أكد عضو لجنة الخبراء المكلفة بصياغة مسودة الإعلان الدستوري في سوريا الدكتور أحمد قربي، أن الوثيقة المنتظرة تهدف إلى تنظيم المرحلة الانتقالية عبر وضع أسس واضحة للحكم، وضمان الحقوق والحريات، مع التركيز على القضايا التوافقية التي تحظى بإجماع وطني.
وأوضح قربي للجزيرة نت أن اللجنة ستستفيد من مبادئ دستور 1950، دون الالتزام به كمرجعية مُطلقة، وأنها تسعى إلى صياغة نص يستند إلى بيان النصر ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، ويُراعي خصوصيات الوضع الحالي ويؤسس لمرحلة انتقالية تضمن الاستقرار السياسي والقانوني.
ويُعرّف قربي الإعلان الدستوري بأنه وثيقة قانونية مؤقتة "تنظم المرحلة الانتقالية في الدول التي شهدت ثورة أو نزاعا"، موضحًا أنه "من حيث المضمون ومن حيث القوة القانونية، فإن الإعلان الدستوري يتشابه مع الدستور، وإن كان الخلاف الأهم بينهما، هو أن الإعلان الدستوري مؤقت ومختصر ويستند إلى الشرعية الثورية، بينما الدستور هو وثيقة دائمة وموسعة وتستند إلى شرعية شعبية تهدف إلى تقديم رؤية طويلة الأمد للبلاد".
ويوضح للجزيرة نت أن اللجنة التي كلّفها الرئيس السوري أحمد الشرع يوم الأحد الماضي، ستستند إلى مجموعة من المبادئ الأساسية في صياغة الإعلان، مشيرًا إلى أن الوثيقة "تحدد الأسس العامة لنظام الحكم، وتوضح صلاحيات السلطات الثلاث: التشريعية، والتنفيذية، والقضائية، وتؤكد على حقوق وحريات المواطنين، كما تضع آليات الحكم لضمان مرونة وكفاءة إدارة الدولة خلال الفترة الانتقالية".
وحول اللقاء الذي جمع أعضاء اللجنة بالرئيس الشرع، أوضح قربي أن النقاش لم يتضمن "توصيات بالمعنى الدقيق"، بل ركّز على المبادئ الرئيسية التي يُفترض بناء الإعلان الدستوري وفقها، بما يضمن توافقًا واسعًا بين مختلف المكونات الوطنية.
وكانت بعض الأوساط أثارت تساؤلات حول اعتماد دستور 1950 كمرجع لصياغة الإعلان الدستوري. وفي هذا السياق، أكد قربي أن "السياق مختلف بين دستور 1950 والسياق الذي نعيشه، فضلًا عن أن دستور 1950 هو دستور دائم، على عكس ما نحن بصدده وهو: كتابة توصيات لإعلان دستوري"، لكنه أشار إلى أن "المبادئ التي توافق عليها أجدادنا قد تشكل مرشدًا وملهما لمبادئ الإعلان الدستوري الحالي، دون الالتزام الحرفي بها".
وفيما يتعلق بمصادر التشريع، ومعاملة الطوائف الدينية في الأحوال الشخصية، واللغة الرسمية للبلاد التي نص عليها دستور عام 1950، وصف قربي هذه القضايا بـ"الجوهرية"، لكنه أكد أن اللجنة تركز على "أمرين اثنين، الأول: أننا أمام إعلان دستوري مؤقت بطبيعته يفترض أنه يقتصر على القضايا الرئيسة من دون التفاصيل، والثاني: أن اللجنة تريد التركيز على القضايا التوافقية التي تمثل إجماعا بين السوريين، فنحن في وقت أحوج ما نكون فيه للتوافق والابتعاد عن القضايا الخلافية".
على صعيد آخر، أكد عضو لجنة الخبراء المكلفة بصياغة مسودة الإعلان الدستوري في سوريا أن الإعلان الدستوري سيتناول العديد من القضايا الجوهرية، مثل المحاكم العسكرية، والاعتقالات دون أذون قضائية، وحرية الإعلام والتعبير، وتأسيس الأحزاب والجمعيات. وأوضح أن "غالبية هذه القضايا سيتم النص عليها، وقد تم بالفعل التأكيد على إلغاء القوانين والمحاكم الاستثنائية في بيان النصر".
أما فيما يتعلق بباب الحقوق والحريات، "فيفترض أنه يتعاطى مع أهم الحقوق والحريات، وينص على ضمانها، خصوصًا أن الثورة السورية هي ثورة الحرية والكرامة، وبالتالي لابد أن تنعكس هذه المبادئ على الحقوق والحريات".
وفيما يخص الانتخابات البرلمانية والرئاسية، أكد للجزيرة نت أن هذه المسائل عادة ما يتم تنظيمها في الدستور الدائم، "لكن نحن الآن نتعاطى مع سياق استثنائي انتقالي ومرحلي، وبالتالي ستركز النصوص على تنظيم السلطات والحقوق والحريات بما يتناسب وهذا السياق".
وبخصوص مسائل العزل السياسي للشخصيات المرتبطة بالنظام السوري وتجريم إنكار الجرائم التي ارتكبها -أو ما يعرف شعبياً بـ"المحرقة السورية"-، أكد قربي أن هذه المواضيع لا تزال "مطروحة على طاولة النقاش".
وشدد على أن المعيار الأساسي في الصياغة هو "ما تحتاجه سوريا في هذه المرحلة لضمان دولة القانون والمؤسسات وصون الحقوق والحريات".
يشار إلى أن الرئيس السوري أحمد الشرع شكّل في الثاني من مارس/آذار الجاري، لجنة من الخبراء لصياغة مسودة الإعلان الدستوري تتكون من 7 أعضاء هم: الدكتور عبد الحميد العواك، والدكتور ياسر الحويش، والدكتور إسماعيل الخلفان، والدكتور ريعان كحيلان، والدكتور محمد رضى جلي، والدكتور أحمد قربي، والدكتورة بهية مارديني.
وتتولى اللجنة مهمة صياغة مسودة للإعلان الدستوري الذي ينظم المرحلة الانتقالية في سوريا، على أن ترفع مقترحها إلى رئيس الجمهورية.