مع تعقيدات الحياة الحديثة، غالبا ما ينظر إلى الحياة على أنها معادلة صعبة، حيث النجاح في جانب يعني بالضروة التضحية بجانب آخر. فقد يشعر كثيرون مثلا بأن النجاح المهني يتطلب التخلي عن الأهداف الشخصية مثل قضاء الوقت مع العائلة، أو الاهتمام بالصحة.
لكن هل هذا صحيح بالضرورة؟
الخبر الإيجابي -وفقا لدراسة حديثة- أن الأمر ليس لعبة "محصلتها صفر"، بل هو أشبه بسيمفونية يمكن أن تعزف فيها كل أهدافك معا. فطغيان جانب على الآخر ليس حتميا، بل يمكنك أن توازن بين العمل والمنزل، ويمكن أيضا أن تتناغم الأهداف ليصبح المسار واحدا وبالتالي يحتاج لجهد أقل.
المشكلة ليست في كثرة الأهداف، بل في الطريقة التي ننظر بها إلى علاقتها ببعضها من ناحية التصادم أو التكامل، وذلك وفقا لدراسة منشورة في "هارفارد بزنس ريفيو" بعنوان "كيف تصنع تناغما بين أهدافك الشخصية والمهنية".
وجدت الدراسة أن الأشخاص الذين يحققون أعلى درجات التناغم في حياتهم ينظرون إلى أهدافهم بطريقتين رئيسيتين:
هذا المنهج لا يقلل من التوتر والإرهاق فحسب، بل يزيد من الدافع والإنتاجية والشعور بالرضا، والجيد أن هذه القدرة على الربط بين الأهداف ليست فطرية، بل يمكن تعلمها وتطويرها.
اعتمدت الدراسة على 11 عينة في 10 دول، وكانت أبرز النتائج:
توصي الدراسة بخطوة ذهنية قبل أي أدوات تنظيمية:
رغم أهمية التناغم، تقر الدراسة بوجود أوقات لا مفر فيها من الصراع. ففي بعض الأحيان، تكون الأولوية ضرورية، خاصة عند مواجهة إغراءات تتعارض مع أهدافك العليا. فالرغبة في تأجيل عمل مهم لتصفح وسائل التواصل الاجتماعي هي مثال واضح على صراع ضبط النفس. في هذه الحالات، يجب عليك أن تكون واعيا للصراع وأن تخطط لكيفية مقاومة هذه الإغراءات.
تؤكد الدراسة أن الاعتراف بالتعارض لا يناقض التناغم، بل يحميه من الانهيار أمام ما تعتبره اللحظة السهلة التي تسرق الأوقات سواء من العمل أو المنزل.
عندما تنظر إلى حياتك كأهداف مترابطة لا متضاربة، فإنك لا تحقق التوازن فقط، بل تكتسب دافعا متجددا. فكل خطوة نحو هدف تشعرك أنك تتقدم في مسارات متعددة.
ويمكن للمؤسسات أن تتبنى هذه الفكرة وتشجعها من خلال توفير بيئات عمل مرنة، وتخصيص مساحات للموظفين لممارسة الرياضة، وتقديم برامج تدعم التوازن بين العمل والحياة الشخصية. فالحياة ليست سباقا تختار فيه مسارا واحدا، بل هي لوحة فنية يمكنك أن تنسج خيوطها الملونة معا بحكمة ومهارة.