استمتع محمد صلاح بكل لحظة في مباراة ليفربول التي انتهت بفوزه بهدفين مقابل صفر على برايتون، في الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث صفق الجمهور في جميع جوانب ملعب أنفيلد الأربعة بينما غنى مشجعو الفريق المضيف أغنيتهم المألوفة لـ"ملكهم المصري".
وبحلول الوقت الذي وصل فيه إلى نفق الملعب، كان آخر لاعب على أرضه، ولوح بيده قليلاً باتجاه المدرج الرئيسي حيث كانت تجلس عائلته.
هل هذا وداع ، ربما؟ ولكن في الوقت الحالي فقط على ما يبدو.
سينضم صلاح إلى منتخب مصر في القاهرة خلال الأيام المقبلة، استعداداً لكأس الأمم الأفريقية، لكنّ الرسالة التي جاءت بعد المؤتمر الصحفي الذي عقده المدرب آرني سلوت عقب المباراة كانت واضحة.
فقد وضع حدوداً فيما يتعلق باختيار أعضاء الفريق.
وقال سلوت: "لا توجد مشكلة بالنسبة لي حتى أحلها. بالنسبة لي، هو الآن مثل أي لاعب آخر. ليس لدي ما أتحدث عنه بعد ما حدث ضد فريق ليدز".
وفي تصريحاته الغاضبة بملعب إيلاند رود يوم السبت الماضي، حيث ادعى أنه "تم التخلي عنه" من قبل النادي وأنه لا توجد علاقة تربطه بمدربه الهولندي، قال صلاح إن هذه المباراة ضد برايتون قد تكون بمثابة وداعه الأخير.
وبعد استبعاده من تشكيلة الفريق في مباراة الفوز بدوري أبطال أوروبا منتصف الأسبوع على إنتر ميلان، دخل كبديل في الدقيقة 26 ضد برايتون بدلاً من جو جوميز المصاب.
والتوقع الآن هو أن يعود اللاعب البالغ من العمر 33 عاماً إلى ليفربول الشهر المقبل بعد انتهاء مشاركته الدولية.
ولا تزال المحادثات مقررة بين الطرفين أثناء غياب صلاح، ولكن بعد أسبوع من مقابلته المؤثرة في ليدز، كان يبتسم في المنطقة المختلطة (المساحة التي تتيح لوسائل الإعلام والمذيعين إجراء مقابلات مع اللاعبين أثناء مغادرتهم أرض الملعب أو بعد انتهاء المباراة) في ملعب أنفيلد وهو يمر بجانب وسائل الإعلام وطُلب منه إجراء محادثة أخرى مع الصحافة.
وقال حينها صلاح، مازحاً: "أسبوعان متتاليان؟ لا، لا" .
ولم يبذل صلاح أي جهد للتحدث مرة اخرى أو الاعتذار علناً، لكن سلوت أجاب بـ"نعم" قاطعة عندما سُئل عما إذا كان يرغب في عودة المهاجم بعد كأس الأمم الأفريقية. وقد فُهم أن اجتماعهما يوم الجمعة كان إيجابياً.
وعندما سُئل مدرب ليفربول، آرني سلوت، عما إذا كان صلاح يرغب في البقاء، أضاف: "أعتقد أنكم تعرفون الإجابة بالفعل. ما قيل بيننا يبقى بيننا. لقد كان ضمن التشكيلة وكان أول لاعب أستبدله."
و للمباراة الخامسة على التوالي، لم يكن صلاح ضمن التشكيلة الأساسية، ولكن عندما أُصيب المدافع جوميز، لجأ سلوت إلى دكة البُدلاء وأشرك اللاعب الذي سجل 250 هدفاً لليفربول خلال ثماني سنوات قضاها مع النادي.
لم تكن هناك صيحات استهجان، فقط التصفيق والتقدير.
لم يضف صلاح إلى رصيد الأهداف، لكنه ساعد في إحراز الهدف الثاني لهوغو إيكيتيكي في الدقيقة الستين.
وقد أوصله ذلك إلى 277 مساهمة في الأهداف في 302 مباراة في الدوري الإنجليزي الممتاز مع ليفربول، وهو الرقم الأعلى لأي لاعب مع نادٍ واحد خلال البطولة، متجاوزاً اللاعب واين روني (276) في مانشستر يونايتد.
وهي في حد ذاتها إحصائية رائعة ومقياس لما قدمه صلاح لليفربول.
فبعد عودته إلى الفريق ومشاركته في الكثير من اللعب الهجومي الإيجابي لليفربول، وصف مدافع نادي ويلز السابق، أشلي ويليامز أداءه ضد برايتون بأنه "يشبه أداء صلاح القديم".
كما قال ستيفن وارنوك، مدافع ليفربول السابق، في برنامج "فاينال سكور": "لقد قدم صلاح أداءً ممتازاً، وأتيحت له فرصتان كان بإمكانه استغلالهما بشكل أفضل. لا شك أن هذا الأسبوع قد أثر على ثقته بنفسه، ويبدو أنه كان متوتراً قبل المباراة. إنه بحاجة إلى استعادة ثقته بنفسه".
وفي حديثه بعد المباراة، وصف إكيتيكي مشاركة الملعب مع صلاح بأنها "نعمة"، مضيفاً أنه "من النوع الذي يجعلنا نحب مشاهدة كرة القدم".
لكن المهاجم الفرنسي ورفاقه لن يتشاركوا الملعب مع زميلهم في الفريق حتى يناير/ كانون ثاني على أقرب تقدير، حيث من المحتمل أن يغيب صلاح عن ثماني مباريات إذا وصلت مصر إلى المباراة النهائية في المغرب في 18 يناير/ كانون ثاني.
وقال كريس ساتون، مهاجم بلاكبيرن روفرز السابق، في برنامج "فاينال سكور": "أعتقد أن الجميع سيغادرون ملعب أنفيلد وهم يتساءلون عما سيحدث لمحمد صلاح. هل سيبقى أم سيرحل؟ لكن كان أسبوعاً جيداً لسلوت".
وأضاف: "لا أعتقد أنه كان وداعاً. كانت هناك لحظات قليلة تساءلنا فيها، 'هل كانت تلك موجة أم لا'، لكن بدا الأمر وكأنه يصفق للجماهير كما يفعل كل أسبوع، وكما فعل الكثير من اللاعبين الآخرين".
وأردف ساتون، قائلاً: "سيكون من المُثير للاهتمام متابعة تطورات هذا الوضع. إذا كنت من مشجعي ليفربول، فأنت ترغب في الاحتفاظ بأفضل لاعبيك، لذا نتمنى أن تسير الأمور على ما يرام".
ولدى ليفربول ميزة هامة، وهو أنه على الرغم من عدم مشاركة صلاح في أي من المباريات الخمس الماضية، إلا أنهم لم يُهزموا وأظهروا قدرتهم على التأقلم بدون النجم المصري.
وهذا الأمر في حد ذاته سيمنح سلوت الثقة، لكن على المدى البعيد، ستكون عودة صلاح بكامل لياقته وتألقه إضافة إيجابية لفريقه.
وقد قال سلوت: "تحدثت إليه بالأمس، وبما أنني عادة لا أتحدث عن أي شيء مما نتحدث عنه، فلن أستثني هذه المرة".
وأوضح، قائلاً: "لكنني أعتقد أن الأفعال أبلغ من الأقوال، وقد كان ضمن الفريق مرة أخرى، وعندما اضطررت لإجراء أولى تبديلاتي، أدخلته إلى الملعب وقدم أداءً كما يتمناه كل مشجع، بمن فيهم أنا".
من الواضح أن سلوت سعيد باختيار صلاح مرة أخرى، ولكن من الواضح أيضاً أنه لا يوجد حتى الآن استنتاج نهائي بعد أسبوع مضطرب لكلا الطرفين، وكذلك لليفربول.
المصدر:
بي بي سي
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة