لست بحاجة للبحث عن المغامرين الهولنديين في إنجلترا أو ألمانيا أو إسبانيا أو إيطاليا فقط، بل يمكنك أن تجدهم في أماكن أخرى أكثر غرابة، مثل إندونيسيا. هكذا وصفت مجلة "إي إل إف فوتبول" الهولندية قرار مارك كلوك لاعب المنتخب الإندونيسي، حين قطع مسافة 12 ألف كيلومتر بعيداً عن مسقط رأسه لخوض تجربة جديدة في كرة القدم.
وبين 18 لاعباً مجنساً في قائمة منتخب إندونيسيا التي تستعد لمواجهتين حاسمتين في الملحق المؤهل لتصفيات كأس العالم أمام السعودية والعراق، فإن كلوك اللاعب الوحيد الذي لا يملك أصولًا آسيوية.
انتقل كلوك إلى نادي ماكاسار، على بعد خمس درجات فقط من خط الاستواء، وسرعان ما أبدى رغبته في الحصول على الجنسية الإندونيسية واللعب للمنتخب، مفسراً حينها: حلم اللعب مع منتخب هولندا انتهى، لذا أرى هذه فرصة جديدة لأثبت نفسي في آسيا.
وفي يناير 2020، انضم الهولندي الأصل إلى بيرسغا جاكرتا، ومنه إلى بيرسيب باندونغ، إذ خاض حالياً مع الفريق ما يقرب من 130 مباراة، وساهم في تحقيق لقبين متتاليين بالدوري الإندونيسي.
بعد خمس سنوات من اللعب في إندونيسيا وخضوعه لإجراءات تجنيس معقدة، مثّل كلوك بلده الجديد كأحد اللاعبين فوق السن في منتخب إندونيسيا تحت 23 عامًا في دورة ألعاب جنوب شرق آسيا، قبل أن يشارك مع المنتخب الأول في يونيو 2022 خلال مباراة ودية ضد بنغلاديش، وتسلّم شارة القيادة في الشوط الثاني بعد استبدال القائد فخر الدين أريانتو.
ويعود كلوك إلى هولندا في عطلته حيث يباشر أعمال مشروعه التجاري الذي أنشأه مع فابيان سبوركسليدي لاعب ناك بريدا، وهو متجر منتجات رياضية ومكمّلات غذائية لتعزيز التعافي من الإصابات، مضيفاً: نبني أيضًا صالات رياضية خاصة في منازل اللاعبين، حتى بول بوغبا وياسبر سيليسن سألانا عنها.
وعن سبب تفكيره حينها باللعب في إندونيسيا قال: كنت وقتها مرتبطًا بعقد مع نادي دندي الاسكتلندي، ثم جاء إليّ وكيل اللاعبين فرانك فان إيس وسأل إن كنت مهتمًا بتجربة في آسيا. في البداية ظننت أن الأمر جنون، ماذا سأفعل هناك وأنا في الثالثة والعشرين؟
وأضاف: لكنني بعد التفكير رأيت الإيجابيات: لم أكن أشارك كثيرًا في دندي، وقد لعبت سابقًا في هولندا وبلغاريا وإنجلترا، وبدأت أدرك أن الوصول إلى القمة الأوروبية ليس واقعيًا بالنسبة لي. أعرف لاعبين مثل ستيفانو ليليبالي وإرفان باخديم من أيام أكاديمية أوتريخت، وقد أصبحا نجمين في إندونيسيا.
وأتبع: قلت لنفسي: لماذا لا أحاول أنا أيضًا أن أبني اسمًا كبيرًا على الجانب الآخر من العالم.
ويصف كلوك حياته في إندونيسيا قائلا: حين كنت في ماكاسار كنا نذهب كثيرًا إلى البحر، فمدينة ماكاسار تطل على الساحل وتحيط بها جزر استوائية جميلة، اشترينا دراجتين مائيتين، ونقضي أوقاتنا بين الغوص وتناول الطعام مع أصدقاء محليين، لدي الآن طاهٍ إيطالي خاص يعد لي وجبات صحية كل يوم، ومنذ انتقالي إلى هنا لم أطبخ ولو مرة واحدة.
بعد عام من وصوله إلى إندونيسيا كان لدى كلوك أكثر من 100 ألف متابع على إنستغرام، لكنه يملك الآن أكثر من ثلاثة ملايين متابع كونه أحد أشهر اللاعبين في البلاد، إذ يقول: في هولندا أعود إلى الواقع، أمشي بالدراجة ولا أحد يعرفني، لكن هنا، لا أستطيع السير في الشارع دون أن يهتف الناس باسمي ويلتقطون الصور معي.
وسيظهر كلوك، الذي خاض 20 مباراة دولية، في قائمة المدرب باتريك كلويفرت لمواجهتي السعودية والعراق الحاسمتين في مشوار التأهل لكأس العالم، بعد غياب دام أكثر من عام ونصف.