آخر الأخبار

الأقمار الصناعية ترصد تراجعا مقلقا في درع الأرض المغناطيسي

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

كشفت دراسة أجرتها وكالة الفضاء الأوروبية أن المنطقة الضعيفة في المجال المغناطيسي للأرض فوق جنوب المحيط الأطلسي، والمعروفة باسم "شذوذ جنوب الأطلسي"، قد توسعت منذ عام 2014 بمساحة تقارب نصف مساحة قارة أوروبا.

ويعد المجال المغناطيسي للأرض حقلا مغناطيسا يحيط بالكوكب، ويعمل كدرع واقٍ يحميه من الإشعاعات الكونية والجسيمات المشحونة القادمة من الشمس.

وينشأ هذا المجال من لب الأرض الخارجي، وهو طبقة سائلة تقع على عمق نحو 3000 كيلومتر تحت سطح الأرض، تتكون من حديد ونيكل منصهرين، ودرجة حرارتها تقارب حرارة سطح الشمس (نحو 6 آلاف درجة مئوية)، وتشبه حركة الحديد السائل في اللب الخارجي دوامات الحساء الساخن أثناء الغليان، حيث تنقل الحرارة من الداخل إلى الخارج وتولد تيارات كهربائية ضخمة.

وبحسب قانون فاراداي، فإن أي تيار كهربائي متحرك يولد مجالا مغناطيسيا، وهكذا تعمل الأرض مثل "دينامو ذاتي التشغيل"، مشابه لمولد الكهرباء في الدراجة الهوائية الذي يضيء المصباح عند دوران العجلة.

ومنذ القرن الـ19، وقبل وجود الأقمار الصناعية، لاحظ العلماء أن نقطة ضعف هذا الدرع الطبيعي تقع جنوب شرق أميركا الجنوبية وتمتد نحو جنوب أفريقيا.

وباستخدام أدوات قياس مغناطيسي بسيطة مثل البوصلة المغناطيسية والمغناطيسيات الميكانيكية، كان العلماء يلاحظون أن البوصلة تتذبذب أو تشير بقوة أضعف في بعض مناطق جنوب المحيط الأطلسي، وهو دليل على وجود منطقة ضعيفة في المجال المغناطيسي للأرض.

مصدر الصورة ينشأ المجال المغناطيسي من لب الأرض الخارجي (وكالة الفضاء الأوروبية)

تأكيد وتحديث لحجم منطقة الضعف

ولم تكتفِ الدراسة الجديدة المنشورة بدورية "فيزكس أوف ذي إيرث أند بلانيتاري إنتيريورز" بتأكيد هذه الحقيقة، بل كشفت باستخدام أقمار مهمة "سوارم" التي أطلقتها وكالة الفضاء الأوروبية في 2013 لمراقبة المجال المغناطيسي للأرض، أن المنطقة الضعيفة توسعت منذ 2014 بمساحة تقارب نصف قارة أوروبا، كما شهدت المنطقة الواقعة في المحيط الأطلسي جنوب غرب أفريقيا ضعفا أسرع منذ عام 2020.

إعلان

في المقابل، أظهرت الدراسة ديناميكية واضحة في نصف الكرة الشمالي، حيث أصبح المجال أقوى فوق سيبيريا، وزادت منطقة القوة هناك بمساحة تقارب غرينلاند، بينما ضعُف المجال فوق كندا وتقلصت منطقة القوة هناك بمساحة تقارب الهند.

ويرجع البروفيسور كريس فينلاي، المؤلف الرئيسي للدراسة وأستاذ المغناطيسية الأرضية في الجامعة التقنية في الدانمارك، هذه التغيرات إلى ظاهرة تُعرف باسم "بقع التدفق العكسي".

ولتوضيح هذه الظاهرة، يمكن تخيل المجال المغناطيسي كأنه مياه تتدفق من نافورة، فعادة الماء يتدفق للأعلى مباشرة، لكن إذا انعكس الماء في بعض النقاط إلى الأسفل، فهذا يخلق نقاط ضعف أو أماكن يقل فيها التدفق.

وبالمثل، فإن خطوط المجال المغناطيسي عادة تخرج من اللب الخارجي نحو السطح، لكن في بعض المناطق عند الحد الفاصل بين اللب الخارجي السائل والوشاح الصخري الصلب، تُرى خطوط المجال وكأنها تعود مرة أخرى إلى الداخل، ما يضعف المجال محليا، وأسهمت هذه البقع في زيادة ضعف المجال فوق جنوب غرب أفريقيا.

وتقول أنيا سترومه، مديرة مهمة "سوارم" في بيان رسمي نشره موقع وكالة الفضاء الأوروبية: "توفر هذه البيانات الطويلة الممتدة نظرة غير مسبوقة على ديناميكية كوكبنا، ونأمل أن تستمر المهمة في تقديم هذه المعلومات القيمة لما بعد عام 2030".

تأثيرات على الكوكب

وتشير الدراسة إلى أن المناطق الضعيفة في المجال المغناطيسي لها تأثيرات ملموسة على التكنولوجيا الحديثة، حيث تتعرض الأقمار الصناعية والمركبات الفضائية التي تمر فوق هذه المناطق لمستويات أعلى من الإشعاع الكوني والجسيمات المشحونة، مما قد يؤدي إلى أعطال الأجهزة، فقدان البيانات، أو تقصير عمر المعدات الفضائية.

كما تؤثر هذه المناطق على الملاحة الأرضية والفضائية، إذ قد تتذبذب البوصلة عند المرور فوق هذه النقاط، بينما يجب على أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية أخذ هذه التغيرات في الاعتبار لضمان دقة المواقع والمسارات.

وعلاوة على ذلك، تسهم هذه البقع في تحرك القطب الشمالي المغناطيسي تدريجيا، مما قد يؤدي إلى تغييرات طويلة المدى في توزيع قوة المجال المغناطيسي في نصف الكرة الشمالي، ويبرز الحاجة المستمرة لمراقبة المجال المغناطيسي وفهم ديناميكيته لضمان حماية التكنولوجيا والرحلات الفضائية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار