بفضل عدد من المستكشفين من أمثال جاك كارتييه (Jacques Cartier) وصمويل دو شامبلان (Samuel de Champlain) تمكنت فرنسا ما بين القرنين السادس عشر والسابع عشر من بلوغ شمال القارة الأميركية وإنشاء عدد من المستوطنات بها. وخلال النصف الثاني من القرن السابع عشر، قاد المستكشف الفرنسي رونيه روبير كافالييه دو لا سال (René-Robert Cavelier de La Salle) رحلة لاستكشاف نهر المسيسيبي والمناطق المحيطة به. وعام 1682، أعلن الأخير ملكية فرنسا على كامل حوض المسيسيبي والمناطق القريبة وأطلق عليها اسم لويزيانا نسبة للملك الفرنسي لويس الرابع عشر.
إلى ذلك، شملت هذه المناطق الجديدة التي ضمت للممتلكات الفرنسية أراضي شاسعة امتدت بين خليج المكسيك ومناطق البحيرات الكبرى. وقد ضمت لويزيانا حينها أراضي من ولايات أركنساس وميسوري ومينيسوتا وداكوتا الشمالية وداكوتا الجنوبية ونبراسكا وكنساس وأوكلاهوما وتكساس وكولورادو ومونتانا ووايومنغ ولويزيانا الحالية. وبسبب مساحتها الشاسعة، عجزت فرنسا عن تعمير لويزيانا وإنشاء مستعمرات بها.
فضلا عن ذلك، كسبت هذه المنطقة سمعة سيئة لدى الفرنسيين. فبعد حملات دعائية كاذبة وحديث عن سهولة جمع الثروة بها وبدء حياة جديدة وتصويرها كقطعة من الجنة على الأرض، صدم الفرنسيون عند سماعهم لحقيقة الحياة في لويزيانا حيث وصفها العديد ممن ذهبوا إليها بالأرض المليئة بالوحل والحيوانات المفترسة، وأكدوا في الوقت ذاته على انتشار الأمراض ونقص الغذاء بها وافتقارها لأبسط مقومات الحياة.
ومع عجزها عن تعمير المنطقة وإقناع الفرنسيين بالذهاب إليها، لجأت فرنسا إلى خدمات الخبير الاقتصادي والمستثمر ذي الأصول الأسكتلندية جون لاو (John Law)، المولود بإدنبرة (Edinburgh) عام 1671، الذي شغل مناصب مرموقة بالبلاد.
إلى ذلك، حل جون لاو في فرنسا بعد نجاحه في الفرار من أسكتلندا على إثر صدور حكم بإعدامه بسبب قيامه بقتل شخص آخر أثناء نزال حول علاقة غرامية. وبفرنسا، لاحظ الأخير أن البلاد تعاني من أزمة مالية خانقة بسبب سياسات الملك السابق لويس الرابع عشر.
بفضل خبرته بمجال النقد، عرض جون لاو على المسؤولين الفرنسيين مخططا لإنعاش اقتصاد البلاد. ومع حصوله على ثقة هؤلاء المسؤولين، أنشأ جون لاو سنة 1716 البنك العام الذي وضع نوعا من الأوراق المالية التي كان من الممكن مقايضتها بالقطع النقدية الفضية. وانطلاقا من ذلك، اتجه هذا الرجل الأسكتلندي لزيادة المبادلات التجارية وإنعاش الاقتصاد. ومستغلا نجاح نظامه الاقتصادي، استولى جون لاو على نظام التجارة مع لويزيانا التي مثلت حينها مستعمرة فرنسية شبه خالية من المستعمرين.
مستغلا مؤسسته المختصة بشؤون لويزيانا التي أنشأها عام 1717، أوهم جون لاو الفرنسيين بوجود كنوز وذهب وأراض خصبة بلويزيانا. ومع فشله في استقطاب المستعمرين، لجأ جون لاو لنقل من وصفهم بغير مرغوب فيهم بفرنسا نحو لويزيانا. وبناء على ذلك، اعتقل المتسولون والمشردون بشوارع فرنسا ونقلوا بالقوة نحو لويزيانا. أيضا، شملت قوائم غير المرغوب فيهم أعدادا كبيرة من المساجين وقطاع الطرق.
لاحقا، تسببت سياسة جون لاو في تحول لويزيانا لمستعمرة يقطنها الرجال فقط. ولمعالجة الأزمة وضمان نشوء عائلات بهذه المستعمرة، أمر جون لاو باعتقال النساء العاملات بمجال الدعارة وتزويجهن بالقوة للرجال الذين سينقلون نحو لويزيانا.
وضمن مراسم زواج غريبة، أجبر هؤلاء المتزوجون على السير مكبلين بشوارع باريس، ضمن استعراضات أثارت غضب الفرنسيين، قبل نقلهم نحو لويزيانا التي عانت من تفشي الأمراض ونقص بالغذاء.
بفضل هيمنته على لويزيانا والتجارة، حقق جون لاو ثروة هائلة ووصف لوهلة كواحد من أثرى رجال أوروبا. وفي الأثناء، كان نجاح النظام البنكي الجديد لجون لاو مؤقتا. فعلى الرغم من تحريكها للاقتصاد الفرنسي الذي كان راكدا، أدت سياسته لظهور فقاعة اقتصادية انتهت بانهيار الاقتصاد الفرنسي مرة أخرى. ومع فشله، فر جون لاو نحو البندقية أين توفي عام 1729 فقيرا ومفلسا.
المصدر:
العربيّة