يبدو أن ضحايا مسلسل "إش إش" يتساقطون واحدا تلو الآخر بعد الانتقادات اللاذعة التي وجهت له، فقد أعلن مخرج العمل محمد سامي انتهاء مسيرته مع الدراما التلفزيونية بعد رحلة استمرت 15 عاما، حسبما أعلنه على صفحته الرسمية في "فيسبوك".
وواجه المسلسل، الذي أثار جدلا كبيرا، موجة اتهامات بتعمد صناعه "هدم قيم المجتمع"، بما يحتويه من ألفاظ خارجة ومصطلحات اعتبرت "غريبة"، كما أنه "لا يعرض الصورة الواقعية للحارة الشعبية المصرية"، وفق منتقديه.
ويدور مسلسل "إش إش" حول راقصة شابة وابنة فنانة استعراضية شهيرة، تكتشف أن والدتها تعرضت لعملية نصب كبرى من أقرب الناس إليها، بمن فيهم زوجها ومساعدتها والطبال، حيث استولوا على ملهى ليلي كانت تمتلكه، ولفقوا لها قضية زجت بها في السجن ظلما.
وفي سياق الأحداث، تتعرض "إش إش" لمكيدة أخرى عندما يدبر لها ابن مساعدة والدتها فخا بالزواج منها عبر مأذون مزيف، ثم يتخلى عنها، لتواجه تحديات قاسية في مجتمع لا يرحم.
والمسلسل من بطولة مي عمر وماجد المصري وإدوارد وانتصار، ومن إخراج محمد سامي.
سهام النقد التي وجهت لمسلسل "إش إش" لم تكن من جانب المختصين فقط، بل شملت الجمهور ورواد منصات التواصل الاجتماعي كذلك، الذين أكدوا أن ما جاء فيه "لا يتناسب مع حرمة الشهر الفضيل"، كما أنه "يعرض نماذج مشوهة للمرأة المصرية، ويهدر كرامتها من خلال مواقف وسلوكيات مرفوضة من بطلة العمل"، حسب آرائهم.
وعبرت الناقدة ماجدة خير الله عن "استيائها" من المسلسل، موضحة أن "المشاهدين يضجون من نوعية هذه المسلسلات التي لا تعكس الحارة الشعبية"، مطالبة بوقفه لأن "الحارة الشعبية الواقعية بها أشخاص يتعبون ويشتغلون عشرات الأعمال من أجل لقمة عيشهم، إما ما يحدث في المسلسل غير واقعي".
وأضافت في حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية": "المشكلة أن نوعية هذه المسلسلات يتم إنفاق أموال طائلة عليها من أجل تحضيراتها، لكنها في النهاية تضيع وقت الجمهور، لأن الحارة الشعبية ليست هكذا"، مستشهدة بما قدمه مسلسل "80 باكو" الذي كان يستعرض أيضا حياة المهمشين وأصحاب الطبقة الشعبية والحارة، لكن تم تناوله بشكل جديد وبساطة وبه قيمة فنية عالية، وفق تعبيرها.
وطالبت خير الله بتقليص هذه النوعية من المسلسلات إلى أقصى درجة ممكنة، مشيرة إلى أنه "رغم أن بطلته مي عمر في ذاتها ممثلة جيدة ومجتهدة، لكن عليها أن تتحرر من نوعية هذه الأدوار، وتقدم أعمالا جيدة ومختلفة مع مخرجيين جدد غير زوجها محمد سامي، الذي أعلن بالفعل اعتزاله العمل الدرامي".
وفي السياق ذاته، أوضحت الناقدة ناهد صلاح أن ظهور نوعية مسلسلات محمد سامي سواء " إش إش" أو غيرها، هو "ناتج تغيير مجتمعي موجود بالواقع، فالفن مرآة للمجتمع"، مشيرة إلى "تغيرات سياسية واقتصادية أحدثت تغيرات في القيم القديمة، فبالتأكيد أعمال الخمسينيات مختلفة عن السبعينيات مختلفة عما يحدث في واقعنا الحالي".
وأضافت لموقع "سكاي نيوز عربية": "لكن ما يحدث في العمل تشويه لصورة المناطق الشعبية، فليس من الطبيعي كمية الألفاظ غير المبررة داخل العمل. للأسف قدم سامي العمل بمبالغة شديدة لأننا لا نعيش وسط هذا المحيط".
أما عن تشبيه المسلسل بفيلم "خلي بالك من زوزو" للفنانة الراحلة سعاد حسني، ردت ناهد صلاح قائلة: "نعم المخرج أخذ تيمة الراقصة وابنتها، لكن مع اختلاف النسق والحالة، فالفيلم يعلي قيمة الحب والتعليم والعلم، أما في المسلسل فكانت روح الانتقام من الشخصيات والمجتمع هي المسيطرة".
وفي الإطار ذاته، أكد المخرج رامي عبد الرازق أن نوعية مسلسلات سامي ليست المفضلة بالنسبة له، لأنه "يقدم خلطة شعبية ليست على ذوقه"، قائلا: "سامي لا يدعي أنه يقدم الروائع الفنية، ولا مسلسلات ذات عمق ولا قضايا كبرى، فهو يقدم أعمالا تناسب مزاج الشرائح الأعرض من الجمهور، وهي بالنسبة له شرائح مشاهدة مضمونة".
لكنه أضاف لموقع "سكاي نيوز عربية": "هناك محاولات لتكريس زوجته مي عمر كنجمة تليفزيونية رغم موهبتها المحدودة"، وفق رأيه.
وكان سامي قد حصل على نصيبه من انتقادات الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي، الذين عبروا عن استيائهم من المسلسل، معتبرين أنه "يسيء إلى تقاليدنا".