آخر الأخبار

بعد "وداعاً جوليا".. كردفاني يعود بفيلم عن قوانين سبتمبر

شارك
المخرج السوداني محمد كردفاني

في مايو 2023، حضر فيلم "وداعاً جوليا" للمخرج السوداني محمد كردفاني في مهرجان كان السينمائي الدولي بدورته الـ76، في أول مشاركة سودانية في هذا المهرجان العالمي، بعدما حظي بإشادات عالمية واسعة.

وبعد هذا النجاح، عاد كردفاني ليواصل مشروعه السينمائي الطموح في استعادة الذاكرة الوطنية السودانية عبر الشاشة، لكن هذه المرة من بوابة الحب والسياسة، في فيلمه الجديد "عن الحب وقوانين سبتمبر".

تمويل الفيلم من سوق مهرجان البحر الأحمر

فالفيلم، كما وصفه كردفاني، "دراما رومانسية تدور حول شخصيات خيالية في زمن واقعي"، ويستند إلى أحداث مطلع الثمانينات حين أعلن الرئيس الأسبق جعفر نميري تطبيق الشريعة الإسلامية، فيما عُرف بـ"قوانين سبتمبر" (1983)، وهي المرحلة التي فجرت جدلاً واسعاً في المجتمع وأدت إلى تغيّرات سياسية انتهت بثورة أبريل 1985.

وقال المخرج في منشور على صفحته في فيسبوك: "يسعدني الإعلان عن مشروعي السينمائي الجديد "عن الحب وقوانين سبتمبر"، وهو امتداد لمشروعي الشخصي في رواية تاريخ السودان الحديث من زاوية إنسانية، تسلط الضوء على الحب والخسارة وسط التحولات السياسية".

علماً أن كردفاني فضلاً عن إخراجه للفيلم، كتب السيناريو مع خالد الوليد، في حين تولى الإنتاج خالد عوض عبر شركة Klozium Studios.

أما على صعيد التعاون الدولي، فجمع المشروع شركاء من السودان وفرنسا وألمانيا والسويد، بمشاركة المنتجين مارك إيرمر، مايكل هنريكس وRiverflower Sthlm.

فيما ينتظر أن ينطلق تطوير وتمويل الفيلم من سوق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، الذي وصفه كردفاني بأنه "كان ولا يزال داعماً أساسياً لمسيرتي السينمائية منذ وداعاً جوليا"، مؤكداً أن المهرجان يمثل "ركيزة مهمة لصناع السينما في المنطقة".

"مرآة فكرية للمجتمع"

ومن عنوان الفيلم ومضمونه يبدو أن كردفاني يتجه لتعميق خطه الإبداعي القائم على إعادة قراءة التاريخ السوداني بلغة فنية مشحونة بالعاطفة والتأمل.

فالعمل، وفق النقاد، لا يكتفي بتوثيق لحظة سياسية، بل يحاول أن يفكك العلاقة المعقدة بين القانون والمجتمع، وبين ما تفرضه الدولة وما يحلم به الفرد.

من جهته، رأى الناقد السينمائي هيثم أحمد الطيب أن المخرج السوداني "يبني مشروعه السينمائي على نحو يشبه حركات سينمائية كبرى في العالم، حيث تتحول الأفلام إلى مرآة فكرية للمجتمع".

جمهور أمام سينما كلوزيوم بالخرطوم في الثمانينيات

وأضاف الطيب لـ"العربية.نت" أن "الفيلم الجديد "عن الحب وقوانين سبتمبر" يمثل محاولة لاقتحام فضاء الميتا سرد، أي السرد الذي يتأمل ذاته ويكسر الجدار بين القصة والجمهور"، مشيراً إلى أن العمل "يناقش جدلية القوانين والأخلاق والحرية الفردية في إطار إنساني بعيد عن الخطابة".

كما أوضح أن "ما يميز تجربة كردفاني أنه لا يتعامل مع التاريخ من موقع المرافعة أو الإدانة، بل من موقع التأمل والبحث. فهو لا يسعى لتقديم خطاب سياسي، وإنما لطرح أسئلة إنسانية عميقة حول معنى العدالة والحب والاختيار في ظل منظومات تقيد الإنسان باسم الأخلاق أو الدين أو الدولة".

"كتابة تاريخهم بالكاميرا"

كذلك بيّن أن كردفاني "ينتمي لجيل جديد من السينمائيين السودانيين الذين يحاولون كتابة تاريخهم بالكاميرا، لا بالنصوص الرسمية. فهم يعيدون النظر في السرديات الوطنية الكبرى، ويضعون الإنسان العادي في مركز الصورة".

فيما اعتبر الطيب أن نجاح الفيلم "سيتوقف على مدى قدرته على المزج بين التوثيق للمرحلة التاريخية والبعد الإنساني للشخصيات"، مشدداً على أن "القيمة الحقيقية لمشروع كردفاني تكمن في أنه لا ينفصل عن الواقع، لكنه لا يقع أسيراً له، بل يحوله إلى مادة فنية قابلة للتأمل والتساؤل". وختم قائلاً: "إذا كان "وداعاً جوليا" قد فتح الباب أمام السينما السودانية لتقول نحن هنا، فإن "عن الحب وقوانين سبتمبر" قد يكون الفيلم الذي يقول: نحن نعرف من نحن، ونسأل كيف صرنا كذلك".

محمد كردفاني

"ذاكرة مرئية"

ومنذ فيلمه الأول "وداعاً جوليا"، بدا أن كردفاني يسعى إلى بناء "ذاكرة مرئية" للسودان الحديث.

فالفيلم الذي حصد جائزة الحرية في مهرجان كان، ومثل السودان في جوائز غولدن غلوب والأوسكار، رسخ اسمه كأحد أبرز الأصوات الجديدة في السينما العربية والأفريقية.

لغة شاعرية وذاكرة متجددة

لكن في عمله الجديد، يبدو كردفاني عازماً على المضي في توسيع فضاء التجربة السودانية على الشاشة، بلغة شاعرية تجمع بين الحنين والواقع، وبين السياسة والعاطفة.

إذ لا يتعامل "عن الحب وقوانين سبتمبر" مع التاريخ كحدث جامد، بل كحالة إنسانية متكررة، تتجدد مع كل جيل، ومع كل قلب يواجه صراعاً بين ما يريده وما يُفرض عليه.

بهذا المعنى، يواصل المخرج عبر الفيلم رسم ملامح هوية سينمائية سودانية معاصرة، تعيد النظر في الماضي لتفهمه لا لتكرره، وتستدعي الذاكرة لا لتؤرشفها بل لتعيد تأويلها بعدسة لا تخاف من الحب، ولا من التاريخ.

يذكر أن محمد كردفاني ولد في الخرطوم، ودرس الهندسة قبل أن ينتقل إلى الإخراج السينمائي، حيث قدم عدداً من الأفلام القصيرة، ثم حقق اختراقاً تاريخياً عبر "وداعاً جوليا" جعل السينما السودانية موضع اهتمام عالمي.

العربيّة المصدر: العربيّة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار