تتباين آراء الخبراء حول تأثير الذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال المختلفة وتحديدا الوظائف المكتبية، بين من يرى أن الذكاء الاصطناعي يقضي عليها تماما أو يتركها دون أثر.
ويصل هذا التباين في الآراء إلى رواد الذكاء الاصطناعي الذين أسهموا في خروجه لنا بالشكل الحالي سواء كانوا قادة في شركات الذكاء الاصطناعي أو مدراء تنفيذين في شركات قررت الاعتماد على هذه التقنية.
تعد "آنثروبيك" (Anthropic) إحدى أبرز الشركات في قطاع الذكاء الاصطناعي بفضل نموذجها المتطور "كلود" (Claude) الذي وصل لمرحلة تطوير التطبيقات ونشرها دون تدخل من المستخدم.
ويملك داريو أمودي المدير التنفيذي للشركة مجموعة من الآراء الصادمة فيما يتعلق بأثر الذكاء الاصطناعي على الوظائف المكتبية، إذ طالما تحدث عن رأيه في العديد من المناسبات.
ويقول أمودي -في مقابلة أجراها مع وكالة أكسيوس- إن الذكاء الاصطناعي قادر على استبدال 50% من الوظائف المكتبية المعتادة وتحديدا وظائف المبتدئين، وأضاف أن شركات الذكاء الاصطناعي والحكومات تخفي الآثار المترتبة على تطور التقنيات السريع في السنوات القادمة.
وتابع أمودي قائلا: "نحن، كمنتجين لهذه التقنية، من واجبنا والتزامنا أن نكون صادقين بشأن ما هو قادم. لا أعتقد أن هذا الأمر مطروح على أذهان الناس".
تعد " أوبن إيه آي " الشركة التي كان لها الفضل في تعميم تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطويعها للمستخدمين، وذلك عندما كشفت عن "شات جي بي تي" ونماذج توليد الصور ومقاطع الفيديو الأخرى.
ويرى سام ألتمان المدير التنفيذي للشركة أن التغير الناتج عن تقنيات الذكاء الاصطناعي سيكون أسرع من بقية التقنيات السابقة، إذ حازت التقنية على معدل تبنٍ مرتفع بين الشركات في مختلف القطاعات.
ويقول ألتمان أثناء مقابلته الصوتية مع صحيفة "ذا نيويورك تايمز" في برنامجها الخاص "هارد فورك" (Hard Fork): "أعتقد أن الوظائف المستقبلية ستكون أفضل، وسيمتلك الناس أشياء أفضل".
وأشار أيضا في الحلقة ذاتها أن المجتمع لن يترك الذكاء الاصطناعي يستبدل العديد من الوظائف، مؤكدا أن الافتراض أن نصف الوظائف ستختفي خلال عام أو 5 أعوام هو خاطئ تماما، لأن هذه ليست الطريقة التي يعمل بها المجتمع.
مما لا شك فيه أن المحرك الحقيقي لتطور تقنيات الذكاء الاصطناعي بالشكل الذي نعرفه اليوم هو بطاقات " إنفيديا " الرسومية، إذ مكنت الشركات من تحقيق أعتى أحلامها عبر بطاقتها.
ويختلف جينسن هوانغ المدير التنفيذي لشركة "إنفيديا" مع مخاوف أمودي من تقنيات الذكاء الاصطناعي والتطور السريع الخاص بها، إذ يقول في مقابلة أجراها أثناء معرض "فيفاتيك 2025" أن أمودي يرى الذكاء الاصطناعي خطرا، ولكن هم وحدهم من يستطيعون التعامل معه.
وتابع هوانغ حديثه مشبها الذكاء الاصطناعي بالبحث الطبي، قائلا إن الشفافية والمراجعات المستمرة من قبل الأقران هي نقطة محورية في تطوير التقنية.
ورغم أن هوانغ يرى الذكاء الاصطناعي قادرا على تغيير وظائف الجميع كما غير وظيفته بشكل شخصي، فإنه متفائل أكثر من أمودي والمتفقين معه.
وضح مارك بينوف المدير التنفيذي لشركة "سيلز فورس" (SalesForce) أنه لا يرى أي أدلة على حدوث التغيير الذي يتحدث عنه الجميع، مؤكدا أن الذكاء الاصطناعي لن يكون سببا في موجة إقالات واسعة، بل أداة تعزيز وإثراء لقوة العمل في مختلف القطاعات.
وأكد بينوف أن رؤيته هذه نابعة من نماذج الذكاء الاصطناعي التي يستطيع الوصول إليها، مضيفا أن المتشائمين قد يملكون نماذج لا يستطيع الوصول إليها.
كما تابع قائلا: "لا أجلس مع عملاء يتخلون عن موظفيهم بسبب الذكاء الاصطناعي، لذلك ربما يجب أن نتخلص من الخوف من المستقبل".
يتشارك جيم فارلي المدير التنفيذي لشركة "فورد" للسيارات وجهة النظر التشاؤمية مع أمودي وغيره، إذ قال ضمن ظهوره في مهرجان آسبن للأفكار إن "الذكاء الاصطناعي سوف يستبدل نصف العاملين في الوظائف المكتبية بالولايات المتحدة".
ولم يحدد فارلي مهلة معينة حتى يتخذ الذكاء الاصطناعي هذه الخطوة، ولكنه أعرب عن قلقه من النظام التعليمي الأميركي الذي يركز على الدرجات العلمية بدلا من المهن الحرفية.
يشارك رجل الأعمال الشهير مارك كوبان بشكل مستمر في برنامج "شارك تانك" بنسخته الأميركية، ويؤكد أن الموقف يختلف تماما عما يراه أمودي، مضيفا أن الذكاء الاصطناعي سيكون مسؤولا عن ولادة المزيد من الوظائف الجديدة وبالتالي زيادة عدد الموظفين حول العالم.
يتفق لايتكاب مع رأي مديره التنفيذي قائلا إن الشركة لم تر أي أدلة على استبدال الذكاء الاصطناعي للموظفين المكتبيين، مضيفا أن أمودي هو عالم في المقام الأول ويجب عليه الاعتماد على الأدلة التي لا تقبل الضحد.
وتابع لايتكاب حديثه قائلا إن كل تقنية بمفردها غيرت شكل الوظائف وسوق العمل، والذكاء الاصطناعي لن يختلف عن هذا.
يرى آندي جاسي المدير التنفيذي لشركة " أمازون " أن الذكاء الاصطناعي غير بالفعل آلية العمل في العديد من القطاعات، ومن المتوقع أن نشهد بعض الإقالات.
وأضاف جاسي في مذكرة لموظفيه في "أمازون" قائلا: "سوف نحتاج إلى عدد أقل من الأشخاص الذين يقومون ببعض الوظائف التي يتم القيام بها اليوم، وعدد أكبر من الأشخاص الذين يقومون بأنواع أخرى من الوظائف".
يرى سيباستيان سيمياتكوفسكي المدير التنفيذي لشركة "كلارنا" (Klarna) أن الذكاء الاصطناعي قد يتسبب في موجة ركود عالمية بسبب الوظائف التي تخسر لصالحه.
وأضاف قائلا: "لا أريد أن أكون واحدا منهم. أريد أن أكون صادقا، وأن أكون منصفا، وأن أروي ما أراه حتى يبدأ المجتمع في الاستعداد"، وذلك في وصف المدراء التنفيذيين الذين يخشون مخاطر الذكاء الاصطناعي.
ويذكر أن شركة "كلارنا" هي شركة تعمل في قطاع المدفوعات الإلكترونية وتوفير بوابات الدفع الإلكترونية للشركات الناشئة والمتاجر الإلكترونية.