مزّقت بينيديتا الشريط اللاصق على طرد غامض المحتوى لتكتشف في داخل الصندوق معولا للزراعة وسمّاعات لاسلكية، في حين وجدت صديقتها في العلبة التي اشترتها حزاما.
كانت هاتان الطالبتان الإيطاليتان بين مئات الأشخاص الذين أقبلوا على عملية "بيع أعمى" لطرود لم يتسلمها أصحابها ولم يطالبوا بها، طُرحَت فيها للبيع بحسب الوزن صناديق من الأحجام كافة في مجمّع تجاري في روما.
وقالت بينيديتا "أعيش في الريف، وأواظب على زرع الزهور، وأستخدم ملعقة كبيرة للحفر. لم أكن لأشتري مطلقا من تلقائي معولا".
وتعد هذه أول عملية بيع عشوائي تنظّمها الشركة الفرنسية الناشئة "كينغ كولي" في إيطاليا، وحمَل الإقبال الواسع عليها الرئيس التنفيذي للشركة كيليان دوني على تَوقُّع بيع 10 أطنان من الطرود في 6 أيام، بمتوسط 800 مشترٍ و3 آلاف زائر يوميا.
وأوضح دوني أن الفكرة خطرت بباله خلال مرحلة الإقفال لاحتواء جائحة "كوفيد-19″، إذ لم يتسلّم حينها سلعا عديدة اشتراها عبر الإنترنت لتسلية بناته نظرا إلى فقدانها خلال عملية التوصيل بريديا.
وقال دوني "كنت أحصل على تعويض في كل مرة.. لكنني بدأت أتساءل عما يحصل للطرود المفقودة غير القابلة للتسليم".
وأضاف "تبيّن لي أن شركات الخدمات اللوجستية المسؤولة عن توصيلها تتلفها لأنها لا تفيدها، وترفض الجهات البائعة استردادها بسبب كلفة النقل".
وحينها، قرّر مع أحد أصدقاء طفولته أن يصبحا "منقذَي طرود".
ولا يعرف المشترون محتوى الطرد حتى لحظة الشراء، ثم يتوجهون إلى الميزان لدفع الثمن "بالوزن" بعد اختيار الطرد الذي يرغبون بشرائه، بواقع 1.99 يورو لكل 100 غرام للطرود العادية، و2.79 يورو للطرود الخاصة بـ"أمازون".
وبينما كان الزبائن الواقفون في الطابور يتقدمون تباعا داخل المركز، كان أنطوان أولري يتولّى إدارة جناح يُعطى فيه كل شخص 10 دقائق "لأخذ القدر الذي يرغب فيه من الطرود الموضوعة في الحاويات".
وراح الزبائن يغرفون من الأكوام ويهزّون الطرود التي يختارونها ويحملونها إلى آذانهم في محاولة لمعرفة ما تحويه.
وشرح أولري أن "القاعدة الوحيدة التي ينبغي اتباعها هي عدم فتح الطرود قبل شرائها".
وكان بعض المشترين يسارعون إلى تمزيق غلافات طرودهم ما إن يدفعوا ثمنها.
وبينما كان أحد الزبائن يجرّ عربة تسوق مليئة بالطرود، اكتشف عامل صيانة الطرق جوزيبي أرانسيو أن الصناديق التي اشتراها لقاء 126 دولارا تتضمن طنجرة مصنوعة من حجر الغرانيت.
وعلّق "الطبق قيّم، وحصلت على أشياء صغيرة أخرى كنت في حاجة إليها. من المجهول خرجت أشياء مفيدة".
بعد مبيعاتها الأولى في فرنسا، نظمت الشركة بيعا عشوائيا في النمسا والدانمارك وألمانيا ولوكسمبورغ وهولندا، وتقيم مثلها قريبا في البرتغال وإسبانيا.
وكانت شركة "كينغ كولي" التي بدأت العمل في القطاع اللوجستي في مارس/آذار 2024 السبّاقة إلى إقامة هذا النوع من العمليات التجارية في فرنسا. وشدّدت على أن المبادرة تأتي في إطار نهج يهدف إلى الحد من النفايات.
ونظّمت جهات أخرى في القطاع عمليات بيع مماثلة في الآونة الأخيرة، سواء عبر المنصات الرقمية أو في الأسواق التقليدية أو في مراكز التسوق في مختلف أنحاء فرنسا.
ويتأتى ثلث الطرود المباعة من شركات الخدمات اللوجستية الأوروبية العملاقة، في حين يأتي الثلثان المتبقيان من معيدي بيع سلع "أمازون".
ومعظم طرود أمازون هي طرود مفقودة، أما البقية فهي عبارة عن أشياء تم إرجاعها ولم تُبَع.
ناطق باسم أمازون قال: نحن لا نعمل مع بائعي "الصناديق الغامضة" و"الطرود السرية".
وأضاف أن "الشركة لا ترسل مرتجعات الزبائن غير المفتوحة أو غير القابلة للتسليم إلى بائعي التصفية"، لكنها تستخدم التصفية لإعطاء بعض المنتجات المرتجعة "حياة ثانية".