقناع السكان القلقين بشأن المستقبل الاقتصادي للبلاد وسيادتها، عبر التأكيد على أنّه الشخص المناسب لقيادة كندا في هذه الأوقات العصيبة، وذلك على الرغم من أنه يوصف بحداثة العهد في السياسة.
وخلال حملته الانتخابية، عكف كارني، الذي شغل منصف حاكم بنك كندا وإنجلترا، على التذكير بأن التهديد الأمريكي بالنسبة إلى كندا حقيقي.
وقال في إحدى محطات حملته الانتخابية إنّ القضية الأساسية لهذه الانتخابات هي معرفة "من الأقدر على مواجهة الرئيس ترامب".
وتعهد كارني بالإبقاء على الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية في حال أبقت واشنطن رسومها الجمركية.
وتعهد كذلك بتطوير التجارة داخل البلاد عبر رفع الحواجز الجمركية بين المقاطعات والبحث عن منافذ جديدة للتصدير، وخصوصاً في أوروبا.
في المقابل فشل بوالييفر المحافظ، الذي تعهد بخفض الضرائب والإنفاق العام، في إقناع الناخبين بالتخلي عن الليبراليين.
لكن حصة كلٍّ من الليبراليين والمحافظين من الأصوات شهدت ارتفاعاً ملحوظاً مقارنةً بما كان عليه الحال قبل أربع سنوات، حيث حصد الحزبان 90 في المئة من مقاعد مجلس العموم.
وجاء تزايد الدعم لأكبر حزبين في البلاد على حساب الأحزاب الأصغر، وخاصةً الحزب الديمقراطي الجديد، الذي انخفضت حصته من الأصوات الشعبية بنحو 12 في المئة.
وفقد زعيم الحزب الديمقراطي الجديد، جاغميت سينغ، مقعده في مجلس العموم، وحل ثالثاً خلف مرشحي الليبراليين والمحافظين.
وحصل الحزب على نحو 6 في المئة من إجمالي الأصوات المُعلنة، ولكن هذا يُعادل 2 في المئة فقط من مقاعد مجلس العموم.
فيما حصل حزب كتلة كيبيك على ما يزيد قليلاً عن 6 في المئة من الأصوات وحصة مماثلة من المقاعد.
وسيتيح هذا الفوز للحزب الليبرالي تشكيل حكومة في كندا، لكنه ليس كافياً لحصد أغلبية 172 مقعداً في مجلس العموم، إذ قد يضطر الليبراليون في النهاية إلى إدارة الحكم بدعم من حزب آخر.
وفي النظام الانتخابي الكندي، يفوز المرشح السياسي الحاصل على أعلى الأصوات في كل دائرة انتخابية بمقعد، ويصبح عضواً في مجلس العموم عن تلك الدائرة. وعادةً ما تُشكّل الحكومة من قِبل الحزب الذي يفوز مرشحوه بأكبر عدد من المقاعد، لكونهم الأكثر حظاً في الحصول على ثقة المجلس.
وتحتاج الحكومة إلى الحفاظ على دعم أغلبية أعضاء مجلس العموم للبقاء في السلطة.
وفي حال فاز حزب سياسي بأغلبية المقاعد، تُشكًّل حكومة أغلبية، أما إذا حصل الحزب على أقل من نصف عدد المقاعد في مجلس العموم، يتم تشكيل حكومة أقلية، وتحتاج الحكومة في هذه الحالة إلى دعم أعضاء من أحزاب أخرى في المجلس.
وفي حالة تشكيل حكومة الأغلبية، تتركز سلطة اتخاذ القرار في يد الحزب الحاكم، وتكون الحكومة أكثر قوة واستقراراً.
أما الحزب السياسي الذي يُشكل حكومة أقلية، فيحتاج إلى دعم حزب سياسي آخر أو أحزاب أخرى لإقرار القوانين. وقد يسعى أيضاً إلى الحصول على دعم نواب مستقلين.
وتكون حكومات الأقلية أقل استقراراً، وقدرتها التشريعية مقيدة أكثر، فيما يكون لأحزاب المعارضة دور أكبر في اتخاذ القرارات.
وهنأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، صباح الثلاثاء، كارني على فوزه، مشيرةً إلى أن العلاقات بين أوروبا وكندا "قوية وتتعزز".
وقالت عبر منصة إكس: "أتطلع إلى العمل معاً بشكل وثيق، سواء على المستوى الثنائي أو ضمن مجموعة السبع".
وأضافت: "سندافع عن قيمنا الديمقراطية المشتركة ونشجع على التعددية وندعم التجارة الحرة والعادلة".
وهنأ رئيس حكومة المملكة المتحدة، كير ستارمر، كارني، ورحب بـ "تعزيز العلاقات" بين المملكة المتحدة وكندا.
وقالت الصين إنّها "مستعدّة لتطوير العلاقات" مع كندا، من دون أن تقدم تهنئة لليبراليين بزعامة كارني.
وتشهد العلاقات بين بكين وأوتاوا توتراً منذ عدة سنوات جراء العديد من النزاعات التجارية والسياسية.