في ظل احتدام المنافسة في قطاع التجارة الإلكترونية داخل جنوب شرق آسيا، اختارت شركة فيتنامية نهجًا فريدًا للبقاء والصمود أمام عمالقة السوق الصينيين.
شركة سيندو، التي كانت تُعد سابقًا إحدى أبرز المنصات المحلية في فيتنام، أعلنت إغلاق منصتها الرئيسية في أبريل الماضي، لكنها لم تخرج من السباق تمامًا، بحسب تقرير نشره موقع "restofworld" اطلعت عليه "العربية Business".
فبدلًا من منافسة شركات مثل "Shopee" و"تيك توك شوب" و" لازادا" في جميع فئات المنتجات، قررت "سيندو" إعادة ابتكار نموذجها بالكامل عبر منصة "Sendo Farm"، المتخصصة في البقالة الإلكترونية.
لكن اللافت في هذا النموذج هو اعتماده على ربات البيوت وأصحاب المتاجر الصغيرة كموزعين محليين، مستفيدين من مساحات التبريد المتوفرة في منازلهم ووقت فراغهم.
على مدار عقد من الزمان، خدمت "سيندو" أكثر من 12 مليون عميل، مدعومة بواحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في فيتنام.
غير أن تراجع حصتها السوقية إلى أقل من 1% في عام 2024، دفعها إلى مراجعة استراتيجيتها والتركيز على قطاع البقالة، الذي يُقدّر حجمه في فيتنام بنحو 2.8 مليار دولار.
يقول خبراء السوق إن هذه الخطوة تمثل تكيفًا ذكيًا مع واقع السوق.
فبينما تستنزف الخصومات والشحن المجاني أرباح المنصات الكبرى، تراهن "سيندو" على تقليل تكاليف التشغيل عبر نموذج تشاركي يُشبه إلى حد بعيد تجربة شركة "Pinduoduo" الصينية.
ويقوم النموذج على الشراء الجماعي المحلي، حيث ينسق الشركاء المحليون الطلبات ويقومون بتوزيعها داخل أحيائهم.
تُتيح المنصة لمستخدمين عاديين – كثير منهم ربات بيوت أو متقاعدون – فرصة كسب دخل شهري من خلال العمل كمراكز استلام وتوزيع.
وتقول نجوين لان هونغ، وهي معلمة سابقة انضمت إلى المنصة في 2023: "أساعد والدتي في تسليم الطلبات، ونكسب ما يكفي لتغطية نفقاتنا".
وقدرت الشركة دخل الشركاء الشهري بما يصل إلى 8 ملايين دونج (حوالي 308 دولارات).
هذا النموذج لا يقتصر على توزيع الطلبات فقط، بل يسمح كذلك بتحقيق وفورات ضخمة في التخزين والنقل، مع الحفاظ على الأسعار التنافسية للمنتجات، ما يزيد من ولاء العملاء.
رغم النجاحات الأولية، تواجه "سيندو فارم" تحديات كبيرة.
فمع محدودية البنية التحتية مقارنة بالصين، وصعوبة مراقبة سلاسل التوريد، فإن التوسع يتطلب استثمارات ضخمة في مراكز التوزيع والتخزين المتقدمة، وفقًا لمراقبين.
كما أن دخول منافسين جدد إلى سوق البقالة الإلكترونية – مثل محال السوبر ماركت وشركات التوصيل الكبرى – يجعل الحفاظ على الحصة السوقية أمرًا معقدًا.
ومع ذلك، ترى "سيندو" في هذه التحديات فرصة لإعادة تشكيل السوق الفيتنامية عبر نموذج "اقتصاد المجتمع"، حيث يتحول كل بيت إلى نقطة توزيع، وكل مستهلك إلى شريك محتمل.
مع ازدياد الطلب على توصيل المواد الغذائية الطازجة، وارتفاع تكاليف التشغيل لدى المنصات العملاقة، قد يمثل نموذج "سيندو فارم" أحد مسارات المستقبل للتجارة الإلكترونية في الأسواق النامية.
ورغم صعوبة المنافسة، فإن الرهان على المجتمع المحلي والزوايا المهملة في السوق قد يُثبت فعاليته، بشرط وجود خطة توسع مدروسة واستثمار في التكنولوجيا.