آخر الأخبار

الحصى الكونية.. أول رصد للمرحلة الأخطر في ولادة الكواكب

شارك

عادةً ما يكتشف العلماء الكواكب بعد اكتمالها أو في مرحلة الأقراص الكوكبية الأولية، وهي أقراص ضخمة من الغاز والغبار تدور حول نجوم شابة، وتعمل كـ"حضانات كونية" تتشكل فيها الكواكب.

لكنَّ فريقا بريطانيا تمكن من التعمق في مرحلة أبكر تُعرف بـ"حبات التكوين الكوكبي"، يُطلق عليها أحيانا "الحصى الكونية".

الحصى الكونية هي جسيمات صلبة صغيرة تتكون من غبار وجليد، يتراوح حجمها عادة بين مليمترات وسنتيمترات، وتتكون داخل الأقراص الكوكبية الأولية المحيطة بالنجوم الشابة، وتُعتبر اللبنات الأساسية لتكون الكواكب.

مصدر الصورة بعد مرحلة الحصى تتشكل الكواكب عبر ملايين السنين (ناسا)

نشأة الكواكب

لفهم دور هذه الحصى، يمكننا تخيل وجود مصنع ضخم في الفضاء لصناعة الكواكب، حيث لا تُستخدم المواد العادية كالحديد أو الخرسانة، بل تتكون الكواكب من غبار كوني وحصى صغيرة.

في البداية، يدور الغبار حول النجم الشاب مثل حلقات زحل، لكن بدلا من الجليد، هناك حبيبات دقيقة بحجم الرمل. مع مرور الوقت، تبدأ هذه الحبيبات بالتصادم والالتصاق، مثل كرات الثلج التي تتجمع لتصبح أكبر، فتكون حبات بحجم السنتيمتر يسميها العلماء "الحصى الكوكبية".

هذه الحصى هي اللبنات الأولى لتكوين الكواكب، ومع ملايين السنين تكبر هذه الكتل وتصبح نوى صلبة تجذب المزيد من المادة حتى تتحول إلى كواكب مثل الأرض أو المشتري.

ومنذ التسعينيات، اكتشف العلماء آلاف الكواكب المكتملة والعديد من الأقراص الغازية، لكن المرحلة الوسطى التي تتجمع فيها الحصى لتكون كواكب كانت بمثابة "القطعة المفقودة" في أحجية تكوين الكواكب.

إلا أنه بفضل مجموعة تلسكوبات راديوية في بريطانيا تُعرف بـ"شبكة مِرلين الإلكترونية"، استطاع العلماء لأول مرة التقاط إشارات تصدرها الحصى الكونية، ولا تُرى بالعين المجردة أو حتى بالتلسكوبات العادية، وأُعلن عن هذا الإنجاز، الذي سيساعد في فهم كيفية وأماكن تشكل الكواكب، في المؤتمر الوطني لعلم الفلك 2025، الذي نظمته الجمعية الفلكية الملكية.

مصدر الصورة لعقود عديدة والحصى الكونية الصغيرة خارج نطاق الرؤية الفلكية (شترستوك)

لماذا يعد الاكتشاف فريدا؟

وما يجعل هذا الاكتشاف فريدا، هو أنه لعقود عديدة والحصى الكونية الصغيرة خارج نطاق الرؤية الفلكية، ويُعزى ذلك إلى حجمها الدقيق الذي يتراوح بين مليمترات وسنتيمترات، ما يجعل الإشارات التي تصدر عنها ضعيفة جدا، ولا يمكن رصدها باستخدام التلسكوبات التقليدية البصرية أو تحت الحمراء.

إعلان

وتقول البروفيسور جين غريفز، من جامعة كارديف وقائدة الفريق البحثي، في بيان رسمي نشره موقع الجمعية الفلكية الملكية: "الحصى الكونية تمثل مرحلة انتقالية حرجة بين الغبار والكوكب، لكنها كانت صعبة الرصد لأنها لا تلمع كالغبار، ولا تصدر إشعاعا حراريا يمكن التقاطه".

لكن "شبكة مِرلين الإلكترونية"، المكوّنة من سبعة هوائيات عملاقة تمتد عبر 217 كيلومترا في الأراضي البريطانية، استطاعت التغلب على هذا التحدي بفضل قدرتها على التقاط إشارات راديوية بطول موجي يقارب 4 سنتيمترات، وهو الطول المناسب تماما للكشف عن الحصى بحجم السنتيمتر.

وتظهر بوضوح، في صور جديدة التقطتها تلك الشبكة، حصى كونية ممتدة حتى مسافات بعيدة تماثل مدار كوكب نبتون، داخل قرص كوكبي يدور حول النجم الشاب في كوكبة الثور المعروف باسم "دي جي الثور"، وهو ما يمنح العلماء لمحة نادرة عن المرحلة المبكرة من ولادة الكواكب.

وتقول الدكتورة كاتي هيسترلي، من مرصد "مصفوفة الكيلومتر المربع" البريطاني والمشاركة بالدراسة: "بفضل شبكة مِرلين الإلكترونية أصبح بإمكاننا لأول مرة رؤية كيف تتجمع المادة الصلبة في أقراص النجوم الشابة، وهذه خطوة أساسية لفهم كيفية تشكّل أنظمة كوكبية مثل نظامنا الشمسي".

ويمهد هذا الاكتشاف الطريق لما سيتحقق لاحقا مع تلسكوب "مصفوفة الكيلومتر المربع العملاق" الجاري بناؤه في جنوب أفريقيا وأستراليا، والذي سيبدأ عمله في 2031 لرصد مئات أقراص الكوكبية عبر المجرة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار