آخر الأخبار

ولدت بإيران ودرست التصوف وكتبت عن صدام الثقافات.. طريق دوريس ليسينغ إلى نوبل للآداب

شارك الخبر

في ذلك الصباح، كانت دوريس ليسينغ عائدة من رحلة التسوق اليومية، التي ظلت تحرص على القيام بها، كل يوم، على الرغم من سنوات عمرها المتأخرة.

وما إن توقفت بها سيارة التاكسي، حتى اتجهت نحو السلم الخارجي أمام منزلها، وجلست تنتظر السائق، الذي كان عليه أن يعيد لها المتبقي من الأجرة، قبل أن تغيب في الصمت تمامًا، ثم تنشغل بالسلة التي تضع فيها الخضراوات.

فجأة، انتبهت ليسينغ إلى الحشد الذي راح يحيط بها، والذي كان يضم مجموعة من العاملين في الصحف، تزاحموا في ذلك الوقت أمام بيتها. وما إن رآها أحدهم، حتى تقدم نحوها، وراح يسأل: هل نما إليك خبر حصولك على جائزة نوبل؟

لم تكن وقتها قد عرفت الخبر، وكان أن تركت الصحفيين ومرافقيهم من المصورين، والتفتت إلى سائق السيارة، وراحت تسأل: ما الذي يفعله هؤلاء أمام بيتها؟ رد أحدهم قائلا: يبدو أنك لم تسمعي جيدًا ما قلت، لقد فزت بنوبل.

ردت بصوت مسموع "أوه.. يا إلهي". ثم ظلت جالسة في مكانها وأخذت تقلب بيدها في سلة التسوق، ثم طلبت من ابنها أن يدخل المنزل ليُحضر لها كوبا من الماء.

بعدها، سألت الصحفيين عما يريدون منها أن تفعل، وهي تسمع خبر فوزها بجائزة كانت تستحقها منذ 30 عاما.

مصدر الصورة
بورتريه للكاتبة الحائزة على جائزة نوبل في الآداب دوريس ليسينغ في جناح دار النشر الألمانية "هوفمان أوند كامبي" في معرض فرانكفورت للكتاب 2007 (رويترز)

حيثيات

في اليوم التالي، طرحت السؤال نفسه، حين أجرت معها لجنة نوبل مقابلة صحفية، قالت فيها إنها لم تتفاجأ على الإطلاق بفوزها، لأنها تظن أنها تستحقها.

واستطردت تقول، إن هذا الأمر لن يُحدث أي تغيير في حياتها، وإنها سوف تذهب كالعادة كل صباح، لتتسوق بنفسها، لأنها تتمتع بمهارة في اختيار أنواع الخضراوات.

كانت ليسينغ قد بلغت الـ87 من عمرها، وكان اسمها قد ابتعد كثيرا عن البروز في ذلك العقد، بعد أن كانت قد فرضت نفسها بقوة في التسعينيات من القرن الماضي، وظهر اسمها أكثر من مرة كمرشحة لجائزة نوبل.

في حيثيات الفوز ذكر بيان الجائزة أن الروائية البريطانية دوريس ليسينغ ألهمت جيلا من الأديبات، بما كتبت عن تجربة المرأة، وأنها بقوة رؤيتها، أخضعت حضارة منقسمة على نفسها للفحص والتدقيق. لكن قبل نوبل، كانت ليسينغ قد حازت العديد من الجوائز الأوروبية الكبري، ففي عام 1954 نالت جائزة سومرست موغهام، وفي عام 1976 فازت بجائزة الروائيين الأجانب، ولم ينتهِ عام 1981 إلا وقد حصدت جائرة الأدب الأوروبي، وفي العام التالي 1982، نالت ليسينغ جائزة شكسبير، أما في العام 1987 فقد حازت جائزة باليرمو، كما نالت في هذا العام 1987 جائزة الرواية الدولية، قبل أن تستحوذ على جائزة جايمس بلاك في عام 1995، وفي العام ذاته تنال جائزة لوس أنجلوس تايمز، ثم تفوز بجائزة القلم الذهبي في العام 2002.

لأجل ذلك، وجدت ليسينغ نفسها تقول للصحفيين الذين كانوا قد احتشدوا أمام منزلها في العاصمة البريطانية لندن وراحوا يبلغونها بأنها فازت بنوبل "لقد فزت بكل الجوائز الأوروبية. لذلك أنا سعيدة، لأني فزت بها كلها.. إنها هي الورقة الرابحة".

بدايات صعبة

ولدت ليسينغ في عام 1919 في كرمنشاه بإيران، وكان والدها كاتبا في أحد المصارف، أما والدتها فكانت ممرضة. وقد دفعت أحلام الثراء السريع تلك العائلة إلى الانتقال إلى روديسيا (زيمبابوي وزامبيا حاليا)، لكن ليسينغ عاشت هناك "طفولة مؤلمة" كما وصفتها. حتى إنها حين بلغت الـ15 من عمرها، هربت من منزل العائلة، كما أنها لم تُنهِ تعليمها بعد ذلك، ولجأت إلى تثقيف نفسها عبر الانغماس في القراءة.

مصدر الصورة
رواية "ألفرد وإميلي" (الجزيرة)

حتى إنها في النهاية، لم تترك نوعا أدبيا إلا وطرقته، ليسفر ذلك في النهاية عن حصيلة تضم نحو 60 كتابا في القصة القصيرة والرواية القصيرة والرواية والشعر والنقد والمسرح بل وحتى في الأوبرا. وقد اعتمدت كتبها غير القصصية، على التزامها الجاد بالشؤون السياسية والاجتماعية التي عبرت فيها عن الصدام بين الثقافات، والظلم الفادح الناجم عن التفرقة العرقية، والصراع بين عناصر متضاربة داخل شخصية الفرد، والانقسام بين ضمير الفرد ومصلحة الجماعة.

أما في قصصها القصيرة ورواياتها التي أصدرتها في العقد السادس من القرن العشرين والتي كانت تدور في أفريقيا، فقد تناولت فيها طرد المستعمرين البيض للسود من أراضيهم والاستيلاء على ممتلكاتهم، كما فضحت العقم الذي كشفت عنه في ثقافة البيض في أفريقيا.

وقد اتسم مشروع دوريس ليسينغ برؤية سوداوية للعالم، وفي أغلب رواياتها قامت برسم عالم على وشك التحلل، تواجه شخصياته مصيرا مجهولا، وحالة ضاغطة تسيطر عليها الفوضى. الأمر الذي يمكن من خلاله، العثور على ملامح لحياة الكاتبة نفسها، وكأن هذه الحياة هي مادة أعمالها، وهو ما كتبته وأعادت كتابته بغزارة، مع قدرة على خلق الشخصيات ورسم ملامحها الدقيقة.

مصدر الصورة
الروائية البريطانية دوريس ليسينغ أمام منزلها عام 2007 (رويترز)

معرفة عميقة

صدرت رواية "العشب يغني" عام 1950 كأولى روايات ليسينغ، لتتمحور حول علاقة زوجة مزارع أبيض وخادمها الأسود، فيما حققت لها رواية "المفكرة الذهبية" الصادرة عام 1962 الشهرة، بعد أن تناولت فيها بشكل واضح، وجهة نظر القرن العشرين، حول العلاقة بين الرجل والمرأة.

مصدر الصورة
رواية "العشب يغني" (1950) تدور حول علاقة زوجة مزارع أبيض وخادمها الأسود (الجزيرة)

أما في السبعينيات والثمانينيات، فقد بلغت ليسينغ مرحلة متقدمة من التصوف والتأمل عبرت عنها في رواياتها "بيان موجز لمنحدر إلى سقر"، وفي "مذكرات من نجا"، و"سهيل في آرغوس". الأمر الذي أفضى بها إلى التوقف عن الكتابة لبضع سنوات، قررت فيها الدراسة على يد رجال تصوف مسلمي ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

إقرأ أيضا