آخر الأخبار

إعلان الدوحة يدعو العالم لتوفير 4 تريليونات دولار لتحقيق التنمية المستدامة

شارك





الدوحة– وجه إعلان الدوحة السياسي الصادر عن القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية المنعقدة حاليا في الدوحة رسالة واضحة للمجتمع الدولي حول أهمية توفير التمويل الكافي والمستدام لتحقيق التنمية الشاملة، موضحا أن حجم الاحتياجات المالية اللازمة لتحقيق التنمية المطلوبة يبلغ 4 تريليونات دولار.

وبينما ترتفع الطموحات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، تكشف الوقائع عن هذا العجز المالي الهائل، وهو ما يجعل قضية التمويل في قلب النقاش الدولي حول مستقبل التنمية، فهل يستطيع العالم، رغم التحديات الاقتصادية والاضطرابات الجيوسياسية، أن يوفر هذا المبلغ الضخم؟ وإن كان قادرا، فكيف يمكن تعبئة الموارد بطريقة عادلة ومستدامة تضمن عدم ترك أي مجتمع متخلفا عن الركب؟

ووفق تصريحات عدد من الشخصيات المشاركة في القمة للجزيرة نت، فإن الفجوة التمويلية لم تعد مجرد مشكلة مالية، بل أصبحت مؤشرا على خلل في أولويات النظام الاقتصادي العالمي، الذي لا يزال يوجه استثمارات هائلة نحو الأمن والاستثمار، بينما يبقى الإنفاق على الإنسان وصحته وتعليمه وكرامته في مرتبة متأخرة.

وأكدوا أن القمة وجهت دعوة صريحة لإعادة النظر في أولويات الإنفاق العالمي، بحيث توجه الاستثمارات إلى المجالات التي تخدم الإنسان وتحمي البيئة وتدعم المجتمعات الهشة، بما يشكل أساسا لتحقيق الاستقرار والسلام والتنمية في آن واحد.

مصدر الصورة مريم العطية: التمويل العادل أساس التنمية وشرط تحقيق الكرامة الإنسانية (الجزيرة)

فجوة تمويلية كبيرة

وفي هذا السياق، تؤكد رئيس اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان مريم بنت عبد الله العطية أن توفير التمويل العادل هو أساس التنمية وشرط تحقيق الكرامة الإنسانية، موضحة أن إعلان الدوحة وجه رسالة واضحة للمجتمع الدولي حول أهمية توفير التمويل الكافي والمستدام لتحقيق التنمية الشاملة، وأن هناك عجزا عالميا يقدر بنحو 4 تريليونات دولار مطلوبة لتسريع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

إعلان

وقالت مريم العطية -في تصريحات للجزيرة نت- إن هذا الرقم يعكس الفجوة التمويلية الكبيرة التي تواجه العالم اليوم، ويؤكد أن تحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية والبيئية لا يمكن أن يتم إلا عبر تعبئة الموارد وتعزيز الإنفاق الموجه نحو القطاعات الحيوية مثل التعليم، والرعاية الصحية، والحماية الاجتماعية، ومكافحة الفقر، ومواجهة تغير المناخ.

ويشدد إعلان الدوحة على أن التمويل هو العمود الفقري للتنمية المستدامة، وأن سد الفجوة التمويلية يتطلب من الدول، خاصة المتقدمة منها، الوفاء بالتزاماتها الدولية في مجال تمويل التنمية وتقديم الدعم للدول النامية، بما يضمن ألا يتخلف أحد عن الركب -حسب مريم العطية- التي شددت على دعوة القمة لإعادة النظر في أولويات الإنفاق بالعالم.

مصدر الصورة لي جونهوا: سد فجوة تمويل التنمية يتطلب توسيع نطاق الموارد والمساعدات الإنمائية غير كافية وحدها (الجزيرة)

توسيع نطاق الموارد

وبشأن ما إذا كان العالم قادرا على توفير التمويل اللازم لتحقيق التنمية، قال وكيل الأمين العام للشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة لي جونهوا للجزيرة نت إن العالم يواجه فجوة في تمويل التنمية المستدامة، وإن سد هذه الفجوة يتطلب توسيع نطاق الموارد من جميع المصادر، سواء كانت محلية أو دولية، عامة أو خاصة.

وتطرق المسؤول الأممي إلى الحديث عن مراقبة الإنفاق العام وتقديم الحوافز الدولية، مشيرا إلى أن الدول اتفقت على مجموعة من الآليات لتقديم بيانات شفافة حول الميزانيات والسياسات المالية، وفق معايير دولية يدعمها كل من الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي وجهات أخرى.

وأعلنت العديد من الدول خلال المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية "إف إف دي 4" (FFD4)، الذي عقد في يونيو/حزيران الماضي، عن خطط لتقديم ضمانات وتمويلات ميسرة للاستثمار في مجالات محددة من التنمية المستدامة، كما أن بعض الدول تعمل حاليا على اتفاقيات مبادلة الديون مقابل التنمية المستدامة، والتي تقوم على إلغاء جزء من الديون مقابل استثماره في قطاعات حيوية مثل مكافحة تغير المناخ، وحماية المحيطات، والرعاية الصحية.

مصدر الصورة ماري قعوار: ضعف التمويل العقبة الأبرز أمام التنمية الشاملة والمستدامة (الجزيرة)

التزام مالي وسياسي

وترى مديرة المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ماري قعوار أن ضعف التمويل المخصص للسياسات الاجتماعية في العديد من الدول لا يزال يمثل العقبة الأبرز أمام تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، مشددة على أن أي تقدم اقتصادي لا يمكن أن يكتمل دون التزام مالي وسياسي طويل الأمد يدعم الإنسان أولا.

وقالت المديرة، للجزيرة نت، إن المشكلة الأساسية التي نواجهها اليوم في كثير من الدول، هي أن الإنفاق على السياسات الاجتماعية ما زال ضعيفا جدا، فعندما ننظر إلى موازنات الحكومات، نلاحظ تفاوتا كبيرا بين ما ينفق على قطاعات الأمن والاستثمار، وبين ما يخصص للتعليم والصحة والحماية الاجتماعية.

وفي الدول العربية، إذا نظرنا إلى نسب الإنفاق خلال العقد الأخير، سنجد أن المخصصات الموجهة للتعليم أو الصحة أو السكن الكريم لم تشهد الزيادة الكافية لتواكب احتياجات الناس المتنامية، حسب المديرة.

الإقصاء والتهميش

وأشارت ماري قعوار إلى أن العالم، رغم ما حققه من تقدم على مدى العقود الماضية، ما زال يواجه تحديات كبيرة في القضاء على الفقر والتمييز، وفي تحقيق شمولية التنمية، لافتة إلى أن هناك فئات اجتماعية ومناطق جغرافية لا تزال تعاني الإقصاء والتهميش، وهو ما يستدعي إعادة النظر في معنى السياسات الاجتماعية ودور كل طرف في صياغتها وتنفيذها.

إعلان

وتساءلت ماري قعوار عما إذا كان يمكن إيجاد آلية دولية تراقب مدى التزام الدول بتطبيق السياسات الاجتماعية العادلة، قائلة: هل هناك آلية لمحاسبة الدول غير الملتزمة؟ وهل يمكن إنشاء تصنيف عالمي يحدد الدول الملتزمة بسياسات الإنصاف والمساواة الاجتماعية وتلك التي تتخلف عنها؟ مشددة على أن وجود مثل هذا النظام سيخلق حوافز للدول لتطوير سياساتها، ويجعل الالتزام بالعدالة الاجتماعية جزءا من المسؤولية الدولية المشتركة.

مصدر الصورة ماركاريان يدعو لضرورة إعادة النظر في الإنفاق الحكومي وتوجيه الموارد بطريقة أكثر فاعلية (الجزيرة)

الإنفاق الحكومي

أما عضو المجلس التنفيذي في غرفة التجارة الدولية بأرمينيا، هايك ماركاريان، فأكد أن التزام قمة الدوحة بالتنمية المستدامة يسلط الضوء على التحدي المالي الكبير الذي يواجه العالم، مشيرا إلى أن وجود هذا العجز المالي يعكس الحاجة الماسة إلى إعادة النظر في الإنفاق الحكومي وتوجيه الموارد بطريقة أكثر فاعلية نحو التنمية.

وقال ماركاريان للجزيرة نت: بصفتي ممثلا للغرفة التجارية الدولية وقطاع الأعمال الخاص بأرمينيا، أرى أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص ضرورية لإشراك أكبر عدد ممكن من ممثلي الأعمال، والشركات الدولية الكبرى، والمستثمرين الخاصين، متسائلا هل يمكن أن يكون لدينا إطار يلزم جميع الدول بالمساهمة بالمال أو تحديد ميزانيات مخصصة للتنمية؟ وكيف يمكن إلزام جميع الدول بذلك؟

وأوضح أهمية وجود آليات لمراقبة وتقييم الإنفاق، لتحقيق التنمية من خلال تخصيص الأموال اللازمة في المكان المناسب سواء في التعليم أو الصحة أو القطاع الخدمي بشكل عام، ومن المهم أن تكون الشراكات الخاصة مدعومة من الحكومة، ومن ثم سيكون القطاع الخاص أكثر اهتماما بإنشاء شركات تحقق معدلات عائد جيدة، مشددا على أن الحل يكمن في تعزيز الشراكات بين القطاعين.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار