لم تمر أكثر من 8 أشهر على صعود معز الناصري لتولي رئاسة الاتحاد التونسي لكرة القدم، حتى حققت الكرة التونسية إنجازا جديدا بتأهل منتخب "نسور قرطاج" لكأس العالم 2026 للمرة الثالثة تواليا والسابعة في تاريخه.
ونجح اتحاد الكرة التونسي في الخروج من مرحلة صعبة عاشت فيها اللعبة الشعبية الأولى في البلاد على وقع شبه فراغ إداري، إذ تأهل المنتخب الأول لكأس أمم أفريقيا المقررة في المغرب، بجانب بلوغ كأس العالم للناشئين (دون 17 عاما) التي ستحتضنها قطر في نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
وتنتظر الكرة التونسية خلال الأشهر المقبلة رهانات عدة أولها المشاركة في كأس العرب للمنتخبات 2025 بقطر في ديسمبر/كانون الأول 2025، قبل خوض مونديال 2026.
وفي مقابلة خاصة مع الجزيرة نت، تحدث رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم معز الناصري عن تحديات المرحلة المقبلة للكرة التونسية، وعن الأوضاع الراهنة سواء على مستوى المنتخب الأول أو أندية الدوري.
وفي ما يلي نص المقابلة:
ـ التأهل لكأس العالم كان الهدف الأساسي للمجلس الحالي لاتحاد كرة القدم عندما تم انتخابنا مطلع الجاري، والمشاركة في المونديال هو الحدث الأكثر أهمية ووزنا لكل المنتخبات.
ورغم الضغوط الكبيرة التي كانت مسلطة على الاتحاد بفعل الفترة الانتقالية التي كانت كرة القدم في البلاد تعيشها، فإن كل الأطراف ساهمت من موقعها في التأهل الباهر لـ"نسور قرطاج" لأعظم حدث كروي في التاريخ.
وبالنسبة لي، أعتقد أن هذا التأهل ثمرة جهد جماعي يتجاوز الأشخاص ليتوج فريقا كاملا من المسؤولين في الاتحاد إلى الجهازين الإداري والفني واللاعبين والجماهير، ولست سوى حلقة في مسار النجاح الذي نأمل أن يتواصل في النهائيات.
ـ هو تشريف لتونس أولا واعتراف بالكفاءات التونسية، فبعد نجاحي في انتخابات لجنة الاستئناف في الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (كاف) وعضوية لجنة التأديب في الاتحاد الدولي (فيفا) أعتقد أن عضوية أي من اللجان الكروية الإقليمية أو القارية أو الدولية هو تشريف لتونس أولا من أجل توظيف الخبرات القانونية في ملفات تهم كرة القدم التونسية وتعمل على إصلاح وتطوير التشريعات الخاصة بها.
ـ جياني إنفانتينو يكنّ تقديرا خاصا لكرة القدم في تونس ويعتبرها من الدول الرائدة في تطوير اللعبة الشعبية الأولى، ولقاؤنا في مقر اللجنة الإقليمية للفيفا في الرباط يأتي لدراسة مشاريع جديدة تتمحور حول تطوير اللعبة وتوسيع شعبيتها في البلاد وتحسين البنية التحتية.
ومن المعلوم أنه منذ 2021 لم يصادق الفيفا على أي مشروع كروي في تونس، ولكن خلال 7 أشهر بعد صعود مجلس الإدارة الحالي تم رسميا المصادقة على 3 مشاريع جديدة عرضها الاتحاد التونسي على نظيره الدولي وحظيت بالدعم والإعداد لبدء تنفيذها.
وعلاقة اتحاد الكرة بالفيفا متميزة ونحظى بدعمه من أجل تطوير عدة مشاريع أبرزها كرة القدم للشبان والكرة النسائية، كما أن هناك زيارة مرتقبة لإنفانتينو إلى تونس الفترة المقبلة لإعطاء انطلاقة بعض المشاريع وحضور مقابلة دولية كبرى للمنتخب الأول.
ـ التأهل لكأس العالم أصبح أمرا اعتياديا لمنتخب تونس، والحضور في النسخة المقبلة للمونديال 2026 يأتي حفاظا على عادة الكرة التونسية بالمنافسة في أضخم محفل كروي عالمي، لكن حرصنا هذه المرة سيكون كبيرا من أجل التأهل للدور الثاني.
وقد بدأ العمل منذ فترة وليس فقط على انتزاع بطاقة التأهل للمونديال وإنما على توفير كل ممهدات النجاح لنشاهد تونس في الدور الثاني لأول مرة في تاريخها.
ـ في النسخة الأخيرة من كأس العرب للمنتخبات (فيفا ـ قطر 2021) بلغ منتخبنا الدور النهائي وكانت مباراة رائعة أمام الجزائر، وهذا ما يحفزنا في النسخة القادمة على أن تكون مشاركتنا لافتة وأن نؤكد مكانة تونس بين المنتخبات العربية.
ولن يكون هدفنا سوى التتويج باللقب في الدوحة بالذات، ومنتخبنا يملك كل المؤهلات لتقديم نسخة استثنائية للمرة الثانية على التوالي.
ـ أعتقد أن بطولة كأس العرب للمنتخبات تأتي في وقت صعب بحكم أنها تتزامن فعلا مع المرحلة الأخيرة للتحضيرات لكأس أمم أفريقيا، ولكن العمل بدأ منذ فترة بين لجنة المنتخبات في الاتحاد، ومع الإدارة الفنية والرياضية والجهاز الفني للمنتخب الأول للمشاركة في البطولتين وتحقيق النجاح في كل منهما.
وتونس تملك إمكانيات كبيرة على مستوى الرصيد من اللاعبين، وهدفنا أن نكون موجودين في كل المسابقات والأحداث الكروية والمنافسة على الأدوار الأولى، ولا يمكن أن نسافر لبطولة عربية أو أفريقية ولا نضع نصب أعيننا التتويج باللقب، فالوضعية لا تبدو سهلة لتزامن كأس العرب وأمم أفريقيا ولكن سنخوض المسابقتين بهدف واحد: المنافسة على اللقب.
ـ نعم، بداية إشرافنا على تسيير دواليب الاتحاد كانت فيها الكرة التونسية تمر بمرحلة انتقالية وفترة صعبة جدا على المستوى الرياضي والإداري والمالي، ومررنا بحالة من شبه الفراغ الإداري ولولا مجهودات سلطة الإشراف ومجلس تصريف الأعمال لكان الوضع أكثر تعقيدا وحدة.
وما تزال الجهود متواصلة، والمرحلة الحالية مليئة بالتحديات لأننا حققنا مكاسب بالفعل، ولكن أمامنا هواجس وملفات أخرى الفترة المقبلة للنجاح رياضيا وماليا في وضع الكرة التونسية على السكة ورسم خارطة تجعل منتخبنا الأول ومنتخبات الشبان والأندية قادرة على الإشعاع في المسابقات العربية والمنافسات الأفريقية والعالمية.
وسنعمل على تحقيق أهدافنا، بما فيها الاستمرار في استقطاب المواهب الكروية المولودة والناشئة بأوروبا وضمها للمنتخب الأول ومنتخبي الناشئين والشباب لتحسين الأداء وإذكاء المنافسة بين اللاعبين.
ـ العنف في ملاعب كرة القدم ظاهرة كونية تشهدها كل الدوريات في العالم، وهذا لا يعني أن اتحاد الكرة لا ينظر بعين الاهتمام للحد من تفشي الظاهرة واستفحالها في ملاعبنا.
ونحن نعمل مع السلطات على اتخاذ إجراءات عملية للحد من ظاهرة العنف في ملاعب كرة القدم، كما أننا لم نهمل الجانب القانوني والتأديبي من خلال فرض عقوبات رادعة على المشجعين والأندية التي يثبت ارتكابها أعمال عنف وتخريب.
وهناك تنسيق مع وزارة الرياضة لإيجاد حلول للحد من العنف، رغم أن مسؤولية ذلك ملقاة على مجموعات المشجعين وعلى الأندية في المقام الأول.
ـ أخطاء الحكام لا تزال جزءا من لعبة كرة القدم على الرغم من إدخال التكنولوجيا واستخدام سائر التجهيزات المتطورة لتقليص أخطاء الحكام مثل تقنية حكم الفيديو المساعد (الفار).
وأخطاء الحكام التي تؤثر على نتائج المباريات بالفعل هاجس كبير لاتحاد الكرة وإشكال حقيقي، ولكن كرسنا الجهد والمال لاعتماد تجهيزات عصرية في تقنية الفيديو المساعد لتقليص نسبة الأخطاء، كما قمنا ولا نزال بدورات تكوينية للحكام، وما يمكن تأكيده أن الموسم الحالي سيشهد تضاؤل الأخطاء واعتراضات الأندية.