في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في قلب مجرتنا درب التبانة، يقع أكثر مواقع تكوين النجوم نشاطا وتعقيدا ضمن السحابة الجزيئية المعروفة باسم "الرامي بي 2". وبفضل قدراته الفائقة على رؤية الأشعة تحت الحمراء، استطاع مرصد جيمس ويب الفضائي أن يكشف تفاصيل مذهلة في هذه المنطقة.
وإليك مقطع فيديو قصير، نشرته منصة مرصد هابل تتجول الكاميرا خلاله في هذه المنطقة من سماء الليل:
السحب الجزيئية هي أضخم وأكثف البنى الغازية في مجرتنا وفي المجرات الأخرى، وتعتبر "مهاد النجوم" لأنها المكان الذي تُولد فيه النجوم والكواكب.
تتكوّن هذه السحب بشكل رئيسي من الهيدروجين الجزيئي مع خليط من الهيليوم وكميات ضئيلة من عناصر أخرى مثل الكربون، والأكسجين، والنتروجين، وغالبا ما تختلط مع الغبار الكوني الذي يحجب الضوء المرئي.
لهذا السبب نراها في التلسكوبات البصرية كمساحات مظلمة تحجب النجوم خلفها، بينما في الأشعة تحت الحمراء أو موجات الراديو تنكشف ملامحها بوضوح.
أحجام هذه السحب هائلة، فبعضها يمتد لعشرات أو مئات السنين الضوئية، وتحتوي على ملايين أضعاف كتلة الشمس. وعلى الرغم من هذه الضخامة، فإن كثافتها منخفضة جدا إذا قورنت بالهواء الذي نتنفسه، فقط بضع مئات إلى آلاف الذرات فقط في السنتيمتر المكعب.
ما يلفت الانتباه هو أن سحابة "الرامي بي 2" تُنتج نصف عدد النجوم التي تُكوَّن في منطقة مركز المجرة، رغم أن مادتها الجزيئية (الغبار والغاز) تمثل ما يُقدّر 10% فقط من مادة تلك المنطقة.
وبحسب العلماء من منصة مرصد جيمس ويب، فهذا يعني أنها منطقة استثنائية في نشاطها مقارنة بالمناطق المجاورة، مما يثير تساؤلات عن العوامل التي تجعلها أكثر "إثمارا" من باقي محيطها.
وبتصويرها بأدوات الأشعة تحت الحمراء المتطورة، تمكن مرصد ويب من اختراق الأجزاء المظلمة الكثيفة في السحابة التي تبدو عمليا كظلمات في بعض الصور، لكنه كشف أن هذه المناطق ليست فراغا، بل هي مراكز تتراكم فيها الغازات والغبار، ربما هي بذر النجوم القادمة التي لم توقد بعد أو تكون في مراحل التشكل الأولى.
ولفهم الفكرة، تصوّر أن أحدهم كُسرت عظمة الفخذ لديه بسبب حادث أليم، هنا سيذهب فورا إلى المستشفى لعمل صورة بالأشعة السينية، لكي تخترق الجلد وتبين ما يقع تحته.
مرصد جيمس ويب يؤدي وظيفة شبيهة، فإذا التقطنا صورا لتلك المنطقة بمراصد ضوئية عادية ظهرت معتمة وداكنة، لكن الأشعة تحت الحمراء تتمكن من النفاذ بين جوانب تلك العتمة، وتبيان ما يقع في خلفيتها.
في اللقطات المُلتقطة بواسطة كاميرا "ميري" على متن المرصد، ظهر الغبار الكوني متوهجا بفعل التسخين بواسطة النجوم الفتيّة المحيطة، في حين أن كاميرا "نيركام" أظهرت النجوم الملونة الساطعة التي تختبئ خلف الغيوم الكثيفة في الأشعة تحت الحمراء.
ومن خلال تحليل هذه الصور، يأمل الفلكيون أن يُسهم جيمس ويب في حل بعض الألغاز القديمة في علم تكوُّن النجوم: كيف يبدأ النجم رحلته من تجمعات غازية ضخمة؟ وما الذي يجعل بعض السحب أكثر إنتاجية من غيرها؟ وهل هناك محركات بيئية (كالمجالات المغناطيسية، أو التفاعل مع الثقوب السوداء المركزية) تزيد من كفاءة النجوم؟