آخر الأخبار

هل تؤدّي تجارة الأسماك العالمية إلى نشر سموم "أبدية" بكل مكان؟

شارك

من جهة، يعد تناول الأسماك غذاء مفيدًا غنيا بالأوميغا-3 والبروتين عالي الجودة، ومن جهة أخرى، تظهر دراسة حديثة أن سلسلة التوريد العالمية للأسماك تقوم فعليا بتوزيع مجموعة من المواد الكيميائية الصناعية الضارة للبيئة، والمعروفة باسم "المواد الكيميائية الأبدية"، في جميع أنحاء العالم.

كيميائيا، تعرف هذه المواد الكيميائية باسم "المواد البير- والبولي الفلوروألكيلية"، سميت "أبدية" لأن مكوناتها تتحلل ببطء شديد، فتظل في البيئة لفترات طويلة، وقد استعملت لعقود بسبب مقاومتها للماء والدهون والحرارة، لذا تظهر في منتجات كثيرة مثل الطلاءات غير اللاصقة، والأقمشة المقاومة للماء والبقع، وبعض الرغاوي المستخدمة في مكافحة الحرائق.

المشكلة أن ثباتها وانتشارها يجعلها تنتقل عبر الماء والتربة والهواء، وقد رصدت في أماكن متعددة وعلى مستويات منخفضة في الغذاء والبيئة، بل وفي دم البشر والحيوانات.

هذه المركبات تمثل "سموما بيئية"، حيث ترجح الأدلة العلمية أن التعرض لبعض هذه المركبات يرتبط بآثار صحية محتملة، تختلف باختلاف المركب وجرعة التعرض ومدة التعرض، مثل اضطراب بعض الهرمونات، وتأثيرات على المناعة، وارتفاع الكوليسترول، وارتباطات مع بعض السرطانات، مع استمرار الأبحاث لتحديد الصورة بدقة وخاصة عند التعرض المزمن منخفض الجرعة.

مصدر الصورة هذه المركبات تمثل "سموما بيئية" (وكالة الأنباء الألمانية)

مواد تتمشّى في السلسلة الغذائية

أبرز ما كشفته الدراسة الجديدة، والتي نشرت في دورية "ساينس"، هو أن هذه المواد لا تبقى محصورة في مناطق ملوّثة فقط؛ إذ تتراكم في الكائنات البحرية وتصعد عبر السلسلة الغذائية، فتبدأ من العوالق الصغيرة ثم الأسماك الصغيرة ثم الأسماك المفترسة التي يصل إليها الإنسان في النهاية.

ما يثير القلق بحسب الدراسة، هو أن أسماك التصدير من منطقة ما قد تحمل معها عبء هذه السموم إلى دول بعيدة، حتى لو كانت بيئتها الأصلية نظيفة.

إعلان

الباحثون استخدموا نماذج حاسوبية تغطي أكثر من 200 نوع من الأسماك لمتابعة كيفية تراكم هذه المواد في الأنسجة الحيوانية، ثم دمجوا ذلك مع بيانات التجارة العالمية للأسماك، ليبيّنوا أن النظام التجاري يعمل كنظام نقل عالمي لهذه السموم، يربط بين مصايد في شمال الكرة الأرضية وعشاء في جنوبها والعكس.

قبل هذه الدراسة، كان يُعتقد أن التعرّض للمواد الصناعية في الأسماك يعتمد بشكل كبير على جودة المياه المحلية. لكن النتائج الجديدة تعني أن الحدود السياسية لم تعد تحمي المستهلكين من هذه الأخطار، وأن السموم يمكن أن تنتقل عبر آلاف الكيلومترات مع الأسماك المصدّرة والمستوردة.

مصدر الصورة كان يُعتقد أن التعرّض للمواد الصناعية في الأسماك يعتمد بشكل كبير على جودة المياه المحلية (رويترز)

سياسات دولية

من المعروف أن هذه المركبات قد تتراكم في الأنسجة الدهنية وتنتقل عبر الغذاء، وهو ما يجعل فهم تراكمها عالميا أولوية صحية وبيئية.

وباعتبار أن الإنسان يقف في أعلى السلسلة الغذائية، فإن تركيزات هذه المواد تصل في بعض الأحيان إلى أعلى مستوياتها في الأسماك الكبيرة، وقد تصل إلى الإنسان في مرحلة ما.

وبذلك، فإن نتائج الدراسة تؤكد أن العمل على مستوى وطني غير كافٍ، وأن هناك حاجة لخطة عمل عالمية موحّدة لا تقتصر على مراقبة جودة المياه فقط، بل تشمل مراقبة التجارة وتوجيهها لتقليل التعرّض الغذائي لهذه المواد.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار