تشير نتائج تجربة سريرية حديثة إلى إمكانية أن يحدث علاج جديد لمرض السل نقلة نوعية في مكافحة هذا المرض، حيث يعزز معدلات الشفاء ويختصر مدة العلاج المطلوبة بأشهر كاملة.
وجاءت هذه النتائج في وقت أعلنت فيه منظمة الصحة العالمية في تقريرها السنوي أن السل ما يزال "مشكلة صحية عالمية كبرى" والسبب المعدي الرئيسي للوفاة حول العالم، مع إصابة 10.7 مليون شخص ووفاة 1.23 مليون آخرين بالمرض خلال العام الماضي فقط.
وفي هذا الإطار، قدم باحثون من تحالف مكافحة السل (TB Alliance) نتائج واعدة حول دواء جديد يدعى "سورفيكويلين" (sorfequiline)، خلال مؤتمر الاتحاد حول صحة الرئة في كوبنهاغن. وأظهر هذا المضاد الحيوي الجديد فعالية أقوى في مكافحة بكتيريا السل مقارنة بالعلاجات الحالية، مع ملف أمان مماثل لها.
وشملت التجربة السريرية 309 أشخاص من 22 موقعا بحثيا منتشرا في جنوب إفريقيا والفلبين وجورجيا وتنزانيا وأوغندا. وعلى الرغم من أن جميع المشاركين في الدراسة كانوا يعانون من نوع شائع من السل يمكن علاجه بالأدوية التقليدية، إلا أن الباحثين يرون أن هذا الدواء الجديد قد يكون مفيدا أيضا في علاج الأنواع الأصعب من السل التي تقاوم الأدوية العادية.
وتعليقا على هذه النتائج، أوضحت الدكتورة ماريا بيومونت، نائبة رئيس تحالف مكافحة السل، أن النظام العلاجي القائم على السورفيكويلين يمكن أن يستخدم لأي شخص تثبت إصابته بالسل، دون الحاجة إلى انتظار نتائج الفحوصات الإضافية لتحديد نوع السل وحساسيته للأدوية. وأضافت: "يمكنني بدء العلاج فورا بينما أنتظر فهم الحالة بدقة، دون الحاجة لجميع هذه الإجراءات المعقدة".
ويأتي هذا التطور في وقت يعاني فيه الوصول إلى الاختبارات التشخيصية السريعة للسل من تفاوت كبير بين مختلف المناطق، حيث قد يستغرق تحديد نوع السل في بعض المناطق أياما أو حتى أسابيع قبل بدء العلاج المناسب.
من جانبه، أعرب الدكتور ويليام برومسكين، قائد موقع البحث السريري في معهد أوروم بجنوب إفريقيا، عن تفاؤله حيال تأثير هذا التطور على جودة الرعاية الصحية، مشيرا إلى أن "النظام العلاجي العالمي الأقصر مدة والأقل آثارا جانبية يعني انخفاض عدد مراجعي العيادات، ما يمنح مقدمي الرعاية الصحية وقتا أكبر للرعاية الفردية للمرضى".
يذكر أن مرضى السل المقاوم للأدوية كانوا يواجهون قبل عقد من الزمان نظاما علاجيا شاقا لمدة 18 شهرا أو أكثر، يشمل حقنا متعددة وإقامات طويلة في المستشفيات، وكان ينجح في علاج 50% من الحالات فقط. بينما حقق العلاج الذهبي الحالي الذي تم تقديمه عام 2019 نقلة نوعية بعلاج 90% من المرضى خلال ستة أشهر فقط، ويأمل الباحثون أن يسهم السورفيكويلين في مزيد من التحسين.
ومن المقرر أن يعلن تحالف مكافحة السل عن تجربة سريرية من المرحلة الثالثة في عام 2026. وفي هذا الصدد، أشار الدكتور كافيندران فيلين، الرئيس العلمي للاتحاد الدولي لمكافحة السل وأمراض الرئة، إلى أن علاج السل الأسرع والأكثر فعالية يمكن أن يحقق فوائد مهمة، منها زيادة نسبة المرضى الذين يكملون العلاج وتقليل الفترة المعدية للمرض.
غير أنه حذر في الوقت نفسه من أن التطبيق العالمي لعلاج واحد على جميع مرضى السل قد يحمل بعض السلبيات، مثل تثبيط استثمار الأنظمة الصحية في الابتكارات الأوسع نطاقا كالمختبرات والفحوصات المتقدمة.
يذكر أن التقدم في مكافحة السل يواجه تهديدات متزايدة بسبب تخفيضات المساعدات العالمية، مما يضع تحقيق أهداف الأمم المتحدة للقضاء على السل كتهديد للصحة العامة في هذا العقد على المحك.
المصدر: الغارديان
المصدر:
روسيا اليوم