ينزعج كثيرون من ظهور شعرات أو خصل بيضاء أو رمادية فيلجأ أغلبهم إلى صبغات الشعر أو لخلطات خاصة لإخفاء الشيب والظهور بمظهر يرضيهم، ويتمنى البعض إيجاد حل نهائي للشعر الأبيض، لكن الممثلة الصينية قوو تونغ، البالغة من العمر 37 عاما، أحدثت زوبعة جدل على مواقع التواصل الاجتماعي بعد كشفها عن خضوعها لسلسلة من الحقن الطبية التي تعيد اللون الطبيعي لشعرها الأبيض حسبها.
عندما يتقدّم الإنسان في عمره، يُصبح أمراً طبيعياً أن يُلاحظ تغيّراً في لون شعره، ليُصبح بلون أبيض أو رماديّ، وتعتبر صبغة الميلانين (بالإنجليزية: Melanin) هي السبب الرئيسي وراء هذا التغيير، حيث إن بصيلات الشعر تحتوي على كميات كبيرة جدا من هذه الصبغة التي تعطي الشعر لونه الحقيقي، ولكن كلما تقدّم الشخص في عمره، تبدأ بصيلات شعره بفقد محتواها من تلك الصبغة، ممّا يؤدي إلى إيقاف تزويد الشعر بلونه الأصلي، ليحل محله اللون الأبيض، وبالإضافة إلى التقدّم في العمر، فإن هناك عوامل أخرى قد تتسبّب أيضاً في ظهور اللون الأبيض للشعر، منها العوامل الوراثية، والتعب والإرهاق، والإصابة ببعض الأمراض، وكذا نقص الفيتامينات.
وأوضحت قوو في مقطع فيديو نشرته على تطبيق "Douyin" (النسخة الصينية من تيك توك)، أنها باشرت مؤخرا علاجا بحقن يُقال إنها قادرة على استعادة صبغة الميلانين في الشعر، ما يعيد اللون الأصلي تدريجيا إلى خصلاتها البيضاء.
وذكرت قوو: "شيب شعري ليس وراثيًا، بل ناتج عن نمط حياة غير منتظم، وضغوط نفسية وعاطفية، وفترة من التوتر النفسي الشديد أثرت على شعري".
وأردفت أنها أنهت 10 جلسات من العلاج، لكنها لم تلاحظ نتائج واضحة حتى الآن بسبب اضطرارها لتفويت ثلاث جلسات خلال سفرها، فضلًا عن قيامها بصبغ شعرها الأسود لأغراض التصوير. ومع ذلك، أوضحت أن الطبيب المعالج التقط صورا توثق نمو بعض الشعر الأسود من الجذور، مشيرة إلى أنها "سعيدة جدًا بهذه المؤشرات".
واسترسلت: "بدلا من القلق المستمر من تزايد الشيب، فضّلت اللجوء إلى المتخصصين والتركيز على عملي. وإذا نجح العلاج، سأشارك تجربتي بكل سرور، وإن لم ينجح، أعتبر ما أنفقته ضريبة خبرة".
وتأخد قوو العلاج في مستشفى يوييانغ بمدينة شنغهاي، وهو عبارة عن حقن من فيتامين B12 المعروف باسم "أدينوسيل كوبالامين"، وهو مبدأ مستمد من الطب الصيني التقليدي، يُعتقد أنه يحفز إنتاج الميلانين، المادة المسؤولة عن لون الشعر والبشرة والعينين.
وشرح أحد أطباء الجلدية في المستشفى أن العلاج يتضمن حقنًا أسبوعية على مدار 3 إلى 6 أشهر. ورغم الاهتمام المتزايد بالعلاج، لا يزال الجدل قائما حول فعاليته.
وأبدى أطباء غربيون شكوكهم بشأن فعالية هذه التقنية. وصرح الدكتور ماغنوس لينش، استشاري الأمراض الجلدية، أنه من الصعب تحديد ما إذا كانت النتائج ناجمة عن الحقن أو عن إجراءات أخرى مرافقة مثل الوخز بالإبر الدقيقة.
ونشر الدكتور منير سوميجي من جانبه، مقطع فيديو عبر تيك توك أوضح فيه أن الشعر الرمادي يمكن أن يعود إلى لونه الطبيعي من خلال حقن "الإكسوزومات" باستخدام تقنية الوخز الدقيق في فروة الرأس أو منطقة اللحية.
ولفت إلى أن الإكسوزومات قد تُحفّز الخلايا الجذعية الميلانينية على إعادة إنتاج الميلانين، مردفا: "حتى بعد بضع جلسات، قد تلاحظ انخفاضًا في الشيب وظهور شعر جديد أكثر كثافة".
وذكر أحد الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي أنه خضع للعلاج ولاحظ تحسنا في كثافة الشعر وانخفاضا في عدد الشعرات البيضاء، فيما أبدى بعض المستخدمين شكوكهم، كما أن خبراء تجميل وأطباء جلدية في لندن، تحدثوا إلى صحيفة "ديلي ميل"، وأكدوا أن الأدلة المتوفرة حتى الآن غير كافية.
وأوضحت الطبيبة شيرين لاهاني أن "الفكرة تقوم على تحفيز الخلايا الميلانينية في بصيلات الشعر"، في حين شدد الدكتور إد روبنسون على أن "الدراسات السريرية القوية والموثوقة لا تزال غائبة".
وتابع: "لا يمكن اعتبار هذه العلاجات حلًا نهائيا أو موثوقا للشيب في الوقت الحالي، وأي تسويق لها على هذا الأساس يُعد مضللا".
تعد الوراثة سبباً رئيسياً في ظهور الشعر الأبيض، وقد يعود السبب في ظهوره في سن مبكرة إلى امتلاك الأجداد والآباء شعراً أبيض في سن مبكرة كذلك، وتعد الوراثة من الأسباب التي لا يمكن التحكم بها، ولكن يمكن تغيير لون الشعر عن طريق استخدام الصبغة.
يؤدي الإجهاد المزمن إلى قلة النوم، والقلق، والتّغيّرات في شهية الفرد، والضغط المرتفع، بالإضافة إلى التأثير على الشعر وظهور الشيب، وهناك بعض الأمراض المناعية مثل: الثعلبة والبهاق التي يهاجم جهاز المناعة فيها الشعر ويزيل صبغته؛ مما يؤدّي إلى ظهور الشعر الأبيض، وتسبب الاضطرابات الهرمونيّة الناتجة عن مشاكل الغدة الدرقية سواء تمثلت هذه المشاكل بفرط أو قصور الغدة الدرقية تأثيراً على ظهور الشعر الأبيض مبكراً، كما يرتبط التدخين أيضاً مع ظهوره في وقت مبكر.
هناك علاقة وثيقة بين نقص الفيتامينات وظهور الشعر الأبيض؛ حيث يؤدي نقص فيتامين D6، و فيتامين B12، وبعض الفيتامينات الأخرى مثل: فيتامين E، وفيتامين D، والبيوتين إلى ظهور الشعر الأبيض في وقت مبكر، كما وُجد من خلال دراسة أُجريت عام 2016م ونُشرت في المجلة الدولية لبحوث الشعر أن نقص المادة التي تخزن الحديد في الجسم " serum ferritin"، أو الكوليسترول المفيد "HDL-C"، وفيتامين B12، تعد من الأمور التي تساهم في ظهور الشعر الأبيض أو الشّيب مبكراً.
يكتسب الشعر لونه من صبغة الميلانين التي توجد في بصيلات الشعر والأنسجة المحيطة بجذره، وباستمرار عمليات نموه، فإن كمية صبغة الميلانين تقل مع الوقت، وهذا ما يؤدي لتحوّله إلى اللون الرمادي، أو الأبيض بشكل كامل، وينتج الشعر الأبيض بسبب انخفاض مستويات الصبغة المسؤولة عن تلوّن الشعر، إضافةً إلى ذلك فإنّ الإصابة بالشيخوخة المبكرة والآثار الجانبيّة لبعض الأدوية تعد من الأسباب المؤدية لفقدان صبغة الشعر.