في أعقاب السرقة الجريئة التي تعرض لها متحف اللوفر في باريس، أمس الأحد، والتي هزّت الرأي العام العالمي، وقبلها عملية سرقة من المتحف المصري في القاهرة، الشهر الماضي، أثارت تلك العمليات ردود أفعال واسعة حول سرقات التراث الفني.
لكن رغم الأصداء الواسعة للعمليتين، فإنهما لا تعدان الأبرز عالمياً.
وفيما يلي أشهر خمس عمليات سرقة طالت متاحف عالمية، وهي جرائم لم تستهدف فقط قطعاً نادرة، بل أيضاً رموزاً ثقافية وإنسانية تتجاوز قيمتها المادية.
ففي فجر 18 مارس 1990، اقتحم لصان متنكّران بزي شرطيين متحف إيزابيلا ستيوارت غاردنر في بوسطن، وقاما بتقييد الحراس وسرقة 13 لوحة فنية، منها أعمال لرمبرانت وفيرمير وديغا، فيما قُدّرت قيمتها بأكثر من 500 مليون دولار.
ورغم مرور أكثر من ثلاثة عقود، لم تُستعد أي منها حتى اليوم.
في حين أضحت هذه الجريمة تعد الأكبر والأكثر غموضاً في تاريخ فن المتاحف.
كذلك في صباح 21 أغسطس 1911، لاحظ موظفو متحف اللوفر اختفاء لوحة الموناليزا الشهيرة، تحفة ليوناردو دا فينشي من جدارها.
وبعد تحقيق دام عامين، اتضح أن السارق عامل إيطالي داخل المتحف يُدعى فينتشنزو بيروجيا، أخفاها في غرفته بدافع "الغيرة الوطنية".
لكن اللوحة استُعيدت لاحقاً، فيما زادت هذه الواقعة من شهرتها عالمياً.
غير أن هذه الحادثة أثبتت أنه حتى أكثر القطع حماية ليست بمنأى عن اللصوص.
أما اللوحة التعبيرية الشهيرة للنرويجي إدفارد مونك، فتعرّضت مرتين للسرقة، الأولى في 1994 أثناء أولمبياد الشتاء في النرويج، والثانية في 2004 حين اقتُحم "متحف مونك" وسُرقت لوحتا "الصرخة" و"العذراء".
إلا أن الأعمال استُعيدت بعد سنوات، لكن الضرر الناجم عن الرطوبة والتمزيق كان جسيماً.
إلى ذلك، نجح لصوص في سرقة لوحة "زهرة الخشخاش"لفان غوخ من متحف محمود خليل في القاهرة، في وضح النهار، وسط تقصير أمني "فادح".
إذ تبيّن حينها أن نصف أجهزة الإنذار كانت معطّلة تقريباً. وقُدّرت قيمة اللوحة بـ50 مليون دولار تقريباً.
ولا تزال مفقودة حتى الآن رغم محاولات الإنتربول للعثور عليها.
وفي عملية أشبه بأفلام الحركة، اقتحم لصوص متحف الخزانة الخضراء في مدينة دريسدن الألمانية، وسرقوا كنوزاً مرصعة بأكثر من 4000 قطعة ألماس تعود إلى القرن الثامن عشر، قُدّرت قيمتها بمليار يورو تقريباً.
لكن رغم اعتقال بعض المشتبه بهم وإعادة أجزاء صغيرة من المسروقات، لا تزال القطع الأثمن مفقودة، ما يسلّط الضوء على التحديات الأمنية حتى في أعرق المتاحف الأوروبية.
ولعل ما يجمع بين كل هذه الحوادث أن الفن والتراث ليسا مجرد زينة بصرية، بل ثروة مادية وثقافية هائلة تحفّز جماعات إجرامية تستهدفها سواء لبيعها أو إعادة صياغتها.
إن سرقة المتاحف لا تنتظر ليلاً أو هدوءاً، بل غالباً ما تُنفّذ في وضح النهار، مع تنسيق وتجهيز مسبق، ما يضع المتاحف تحت ضغط مستمر لتحديث أنظمة الحماية والأمن.
كما تبرز الحادثتان الأحدث -سرقة اللوفر في باريس وسوار الفرعون في القاهرة- بشكل خاص الثغرات الأمنية.
ففي باريس، اقتحم اللصوص أرقى متحف في العالم خلال أقل من 10 دقائق باستخدام أدوات كهربائية.
بينما في القاهرة سُرق سوار ذهبي عمره 3000 سنة من مختبر ترميم بسبب ضعف الحراسة والتقنيات الأمنية.
وفي زمن يُفترض أن التكنولوجيا المتقدمة تحمي تراث البشرية، تظل المتاحف أمام واقع متغيّر، فاللصوص باتوا أكثر احترافية، والتقنيات القديمة لم تعد كافية.
والتحدي الآن هو أن يتحوّل هذا الوعي إلى استثمارات جذرية في الحماية، وإلى تعاون دولي لاستعادة الضائع، فكل قطعة تُسرق ليست مجرد غياب لصورة أو قطعة ذهبية بل غياب لجزء من ذاكرة الإنسان.