توقعت إدارة الرئيس دونالد ترامب أن تدفع سلسلة الرسوم الجمركية التي فرضتها على الصين شركة أبل إلى تصنيع هواتف آيفون في الولايات المتحدة لأول مرة.
لكن هذا السيناريو مستبعد حتى مع وصول الرسوم الجمركية الأميركية إلى 145% على المنتجات المصنوعة في الصين، وهي البلد الذي صنعت فيه أبل معظم هواتف آيفون منذ طرح أول طراز منها في السوق قبل 18 عامًا.
وتشمل العوائق التي تحول دون نقل "أبل" إنتاجها محليًا سلسلة توريد معقدة بدأت ببنائها في الصين خلال التسعينيات، بحسب تقرير لوكالة أسوشيتد برس الأميركية، اطلعت عليه "العربية Business".
وسيستغرق بناء مصانع جديدة في الولايات المتحدة عدة سنوات ويكلف مليارات الدولارات، ثم تواجه "أبل" قوى اقتصادية قد تزيد سعر هاتف آيفون بثلاثة أضعاف، مما يهدد بتدمير مبيعات منتجها الرائد.
لكن "أبل" حصلت على مهلة ، فقد أعلنت إدارة ترامب أنها تستثني الأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك الهواتف الذكية، من الرسوم الجمركية المتبادلة الحالية. لكنها لا تزال قادرة على فرض رسوم جمركية جديدة أو مختلفة على الأجهزة الإلكترونية في وقت لاحق.
وقال دان آيفز، المحلل في شركة ويدبوش للأوراق المالية، إن "فكرة تصنيع هواتف آيفون في الولايات المتحدة غير واردة"، معبرًا بذلك عن وجهة نظر سائدة في مجتمع المستثمرين الذين يتابعون كل تحركات "أبل" عن كثب.
وقدّر آيفز أن سعر هاتف آيفون المُصنّع في الصين أو الهند، والذي يبلغ حاليًا 1,000 دولار، سيرتفع إلى أكثر من 3,000 دولار إذا انتقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة.
ويعتقد أنه في أفضل الأحوال لن يُنقل إنتاج "أبل" إلى داخل الولايات المتحدة على الأرجح قبل عام 2028 على أقرب تقدير، مضيفًا: "نقاط السعر قد تزيد بشكل كبير، يصعٌب استيعابه".
لم تُناقش الشركة، التي تتخذ من كوبرتينو بولاية كاليفورنيا مقرًا لها، ردها علنًا على رسوم ترامب الجمركية على الصين، ولكن قد يُطرح الموضوع في الأول من مايو عندما يُقرر تيم كوك، الرئيس التنفيذي للشركة، الرد على أسئلة المحللين خلال مؤتمر هاتفي ربع سنوي لمناقشة النتائج المالية للشركة واستراتيجيتها.
ولا شك أن الرسوم الجمركية على الصين ستُشكّل قضيةً ساخنةً، خاصةً مع انخفاض سعر سهم شركة أبل بنسبة 15%، وانخفاض قيمتها السوقية بمقدار 500 مليار دولار منذ أن بدأ ترامب بزيادتها في 2 أبريل.
إذا صمدت الرسوم الجمركية، فمن المتوقع على نطاق واسع أن ترفع "أبل" أسعار هواتف آيفون وغيرها من المنتجات، نظرًا سلسلة توريد وادي السيليكون مركزة بشكل كبير في الصين والهند وأسواق خارجية أخرى، وهي الأسواق التي وقعت ضحيةً لحرب التجارة المتصاعدة.
والسؤال الأهم هو: إلى متى ستظل "أبل" على استعداد للاحتفاظ بأسعارها الحالية قبل أن تُصبح آثار الرسوم الجمركية على هوامش ربح الشركة هائلةً لدرجة يصعب معها تحملها، ويُطلب من المستهلكين تحمّل بعض العبء.
قال ديبانجان تشاترجي، المحلل في شركة فورستر للأبحاث، إن أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل "أبل" تتمتع بمساحةٍ كافيةٍ للاحتفاظ بأسعار هواتف آيفون الحالية، في حين لا تزال الرسوم الجمركية على الصين ساريةً، هو استمرار الشركة في جني هوامش ربحٍ ضخمةٍ من الإيرادات الناتجة عن الاشتراكات والخدمات الأخرى المرتبطة بمنتجها.
وهذا القسم، الذي حقق إيرادات بلغت 96 مليار دولار خلال السنة المالية الأخيرة لشركة أبل، لا يزال بمنأى عن رسوم ترامب الجمركية.
وقال تشاتيرجي: "يمكن لأبل استيعاب بعض الزيادات في التكاليف الناجمة عن الرسوم الجمركية دون تأثير مالي كبير، على الأقل في المدى القصير".
حاولت "أبل" استرضاء ترامب في فبراير بإعلانها عن خطط لإنفاق 500 مليار دولار وتوظيف 20 ألف شخص في الولايات المتحدة حتى عام 2028، ولكن لم يكن أي من ذلك مرتبطًا بتصنيع هاتف آيفون محليًا.
بدلًا من ذلك، تعهدت "أبل" بتمويل مركز بيانات في هيوستن لخوادم الكمبيوتر التي تدعم الذكاء الاصطناعي، وهي تقنية تتوسع فيها الشركة كجزء من جنون الصناعة.
وعندما سُئلت هذا الأسبوع عما إذا كان ترامب يعتقد أن آبل تنوي تصنيع هواتف آيفون في الولايات المتحدة، أشارت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إلى وعد "أبل" الاستثماري كدليل على اعتقاد الشركة بإمكانية تحقيق ذلك. وقالت ليفيت إنه لو لم تعتقد "أبل" أن الولايات المتحدة قادرة على ذلك، ربما لما تكن لتقوم بهذا الاستثمار الضخم على الأرجح.
لكن خلال ظهوره عام 2017 في مؤتمر في الصين، أعرب كوك الرئيس التنفيذي للشركة عن شكوكه في ما إذا كان لدى سوق العمل الأميركي عدد كافٍ من العمال ذوي المهارات المهنية اللازمة للقيام بالعمل المضني.
حاول ترامب أيضًا الضغط على شركة أبل، دون جدوى، لنقل إنتاج هواتف آيفون إلى الولايات المتحدة خلال ولايته الرئاسية الأولى. لكن الإدارة في النهاية أعفت هواتف آيفون من الرسوم الجمركية التي فرضها على الصين آنذاك، وهي فترة أعلنت فيها "أبل" التزامها باستثمار 350 مليار دولار في الولايات المتحدة.
دفعت الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الصين خلال ولايته الأولى "أبل" إلى بدء عملية تصنيع بعض هواتف آيفون الحالية في الهند، وبعض منتجاتها الأخرى في فيتنام.