ظاهرياً قد لا يبدو أن هناك أي تشابه بين الفئران والبشر ، لكنها يتشابهان بيولوجياً بشكل كبير. الأمر الذي يجعل الفئران نماذج مثالية تساعد العلماء والباحثين على دراسة الأمراض التي تهدد البشر وتطوير علاجات ممكنة لها.
قائمة أوجه التشابه بين الفئران والبشر، تبدو طويلة. إذ أظهر العلم أن الفئران حيوانات اجتماعية، تساعد بعضها البعض، تُظهر الامتنان، وتتفاوت في تعاطفها، كما أنها حساسة للدغدغة. وربما تُفضل أيضًا استخدام المواد المؤثرة على العقل مثل المخدرات ، للشعور بالنشوة أو لتهدئة نفسها على الأقل.
وكما أفاد باحثون في مجلة علم الأدوية النفسية العصبية Neuropsychopharmacology ، في الدراسة التي أوردتها صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" فإن هناك ثمة تشابه آخر مُحتمل: يبدو أن الفئران تلجأ إلى القنب تحديدًا عندما تشعر بالتوتر.
من هنا، برزت العديد من التساؤلات لدى الباحثين، أبرزها: ما الذي يدفع البشر إلى تدخين الماريغوانا ؟ ولماذا يُصاب البعض بمشاكل تعاطيها بينما لا يُصاب آخرون؟ وهل هناك عوامل خطر؟
بحسب الدراسة فإنه يبدو أن الفئران تلجأ إلى القنب تحديدًا عندما تشعر بالتوتر.صورة من: Gustavo Graf/REUTERSسعى الباحثون إلى إيجاد إجابات من خلال تجارب على الفئران أخضعوا خلالها 48 فأراً من فصيلة (لونغ إيفانز) لفحوصات بيولوجية واختبارات سلوكية. كما درّبوا الفئران على استنشاق أبخرة القنب : فعندما كانت الفئران تضع أنوفها في فتحة جهاز، كان البخار يُضخ إلى حجرتها. وعلى مدار 30 يوماً، أحصى الفريق عدد مرات قيام الفئران بذلك، وقارنوا النتائج بأداء حيوانات التجارب البشرية في الاختبارات.
خلال هذه الدراسة، اكتشف الباحثون بعض الارتباطات المفاجئة. فعلى سبيل المثال، كان من الملاحظ إحصائيًا ومن خلال دراسات سابقة أن الرجال يدخنون القنب بكثافة أكبر من النساء. لكن وعلى عكس البشر ، كانت إناث الفئران أكثر ميلًا لاستخدامه.
وجد الباحثون أنه كلما زادت مرونة الفأر في توجيه انتباهه إلى مهام جديدة، قلّ احتمال تأثره بالقنب. صورة من: Imago/CTK Photoكما وجد الباحثون صلة بين قدرة الفئران على تغيير المهام واستنشاق القنب: فكلما زادت مرونة الفأر في توجيه انتباهه إلى مهام جديدة، قلّ احتمال تأثره بالقنب. في المقابل، دخّنت الفئران القنب بوتيرة أكبر عندما كانت استجابتها للمؤثرات البصرية المختلفة أقوى.
لكن الارتباط الأقوى بين الفئران والبشر، بحسب الباحثين، كان على المستوى البيولوجي. فالفئران التي احتوت بلازما دمها على مستويات أعلى من هرمون الكورتيكوستيرون (هرمون التوتر) في حالة الراحة (يؤدي الكورتيزول هذا الدور لدى البشر) كانت أكثر عرضةً بشكل ملحوظ لاستخدام القنب لتهدئة نفسها. في المقابل، لم تؤدِّ المستويات المرتفعة لفترة وجيزة، وهو ما يحدث على سبيل المثال لدى البشر بسبب ممارسة الرياضة أو مهمة شاقة، إلى زيادة الدافع لتدخين القنب.
ويأمل الباحثون أن يصبح من الممكن يوماً ما تقييم خطر إدمان الشخص للمخدرات بناءً على هرمونات التوتر لديه.
تحرير: عماد حسن
المصدر:
DW