غطت عناوين فسخ عقود اللاعبين بالتراضي على أخبار الانتقالات الصيفية في دوري المحترفين الجزائري لكرة القدم، وسط حيرة وتساؤلات مستعرة من المشجعين الذين يطالبون بالصفقات المدوية ويصرون عليها.
وضع لم يشهده الدوري الجزائري منذ نحو 3 عقود، وربما تكون لسياسة "التقشف الاقتصادي"، والقيود التي وضعها اتحاد الكرة بتوجيه من السلطات الحكومية لتعزيز الحوكمة الرشيدة وكبح حجم الإنفاق الآخذ في التصاعد، السبب الرئيس لهذا "التحول المفاجئ".
ويعزو شعيب كحول، الصحفي بجريدة "الخبر"، هذا المشهد إلى 3 عوامل رئيسية، إذ يشير في المقام الأول إلى قرار وضع سقف لرواتب اللاعبين عند حدود 4 ملايين دولار (50 مليار سنتيم جزائري) لكل ناد.
وذلك مع اشتراط التوقيع على تعهد من كل فريق بعدم تجاوز هذا الحد، وهو الشرط الذي قوبل بالرفض من قبل مسؤولي الشركات المالكة خوفا من "المغامرة" والتداعيات غير المحسوبة العواقب.
أما السبب الثاني برأي كحول، فهو الخلل الكبير بين العرض والطلب، مؤكدا قلة جودة اللاعبين، مستدلا باللاعب زين الدين فرحات الذي كان بديلا في نادي آنجيه الفرنسي الموسم الماضي، ليجد نفسه اليوم محل منافسة شرسة بين الأندية الكبيرة في الجزائر العاصمة، ورغم أنه موجود في نهاية مشواره الكروي.
كما يبرز أن بنود العقد الجديد لا تشجع اللاعبين الأجانب على اللعب في الدوري الجزائري، خاصة أنه يتضمن تعقيدات في ما يخص التحويلات المالية بالنقد الأجنبي.
وقبل أقل من أسبوعين من غلق سوق الانتقالات الصيفية، ما زال الأمل يراود بعض الأندية في إبرام صفقات "تحفظ ماء الوجه"، خاصة تلك المقبلة على المشاركة في مسابقتي دوري أبطال أفريقيا، وكأس الكونفدرالية.
ويعتقد معمر جبور، الصحفي المخضرم بالإذاعة الجزائرية، أن أندية مولودية الجزائر، وشبيبة القبائل، واتحاد الجزائر، وشباب بلوزداد الذي يشغل فيه عضوية مجلس الإدارة، ستتعاقد مع لاعبين آخرين في الأيام المقبلة، بالنظر إلى التحديات "الخارجية" التي تنتظرها.
وبعكس التوقعات، فشل مولودية الجزائر حامل لقب الدوري حتى الآن في إبرام صفقات مميزة بخلاف التعاقد مع الحارس ألكسندر قندوز، والمدافع أيمن بوقرة، إلى جانب المدير الفني الجنوب أفريقي رولاني موكوينا.
في المقابل، أعلن النادي رحيل عدد من اللاعبين "بالتراضي"، وهي الصفة التي استغلتها الأندية المتواضعة ماليا لتدعيم صفوفها.
أما شبيبة القبائل، ممثل الجزائر الثاني في مسابقة دوري الأبطال، فبعدما نجح في "خطف" المهاجم الدولي أيمن محيوص من شباب بلوزداد، ما زال يبحث عن أفضل طريقة لإرضاء جماهيره الغاضبة من نوعية "الميركاتو"، خاصة أن الفريق بصدد خسارة أفضل لاعبيه، بعد رحيل المهاجم رضوان بركان إلى الوكرة القطري، والروسي إيفان إيجناتيف الذي قرر إنهاء تعاقده مع الفريق، فضلا عن الرحيل المحتمل للمتألق كسيلة بوعالية.
تبدو تطلعات جماهير اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد اللذين سيشاركان في كأس الكونفدرالية متشائمة، وهو الانطباع ذاته الذي سجل لدى أغلبية جماهير الأندية الأخرى التي لم تخف غضبها وعدم رضاها، منها جماهير النادي الرياضي القسنطيني التي نظمت وقفة احتجاجية رفضا "للسياسة المنتهجة".
ويجمع المتابعون للدوري الجزائري على أن أندية مولودية الجزائر وشبيبة القبائل واتحاد الجزائر وشباب بلوزداد ستتنافس فيما بينها مرة أخرى على الألقاب المحلية.
لكنها ستجد صعوبة كبيرة في منافسة كبار القارة السمراء، إلا إذا اجتهدت وثابرت على العمل الجاد وتسلحت بالإرادة والعزيمة لتؤكد أن لا شيء يستحيل تحقيقه في عالم كرة القدم.
وفي مقابل ركود سوق الانتقالات على الصعيد الداخلي، حصل عدد من اللاعبين المحليين على عقود احترافية للعب في الخارج، حيث انتقل المهاجم عادل بولبينة من نادي بارادو إلى الدحيل القطري، ولحق به المهاجم رضوان بركان إلى الوكرة.
واختار منذر طمين، مهاجم الرياضي القسنطيني، اللعب مع نادي المصري البورسعيدي، وبدوره رحل آدم رجم من شبيبة القبائل إلى المصري البورسعيدي أيضا، وفضل المدافع عماد عزي اللعب مع شقيقه محمد في نادي مخاشكالا الروسي على البقاء مع اتحاد الجزائر.
ومن المتوقع أن ينضم كسيلة بوعالية إلى الترجي التونسي المستعد لكسر الشرط الجزائي في عقده والمقدر بـ600 ألف يورو، مثلما أكده اللاعب بنفسه.
ويتوقع أن يقدم نادي ليفسكي صوفيا البلغاري على الخطوة ذاتها للتعاقد مع أكرم بوراس نجم مولودية الجزائر، في انتظار اتضاح مستقبل لاعبين آخرين منهم بلال بوكرشاوي، النجم الصاعد في صفوف شباب بلوزداد.