آخر الأخبار

بين تقييد الحريات ووقف التخريب.. قانون جديد لمواجهة الشغب في ملاعب تونس

شارك

تونس فجّر مشروع قانون جديد حول مكافحة العنف والشغب بالملاعب الرياضية في تونس جدلا واسعا في الأوساط الرياضية والحقوقية بعد عرضه الأسبوع الماضي على لجنة خاصة بالبرلمان قبل المصادقة عليه ودخوله حيز التنفيذ بداية من الموسم الرياضي 2025 ـ 2026.

وأثار مشروع القانون الجديد الذي تقدمت به لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة بمجلس نواب الشعب (البرلمان) مواقف متباينة بين من اعتبره مكبلا للحريات ولحقوق الجماهير الرياضية داخل الملاعب وبين أطراف ذهبت إلى كونه خطوة مهمة على طريق التقليص في منسوب العنف والتخريب في ملاعب كرة القدم بوجه خاص.

وينص مشروع القانون الذي ينتظر أن يتم عرضه على البرلمان للتصويت الأسبوع المقبل على تشديد العقوبات على مرتكبي العنف ومثيري الشغب على المدرجات أو في الفضاءات الرياضية لا سيما ملاعب كرة القدم، والوصول بسلم العقوبات حتى السجن 5 سنوات ضد كل من تثبت إدانته في أعمال شغب داخل الملاعب.

مصدر الصورة أحد أفراد أمن الملاعب يحاول إخماد شمروخ تم رميه من المدرجات (الجزيرة)

تقييد للحريات أم حفاظ على المنشآت؟

وأثار مشروع القانون ردود أفعال عنيفة في أوساط جماهير الأندية التي أبدت قلقها من أن تفتح حزمة الإجراءات الجديدة الباب نحو مزيد من تقييد الحريات للجماهير الرياضية وحرمانها من الدخول إلى الملاعب.

وتشهد الأوساط الرياضية في تونس في السنوات الأخيرة أرقاما مفزعة لظاهرة العنف في الملاعب، وتأتي مباريات الدوري التونسي لكرة القدم ومشاركات الأندية في المسابقات الأفريقية في المرتبة الأولى كأكثر المنافسات التي تسجل أعمال شغب وفوضى على المدرجات، تليها مسابقة دوري كرة السلة ثم الكرة الطائرة.

ورغم أن السلطات التونسية فرضت قيودا صارمة على حضور المشجعين في الملاعب الرياضية وحددت عدد الجماهير بنحو 50% من إجمالي طاقة استيعاب المدرجات، فإن نسق أعمال الشغب شهد تزايدا في السنوات الأخيرة خاصة في نهاية الموسم.

إعلان

تأتي حزمة القوانين الجديدة بهدف مكافحة ظاهرة العنف في الملاعب عبر تشديد أساليب الردع والعقوبات المستوجبة على الأندية التي يقع مشجعوها في أعمال شغب، لكنها تنطوي على تقييد لحريات جماهير كرة القدم وسائر الألعاب، وهو ما أفرز انتقادات لاذعة تجاه القانون الذي كان يقتصر على عقوبات جماعية للنوادي بغرامات مالية أو باللعب دون حضور الجمهور.

ويقوم القانون الجديد الذي هو في الأصل تعديل للقوانين السابقة ليفرض عقوبة بالسجن تتراوح بين 6 أشهر و5 سنوات لكل من يرتكب أعمال عنف داخل الملاعب أو في محيطها، بجانب غرامة مالية لا تقل عن 5 آلاف دينار لكل من يُلقي مقذوفات أو يستخدم الشماريخ.

وبينما أثار مشروع القانون الجديد انتقادات لاذعة من قِبل روابط مشجعي الأندية، يرى الاتحاد التونسي لكرة القدم أن مكافحة ظواهر العنف في الملاعب تحتاج إلى مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار حق المشجعين في الدخول إلى الفضاءات الرياضية وتشجيع أنديتهم مع وجوب الحفاظ على المنشآت والتجهيزات وتجنب أعمال الشغب.

وقال وسام اللطيف عضو اتحاد الكرة التونسي للجزيرة نت: "يحتاج القانون الجديد إلى المصادقة عليه قبل بدء العمل به رسميا، لكن اتحاد الكرة ينضمّ إلى كل مبادرة تشريعية تهدف إلى القضاء على العنف وضمان خوض المنافسات الرياضية في إطار يضمن سلامة اللاعبين والمسؤولين والحكام والمشجعين، ويحفظ أيضا التجهيزات الرياضية من التخريب والإضرار بها".

وتابع المتحدث أن "الاتحاد التونسي لكرة القدم سيقدم من جهته مشروعا ضمن المجلة القانونية لكرة القدم قبل بدء الموسم الجديد وسيتضمن فصولا تهدف إلى التصدي للعنف في الملاعب في إطار منظم يرتكز على تقليص منسوب الفوضى والشغب على المدرجات وداخل الملاعب مع ضمان حق الجماهير"، وفق قوله.

مصدر الصورة وسام اللطيف عضو اتحاد الكرة التونسي (الجزيرة)

نزيف متواصل وأضرار جسيمة

ولم تنجح الإجراءات القانونية الردعية وحتى التحفيز المادي الذي أقره اتحاد كرة القدم ورابطة الدوري التونسي في السنوات الأخيرة لفائدة الأندية التي لا تقع جماهيرها في ارتكاب أعمال عنف، فإن نزيف الأحداث استمر بنسق متصاعد في الموسم الماضي ما وضع رابطة الدوري أمام حتمية البحث عن حلول جديدة قبل بداية الموسم الجديد.

ومنحت رابطة الدوري في موسم 2022 ـ 2023 جائزة مالية أسبوعية يتم منحها للفريق الذي يحجم مشجعوه عن إتيان أعمال عنف على المدرجات، لكن ذلك لم يغير الوضع مما دفع بالرابطة إلى التخلي عن ذلك الإجراء.

وقال رئيس رابطة الدوري التونسي، بوصيري بوجلال، للجزيرة نت إن ظاهرة العنف في الملاعب باتت بالفعل هاجس الهياكل الرياضية دون استثناء، مضيفا أن الرابطة واتحاد كرة القدم سيعملان على تطبيق القانون مع الالتزام بترسيخ العدل بين الأندية لتفادي الانفلات والغضب في أوساط الجماهير وعلى المدرجات.

مصدر الصورة بوصيري بوجلال رئيس رابطة الدوري التونسي (الجزيرة)

وبخصوص مشروع القانون الجديد الذي ينص على السجن حتى 5 سنوات في حال ارتكاب الأفراد لأعمال عنف خطيرة، قال بوجلال إن "رابطة الدوري تضع في المقام الأول حسن سير المنافسات وتفادي أية أعمال شغب وبالتالي فهي تدعم المبادرات القانونية التي يقدمها البرلمان للتصدي للعنف والإضرار بالتجهيزات والمنشآت الرياضية، ولكنها تحرص في الوقت ذاته على ضمان العدل بين الأندية واحترام حق الجماهير في الدخول إلى الملاعب".

إعلان

وسجل الموسم الماضي أحداث عنف وشغب على المدرجات في ما يقارب 20 مباراة أسفرت أغلبها عن أضرار مادية فادحة في تجهيزات الملاعب وإصابات في صفوف رجال الشرطة والمشجعين جراء حوادث الاشتباكات والمشاحنات بين الأمن والجماهير.

ويبدأ الموسم الكروي الجديد في تونس في 3 أغسطس/آب المقبل بخوض نهائي كأس السوبر، فيما تنطلق منافسات دوري المحترفين في التاسع من الشهر ذاته.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا