تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي منشورات لمؤثرين يشاركون تجاربهم في إجراء فحوصات طبية مختلفة، حيث يزعمون أنها "منقذة للحياة" وتكشف عن أمراض في مراحلها المبكرة قبل ظهور الأعراض.
ومع ذلك، ما يغفله هؤلاء المؤثرون هو أنه لا يوجد دليل على أن هذه الفحوص المكلفة تقدم فوائد للأشخاص الأصحاء. كما أنهم يتجاهلون الإشارة إلى الأضرار المحتملة الناتجة عن التشخيصات غير الضرورية والعلاجات غير الملائمة.
وبالنظر إلى هذه المنشورات، حاولت مراكز الأبحاث دراسة ما يقوله المؤثرون حول الاختبارات الطبية.
دراسة جديدة نشرها موقع JAMA Network Open، حللت ما يقرب من 1000 منشور على إنستغرام وتيك توك حول خمسة اختبارات طبية شائعة يمكن أن تلحق الضرر أكثر من نفعها بالأشخاص الأصحاء، بما في ذلك فحص الرنين المغناطيسي الكامل للجسم.
وجدت الدراسة أن الغالبية العظمى من هذه المنشورات كانت مضللة تمامًا. فبينما قد تكون هذه الاختبارات مفيدة للبعض، فإن جميعها تحمل خطر التشخيص الزائد للأشخاص الأصحاء عمومًا.
والتشخيص الزائد هو تشخيص حالة كان من الممكن ألا تتسبب في أعراض أو مشاكل. ويؤدي هذا التشخيص إلى العلاج المفرط، مما يمكن أن يسبب آثارًا جانبية غير ضرورية وضغوطًا على الشخص، بالإضافة إلى إهدار الموارد في النظام الصحي.
تحول التشخيص الزائد إلى مشكلة عالمية، ويعزى جزء منها إلى إجراء الأشخاص الأصحاء لهذه الاختبارات. غالبًا ما يتم الترويج لها تحت ستار الفحص المبكر، كطريقة لـ "التحكم" في صحتك، ولكن معظم الأشخاص الأصحاء ببساطة لا يحتاجون إليها.
جهاز فحص الرنين المغناطيسيفحص الرنين المغناطيسي الكامل للجسم: يزعم أنه يختبر ما يصل إلى 500 حالة، بما في ذلك السرطان. ومع ذلك، لا يوجد دليل مثبت على فائدة هذا الفحص للأشخاص الأصحاء، وهناك خطر حقيقي للعلاج غير الضروري بسبب التشخيصات الكاذبة.
اختبار مؤقت البيض (المعروف تقنيًا باختبار الهرمون المضاد لمولر): يتم الترويج له بشكل خاطئ كاختبار خصوبة للنساء الأصحاء. هذا الاختبار لا يمكنه التنبؤ بشكل موثوق بفرصة الحمل أو بداية انقطاع الطمث. ومع ذلك، ويمكن أن تؤدي النتائج إلى زيادة الخوف والقلق، مما يترتب عليه علاجات خصوبة غير ضرورية ومكلفة.
اختبارات الدم للكشف المبكر عن السرطان: مع ادعاءات بأنها يمكن أن تكشف عن أكثر من 50 نوعًا من السرطان. في الواقع، لا تزال التجارب السريرية بعيدة عن الاكتمال ولا يوجد دليل حتى الآن على أن الفوائد ستفوق الأضرار الناتجة عن التشخيصات المفرطة للسرطان.
اختبار الميكروبيوم المعوي: يعدك هذا الاختبار ب"العافية" من خلال الكشف المبكر عن العديد من الحالات، من الغازات إلى الاكتئاب. لكن لايوجد دليل علمي على فائدته، وهناك أيضًا قلق من أن نتائج الاختبارات قد تؤدي إلى إهدار الموارد.
اختبار التستوستيرو: لا يدعمه أي دليل عالي الجودة، مع القلق من أن الإعلان المباشر للمستهلكين يؤدي بالرجال إلى إجراء الاختبار واستخدام علاج استبدال التستوستيرون بشكل غير ضروري. استخدام علاج استبدال التستوستيرون يحمل مخاطر محتملة تتعلق بالأضرار، حيث لا تزال سلامته على المدى الطويل فيما يتعلق بأمراض القلب والوفيات غير معروفة إلى حد كبير.
87 بالمئة من المنشورات لم تذكر الأضرار المحتملة للاختبارات الطبيةحلل فريق الباحثين نحو ألف منشور يتعلق بالاختبارات المذكورة أعلاه من على إنستغرام وتيك توك.
المنشورات جاءت من مؤثرين وأصحاب حسابات لديهم على الأقل 1000 متابع، وبعضهم كان لديهم ملايين المتابعين. في المجموع، كان لدى منشئي المنشورات التي شملها البحث ما يقرب من 200 مليون متابع.
87 بالمئة من المنشورات ذكرت فوائد الاختبارات، بينما ذكرت 15% فقط الأضرار المحتملة.
6 بالمئة من المنشورات تطرقت إلى خطر التشخيص الزائد، ومثلها من المنشورات ناقشت أي دليل علمي، بينما استخدمت 34 بالمئة من المنشورات القصص الشخصية للترويج للاختبار.
68 بالمئة من المؤثرين وأصحاب الحسابات كان لديهم مصالح مالية في الترويج للاختبار
أظهرت التحليلات الإضافية أن الأطباء كانوا أكثر توازنًا في منشوراتهم، حيث كانوا أكثر احتمالًا لذكر أضرار الاختبار، وأقل احتمالًا لأن يكون لديهم نبرة دعائية قوية.
اقترح الخبراء مجموعة من الحلول، بما في ذلك استراتيجيات تعنى بالتثقيف الاستباقي للجمهور حول تقنيات المعلومات المضللة الشائعة.
وأشاروا إلى أن ما هو مطلوب بشكل عاجل هو تنظيم أقوى لمنع إنشاء المعلومات المضللة ومشاركتها في المقام الأول.
فهذا أمر بالغ الأهمية خاصةً في ظل تراجع منصات التواصل الاجتماعي مثل إنستغرام عن التحقق من الحقائق.