أكد وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة أن الإدارة المؤقتة في دمشق منفتحة على المحادثات مع القوات التي يقودها الأكراد بشأن تفكيكها، لكنه لم يستبعد استخدام القوة، حال فشل المفاوضات.
وقال أبو قصرة في حديث صحفي إن "باب التفاوض مع قسد [قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد] في الوقت الحاضر قائم، وإذا اضطررنا للقوة، سنكون جاهزين".
وأشار إلى أن "الرؤية غير واضحة في التفاوض مع قسد حتى اليوم"، مشدداً على أن "بناء القوات المسلحة لا يستقيم بعقلية الثورة والفصائل"، وموضحاً أن الهدف في نهاية المطاف هو "الدفاع عن الوطن وتأمين الحدود".
وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية "قسد" على جزء كبير من شمال شرق البلاد المنتج للنفط، حيث تتمتع بحكم ذاتي بحكم الأمر الواقع لأكثر من عقد من الزمان.
وأضاف أبو قصرة أن الأكراد عرضوا على السلطات الحالية النفط "لكننا لا نريد النفط، نريد المؤسسات والحدود".
وعلى الرغم من عدم توافر معلومات بشأن المحادثات التي أشار إليها وزير الدفاع، إلا أن الصحفي السوري حنا حوشان يقول إنها تندرج ضمن سعي الإدارة السورية الجديدة وتعهدها بحل الفصائل المسلحة ودمجها في إطار جيش سوري موحد.
وفي الشهر الماضي، قال مسؤول لوكالة فرانس برس إن وفداً من قوات سوريا الديمقراطية التقى بالقائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع، الذي يرأس هيئة تحرير الشام التي قادت الهجوم الذي أطاح ببشار الأسد.
وقال الشرع لقناة العربية التلفزيونية إن القوات التي يقودها الأكراد يجب أن تُدمج في الجيش الوطني الجديد حتى تصبح الأسلحة "في أيدي الدولة وحدها".
على الصعيد الميداني، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن طائرات تركية نفذت سبع غارات جوية على قريتين في المنطقة المحيطة بعين العرب (كوباني) شرق حلب، وسط اشتباكات مستمرة بين الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا والقوات التي يقودها الأكراد.
وأوضح المرصد الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقراً له، أن الغارات الجوية تزامنت مع "قصف مدفعي تركي" قال إنه استهدف سد تشرين الاستراتيجي، الواقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة منبج.
وأضاف الأربعاء أن الهجمات التي شنها الجيش الوطني السوري بالقرب من السد في نفس اليوم أدت إلى اندلاع المزيد من الاشتباكات بين مقاتلي الجيش الوطني وقوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد.
وأفاد المرصد بمقتل أربعة من مقاتلي الجيش الوطني وثلاثة من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية في القتال.
ماذا نعرف عن قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد؟
ما الذي تخشاه تركيا من سوريا ما بعد الأسد؟
وكانت قناة اليوم الموالية للأكراد قد أصدرت بياناً الثلاثاء من الإدارة الذاتية لشمال شرق سوريا المدعومة من قوات سوريا الديمقراطية، دعت فيه المنظمات الإنسانية الدولية إلى "وضع حد" للهجمات على السد.
وفي الوقت نفسه، أفاد موقع "عنب بلدي" الإخباري السوري ومقره تركيا، بأن قصف قوات سوريا الديمقراطية الثلاثاء أدى إلى مقتل طفلين وإصابة سبعة مدنيين آخرين في قرية تل عرش بالقرب من السد.
وقادت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة الحملة العسكرية التي طردت تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية من آخر مناطق كان يسيطر عليها في سوريا في عام 2019.
ومع ذلك، فإن أنقرة التي تربطها علاقات طويلة الأمد مع هيئة تحرير الشام، تتهم المكون الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية، وحدات حماية الشعب، بالانتماء إلى حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.
ويرى الصحفي السوري حنا حوشان لبي بي سي أن أي مفاوضات اليوم بين الإدارة السورية الجديدة والأكراد "استثنائية"، خاصة إذا ما اعتبرنا أن جهود هذه الإدارة تلتقي مع متطلبات أنقرة التاريخية حيال الأكراد.
وتأتي أهمية هذه التصريحات في ضوء اللقاء الذي جمع قبل أيام قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، برئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني في أربيل بإقليم كردستان العراق.
وأوضح حوشان أنه على الرغم من أن بارزاني يعد حليفاً استراتيجياً لأنقرة، إلا أن أنقرة تنظر إلى عبدي والإدارة التي يرأسها على أنه "عدو مباشر ووجه آخر" لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا منظمة إرهابية.
ومع ذلك، فهناك "دعم أمريكي جلي" لقوات قسد، بحسب حوشان، من خلال نقل طريقة نقل مظلوم عبدي إلى أربيل عن طريق مروحية أمريكية، مضيفاً أن التوافق الأمريكي مع البارزاني يتمحور حول ضرورة التفاوض مع الإدارة السورية الجديدة، وطمأنة تركيا أمنياً على حدودها مع الإدارة الذاتية.
وشرح الصحفي السوري بأن التفاوض الذي يطلبه البارزاني هو الذهاب إلى دمشق كوفد كردي موحد، وأن عبدي لاشك في أنه استغل لقاءه بالبارزاني، الذي إذا ما اقتنع فإنه سيتوسط لدى أنقرة لوقف هجماتها على مواقع داخل الإدارة الذاتية.
ويرى الحزب الديمقراطي الكردستاني أن ما يحدث في سوريا اليوم هو "فرصة غير مسبوقة يجب على الأكراد استغلالها للتفاوض مع دمشق بصوت واحد من أجل القضية الكردية".
ومع ذلك، فإن نجاح أي مفاوضات بين الأكراد والإدارة السورية الجديدة، مرهون بعدة اعتبارات بحسب حنا حوشان، أهمها "مدى قبول الإدارة السورية الجديدة" لدى المجتمع الدولي، لاسيما الجانب الأمريكي.
وبالتالي، يرى المحلل السوري أنه إذا ما حازت الإدارة السورية الجديدة ثقة المجتمع الدولي، فيمكن لهذه المفاوضات أن تنتهي بنتائج إيجابية، وإلا فإن البديل "عملية استنزاف" لا يعتقد حوشان أن أياً من الأطراف مستعد لها اليوم.
من ناحية أخرى، أعلنت وسائل إعلام سورية، عن مقتل عنصريْن اثنين من قوات إدارة العمليات العسكرية في سوريا، برصاص "فلول النظام" في جبلة بريف اللاذقية الجنوبي.
وقالت مواقع سورية، إن "أبا صطيف الشغري، وأبا حسين الجندي"، قُتلا جراء هجوم لفلول النظام على حاجز الصناعة في مدينة جبلة بريف اللاذقية الجنوبي.
وأفادت مواقع سورية بإصابة عناصر أخرى في الهجوم الذي وقع فجر الأربعاء، ونفذ بواسطة أسلحة رشاشة وقنابل يدوية.
يأتي الهجوم في ظل استمرار الحملات التي تقوم بها إدارة العمليات العسكرية ضد فلول النظام في منطقة الساحل السوري.
كما تستمر بالتزامن، حملات التسوية التي تقوم بها الإدارة للعناصر السابقين في قوات النظام بمدينة جبلة وغيرها من المناطق.
إطلاق عملية أمنية في غرب سوريا لملاحقة "ميليشات الأسد"
وقال حوشان إن "المقاومة" في منطقة "جبلة" المحسوبة على فلول النظام السابق، ليست بالمستغربة، لاسيما في ضوء عدم وجود "عدالة انتقالية" بحسب تعبيره، حيث هناك عمليات "انتقام وثأر".
وإذا بقيت الأمور كما تبدو من وسائل التواصل الاجتماعي ومن الشهود العيان، فإن تلك العمليات "لن تتوقف" بحسب حوشان بل وستستنزف قوة إدارة العمليات العسكرية بطريقة لا تعود على مصلحتها.
وأكد المحلل السوري على وجود مناطق أخرى عديدة في الجنوب السوري كالسويداء ودرعا، ما تزال تنتظر شكل الدولة الجديدة التي سيعلن عنها الشرع، حتى تعلن تلك المناطق بأنها شريكاً في هذه الدولة.
ويرى حوشان أن حكومة الشرع الحالية تكاد تقتصر على "حكومة إدلب"، التي "لن تكون قادرة على تسيير أمور دمشق"، مشدداً على ضرورة ألا يقصي الشرع أحداً، "لأن من يريد أن يبني سوريا الجديدة، عليه ألا يسلك الطريق نفسه الذي سلكه نظام الأسد".
في السياق ذاته، قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن إنه يأمل أن تتيح الأطراف المتحاربة الوقت اللازم للتوصل إلى حل دبلوماسي "حتى لا ينتهي الأمر بمواجهة عسكرية كاملة".
وأضاف بيدرسن خلال زيارته دمشق الأربعاء أن واشنطن وأنقرة "لديهما دور رئيسي في دعم هذا" الجهد، معرباً عن تطلعه إلى "بداية لسوريا جديدة" على أن يشمل ذلك أيضا الشمال الشرقي بطريقة سلمية.
وقال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الأربعاء إن رفع العقوبات الاقتصادية التي فرضت خلال حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد "مفتاح" للاستقرار في البلاد.
وأكد الشيباني في محادثة مع رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أن رفع العقوبات الاقتصادية هو "مفتاح استقرار سوريا"، مضيفاً أن العقوبات فرضت لصالح السوريين، لكنها الآن "ضد الشعب السوري".
وأصر شيباني على أن سوريا لن تشكل "تهديداً لأي دولة في العالم"، وأن البلاد ستفتح اقتصادها أمام الاستثمارات الأجنبية مع التركيز على خمسة قطاعات وهي: الطاقة، والاتصالات، والطرق والمطارات، والتعليم والصحة.
وقالت رئيسة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس الأربعاء إنها تأمل التوصل إلى اتفاق سياسي بشأن تخفيف العقوبات على سوريا في اجتماع لوزراء أوروبيين الأسبوع المقبل.
وقالت كالاس في مقابلة مع رويترز: "نحن مستعدون لاتباع نهج تدريجي، ولمناقشة الموقف البديل كذلك".
وأضافت: "إذا رأينا أن التطورات تسير في الاتجاه الخاطئ، فإننا على استعداد أيضاً لإعادة فرض العقوبات".
ودعت ست دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي هذا الشهر الاتحاد إلى تعليق العقوبات على سوريا مؤقتاً في مجالات مثل النقل والطاقة والبنوك.
وتشمل العقوبات الحالية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي حظراً على واردات النفط السوري وتجميد أي أصول للبنك المركزي السوري في أوروبا.
ومن المقرر أن يناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الوضع في سوريا خلال اجتماع في بروكسل يوم 27 يناير/كانون الثاني.