آخر الأخبار

هواتف سامسونج لا تُصنَّع في البلد الذي تظنه

شارك
مجموعة من هواتف سلسلة Galaxy Z من سامسونغ (رويترز)

قد يظن المرء أن معظم الهواتف الذكية لشركة سامسونج تُصنع في كوريا الجنوبية، موطن الشركة، لكن هذا الظن خاطئ. والتخمين الثاني هو الصين، باعتبارها "مصنع العالم" ومتخصصة في صناعة الهواتف الذكية، لكن هذا غير صحيح أيضًا.

ولا يعني هذا أن هواتف سامسونج لا تُصنع في كلا البلدين، بل إنها كذلك، لكن التفاصيل هي الفيصل؛ إذ تركز سامسونج في إحداهما على الهواتف الرائدة، وفي الأخرى على الهواتف منخفضة التكلفة، وهي لا تملك حتى مصانع في أي منهما.

آلية تصنيع الهواتف

لا تُصنع معظم شركات الهواتف الذكية هواتفها بنفسها، بل إن هذه الشركات تصمم الأجهزة ونظامها المتكامل -مثلما هو الحال مع أبل وغوغل- ثم يتم تصنيع الأجزاء الفريدة من مقبل مجموعة متنوعة من شركاء الإنتاج، بحسب تقرير لموقع "أندرويد أثوريتي" المتخصص في أخبار التكنولوجيا، اطلعت عليه "العربية Business".

تتولى شركات خدمات تصنيع الإلكترونيات مثل فوكسكون عملية التجميع النهائية للهواتف الذكية. ويُعد كل من هواتف بيكسل وآيفون مثالين جيدين، حيث يتم تصنيعهما في الواقع من قبل الشركة نفسها.

أما سامسونج، فهي مختلفة؛ إذ أنها الشركة الأكثر تكاملًا رأسيًا في هذا القطاع، مما يعني أنها تشارك في جميع مراحل التصنيع تقريبًا. فهي لا تكتفي بتصميم الهواتف -كما تفعل معظم الشركات- بل تصنع أيضًا العديد من الأجزاء الأساسية التي تدخل في تكوينها.

وتصنع سامسونج بعضًا من أفضل الشاشات في السوق، إن لم تكن الأفضل على الإطلاق. وتنتج أيضًا رقائق الذاكرة -مثل DRAM وNAND-، ومعالجات "Exynos"، ومستشعرات الكاميرا، والبطاريات. وتبيع الشركة كل هذه المنتجات أيضًا لمنافسيها. على سبيل المثال، يستخدم كل من أحدث هواتف آيفون وبيكسل شاشات من صنع سامسونج.

مع ذلك، لا تُصنّع سامسونج جميع مكونات هواتفها الذكية بنفسها؛ إذ تستخدم بعض هواتفها معالجات سنابدراغون من كوالكوم، وزجاج غوريلا الموجود في معظم الطرازات من كورنينج. لكن سامسونج تتولى الجزء الأكبر من عملية التصنيع، حيث تُنتج أغلى المكونات وأهمها داخليًا.

أماكن تصنيع هواتف سامسونج

تُصنّع سامسونج وتبيع حوالي 230 مليون هاتف سنويًا، ما يجعلها أكبر علامة تجارية للهواتف الذكية التي تعمل بنظام أندرويد في العالم. ولكن من أين تأتي هذه الملايين من الأجهزة؟ قد تبدو الخريطة مختلفة عما تتوقعه.

فيتنام (القوة العالمية): يُصنع حوالي نصف هواتف غالاكسي في فيتنام، حيث تدير سامسونج مجمعات ضخمة في محافظتي تاي نغوين وباك نينه. تُعد هذه المنشآت مركز التصنيع الرئيسي لسامسونج، حيث تزود الجزء الأكبر من الهواتف المباعة في أميركا الشمالية وأوروبا. في الواقع، في أغسطس 2025، حققت سامسونج إنجازًا تاريخيًا في البلاد: فقد أنتجت مصانعها الفيتنامية أكثر من ملياري هاتف منذ افتتاحها الأول في 2009.

الهند (أكبر مصنع في العالم): تأتي الهند في المرتبة الثانية، وهي موطن أكبر مصنع لتصنيع الهواتف الذكية على مستوى العالم، والواقع في نويدا. يُمكن لهذا المصنع وحده إنتاج ما يصل إلى 120 مليون وحدة سنويًا. ورغم أن الهدف الأصلي كان خدمة السوق الهندية المحلية الضخمة، إلا أنه تحول إلى مركز تصدير رئيسي، حيث تشحن الهواتف إلى الأسواق الغربية.

كوريا الجنوبية (تركيز على الهواتف الرائدة): تحافظ سامسونج أيضًا على إنتاجها في كوريا الجنوبية، موطنها، ولكن يُقال إن حجم الإنتاج صغير بشكلٍ مفاجئ، إذ تُنتج حوالي 20 مليون وحدة سنويًا في البلد، أي أقل من 10% من إجمالي الإنتاج. وتركز التصنيع هناك بشكل أساسي على أحدث الهواتف الرائدة مثل "Galaxy Z Fold 7" والأجهزة المخصصة للسوق الكورية المحلية.

البرازيل وإندونيسيا (متخصصون محليون): تتمتع سامسونج بحضور قوي في البرازيل من خلال مصانعها في كامبيناس وماناوس. ونظرًا لارتفاع رسوم الاستيراد في البرازيل، فمن المنطقي أن تُنشئ سامسونج مصانعها في البلد. وبالمثل، في إندونيسيا -هي سوق ضخمة تضم أكثر من 285 مليون نسمة- تُشغل سامسونج مصنعًا محليًا للتغلب على رسوم الاستيراد المرتفعة والقيود الأخرى، ولتلبية الطلب الإقليمي.

الصين (الاستعانة بمصادر خارجية للإنتاج): ثم هناك الصين. انسحبت سامسونج رسميًا من سوق التصنيع الصيني في عام 2019 بإغلاق آخر مصنع تملكه في هويتشو. ونظرًا لأن حصة سامسونج في السوق الصينية ظلت لسنوات طويلة بالكاد تتجاوز 2%، فقد أصبح امتلاك مصانع خاصة بها هناك عبئًا عليها.

ومع ذلك، لا تزال هواتف سامسونج تُصنع في الصين، لكنها لم تعد تُصنع بواسطة سامسونج نفسها. ومثل أبل وغوغل، تُفوّض سامسونج جزءًا كبيرًا من إنتاجها لشركاء خارجيين. ويُقدَّر أن حوالي 25% (أكثر من 60 مليون وحدة) من إنتاجها السنوي يتم بواسطة شركات صينية تُعرف باسم مصنعي التصميم الأصلي (ODMs)، مثل شركة وينغتك.

وعلى عكس التعهيد التقليدي، حيث يقتصر دور الشريك على تجميع الهاتف، فإن مُصنّعي التصميم الأصلي هؤلاء يقومون بعملية تصنيع أكثر دقة.

يتولى مصنعو التصميم الأصلي أيضًا تصميم الجهاز من الداخل والخارج. وتوفر سامسونج المواصفات، بينما يقوم المصنعون بتوفير المكونات وتصميم الجهاز وتصنيعه. وبعد ذلك، تُجري سامسونج تدقيقًا للمنتج النهائي للتأكد من مطابقته لمعاييرها الخاصة بالمظهر والملمس قبل شحنه إلى المتاجر.

تُستخدم هذه الاستراتيجية غالبًا مع الطرازات الاقتصادية مثل سلسلة "Galaxy M" وبعض طرازات "Galaxy A". وتُمكّن هذه الاستراتيجية سامسونج من الحفاظ على أسعار منخفضة في مواجهة منافسيها الصينيين الأقوياء، وذلك بالاستفادة من وفورات الحجم التي توفرها شركات مثل وينغتك المتخصصة في تصنيع أجهزة رخيصة لعدة علامات تجارية.

لماذا تُصنع الهواتف في العديد من البلدان؟

هناك عدة أسباب استراتيجية لهذا الانتشار العالمي لعملية التصنيع. أولها تجنب المخاطر؛ فالاعتماد على موقع واحد، أو حتى مصنع واحد، يُعدّ محفوفًا بالمخاطر. إذ قد تؤدي كارثة طبيعية كفيضان هائل، أو خطأ بشري يُلحق الضرر بالمنشأة، إلى توقف الإنتاج تمامًا.

وينطبق الأمر نفسه على الإضرابات العمالية من خلال التوزيع الجغرافي، تضمن سامسونج استمرار حصول بقية العالم على هواتفها في حال توقف أحد المصانع.

السبب الثاني هو منطق مالي بحت. تفرض العديد من الدول رسوم استيراد مرتفعة على الإلكترونيات الجاهزة لتشجيع نمو فرص العمل المحلية. ومن خلال إنشاء مصانع في دول مثل البرازيل وإندونيسيا، تتجنب سامسونج هذه الرسوم، مما يسمح لها ببيع الهواتف بأسعار تنافسية للغاية.

ويُسهم ذلك أيضًا في إيصال المنتجات إلى المستهلكين المحليين بشكل أسرع. بل إن بعض الدول تقدم حوافز للتصنيع المحلي تعود بالنفع على الشركات، مثل مبادرة "صنع في الهند" على سبيل المثال.

أما السبب الثالث، فيرتبط بالسببين الأولين، إذ يأخذ في الاعتبار تجنب المخاطر والمنطق التجاري السليم. فالتصنيع في دول مختلفة يُساعد الشركات على تقليل تورطها في الحروب التجارية. فإذا فرضت دولة أو منطقة تعريفات جمركية باهظة على الواردات من دولة معينة (مثل الصين)، فإن ذلك يُشكل مشكلة للشركات التي تُنتج كل أو معظم منتجاتها في تلك الدولة. ومن خلال التصنيع في عدة دول، تستطيع الشركات نقل جزء من الإنتاج إلى مواقع أخرى لتقليل خسائرها عند اندلاع حرب تجارية.

العربيّة المصدر: العربيّة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار