قتل نحو 500 شخص.. قصة أحد أسوأ الحرائق بتاريخ أميركا

يوم 7 ديسمبر (كانون الأول) 1941، اهتزت الولايات المتحدة الأميركية على وقع هجوم بيرل هاربر الذي أقدمت خلاله طائرات تابعة لسلاح البحرية اليابانية على شن غارات جوية عنيفة على القاعدة العسكرية الأميركية بهذه المنطقة التابعة لجزر هاواي. وعقب هذا الهجوم الذي أسفر عن مقتل حوالي ألفي أميركي، لم تتردد واشنطن في إعلان الحرب على اليابان، مؤكدة بذلك دخولها الحرب العالمية الثانية.

وبعد أقل من عام عن هجوم بيرل، ذهل الأميركيون، أثناء مشاركتهم بالحرب العالمية الثانية، من هول كارثة أخرى أسفرت عن سقوط مئات القتلى. فخلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 1942، شهدت بوسطن حريقاً أودى بحياة ما يقارب 500 شخص.

مصدر الصورة

صورة لموريس توبين - أرشيفية

استهتار بإجراءات السلامة

مثلت كوكانوت غروف (Cocoanut Grove) واحدة من أشهر الملاهي الليلية بمدينة بوسطن بولاية ماساتشوستس الأميركية. وفي الأثناء، كان هذا الملهى الليلي مملوكاً بالأساس لكل من العمدة موريس توبين (Maurice J. Tobin) وبارنيت ويلانسكي (Barnet Welansky) الذي عرف بارتباطه الوثيق بالمافيا والأنشطة الإجرامية.

وارتاد العديد من المشاهير هذا الملهى الليلي الذي كسب سمعة جيدة بالمنطقة. وعرف عن كوكانوت غروف أنه كان يسمح بدخول حوالي 460 شخصاً فقط. لكن بهدف تحقيق أرباح أكبر، لم يتردد المسؤولون عن هذا الملهى الليلي في تجاوز طاقة الاستيعاب.

من جهة ثانية، استهتر القائمون على كوكانوت غروف بإجراءات السلامة خلال فترة الحرب العالمية الثانية، حيث عمدوا إلى إغلاق أبواب الخروج والنجدة بشكل محكم لمنع دخول أشخاص غير مرغوب فيهم. كما احتوت الزخارف الموجودة على أشجار النخيل، المعتمدة كديكور، على مواد سريعة الالتهاب. ومُلِئَ نظام تكييف الهواء بهذا الملهى الليلي بغاز قابل للاشتعال بسبب نقص غاز الفريون (Freon) خلال الحرب العالمية الثانية.

مصدر الصورة

جانب من الحريق بالملهى - أرشيفية

492 ضحية

ويوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 1942، عجّ كوكانوت غروف بأكثر من ألف شخص ممن جاؤوا للاحتفال بعيد الشكر وللمشاركة في حفل وطني بسبب مشاركة بلادهم بالحرب العالمية الثانية. وفي خضم الاحتفال، اندلع حريق بالطابق السفلي سرعان ما انتشر ليلتهم أقسام كبيرة من المبنى بسبب الغاز الموجود بنظام تكييف الهواء. وبسبب الاكتظاظ وإغلاق أبواب الخروج، لم يتمكن الحاضرون من الهرب من الدخان وألسنة اللهب التي التهمت المبنى خلال وقت وجيز.

مصدر الصورة

صورة لموقع محترق بالملهى - أرشيفية

وهرعت فرق الإنقاذ والإطفاء نحو كوكانوت غروف وتمكنت من السيطرة على الحريق. وبسبب حالة الحرب التي عاشت على وقعها البلاد، كانت المستشفيات الأميركية مستعدة لحالات طوارئ ومهيئة للتعامل مع سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في فترة وجيزة، حيث كثفت الولايات المتحدة الأميركية حينها جهودها للتعامل مع إمكانية تعرض سواحلها الشرقية لهجمات ألمانية.

وضمن ما وصف بأسوأ حريق في تاريخ الملاهي الليلية الأميركية، وثالث أكثر حريق دموية في مبنى واحد بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية، قتل بحريق كوكانوت غروف 492 أميركياً وأصيب المئات. ووجه القضاء الأميركي، لاحقاً، تهمة الإهمال والاستهتار بمعايير السلامة لبارنيت ويلانسكي الذي قضى 4 سنوات في السجن بسبب ذلك.