في خطوة أثارت جدلاً واسعاً، تبنّى مشرّعو ولاية فلوريدا مشروع قانون يُلزم منصات التواصل الاجتماعي بإجراءات وصفت بـ التعجيزية، ضمن ما قيل إنه لحماية القاصرين، في حين يرى مراقبون أن الهدف الخفي هو منح السلطات صلاحيات غير مسبوقة للوصول إلى بيانات المستخدمين، حتى في ظل وجود التشفير.
ورغم أن اسم المشروع يبدو بريئاً للوهلة الأولى – "استخدام القاصرين لوسائل التواصل الاجتماعي" – إلا أن التفاصيل تروي قصة مغايرة تماماً.
فالقانون، الذي يحمل الرقم 868/743، يُلزم المنصات التي تسمح بإنشاء حسابات للمراهقين بمنح أولياء الأمور صلاحية كاملة للاطلاع على رسائل أبنائهم، بل ويمنع هؤلاء القاصرين من استخدام الرسائل التي تختفي تلقائياً، مثل تلك المتوفرة في تطبيقات شهيرة مثل "سناب شات" و"واتساب"، بحسب تقرير نشره موقع "phonearena" واطلعت عليه "العربية Business".
لكن الأهم من ذلك، وربما الأخطر، هو ما تضمنه المشروع من مطالبة هذه المنصات بفتح ما يشبه "الباب الخلفي" أمام جهات إنفاذ القانون، أي إمكانية تجاوز أنظمة التشفير التي تحمي خصوصية المستخدمين، في حال حصولهم على أمر قضائي.
وترى مؤسسة "الحدود الإلكترونية" (EFF)، المعنية بالدفاع عن الحريات الرقمية، أن هذا الطلب غير واقعي، بل وتعتبره تهديداً مباشراً للأمن الرقمي، قائلة: "لا يمكن إنشاء منفذ آمن لإنفاذ القانون دون أن يُصبح مفتوحاً أيضاً أمام المخترقين".
وفي الأول من أبريل، حاز مشروع القانون على تأييد اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ بأغلبية 9 مقابل 2، ليُحال لاحقاً إلى لجنة القواعد، حيث يُتوقع مناقشته في جلسة مرتقبة يوم الأربعاء 16 أبريل.
ويعيد هذا المشروع إلى الأذهان سوابق تشريعية أميركية مثيرة للجدل، مثل إلغاء "حيادية الإنترنت" عام 2017 تحت مسمى "استعادة حرية الإنترنت"، وهو ما مكّن شركات الاتصالات من التحكم في تدفّق البيانات بحسب مصالحها، لا بحسب حيادية الشبكة.
وبينما يُسوَّق القانون على أنه حماية لصغار السن، يحذّر الخبراء من أنه يهدد بمسح حدود الخصوصية الرقمية، ويطرح تساؤلات جوهرية حول مدى إمكانية تحقيق الأمن دون التضحية بالحرية الشخصية.