في سابقة علمية غير مسبوقة، نجح فريق من العلماء بجامعة تكساس في أوستن في رصد ظاهرة جيولوجية نادرة تعرف باسم "الزلزال البطيء" أثناء حدوثها في أعماق المحيط الهادئ.
وهذا الاكتشاف المثير، الذي تم بالقرب من صدع نانكاي قبالة سواحل اليابان، يسلط الضوء على آلية غامضة تعمل كمنظم تكتوني طبيعي، حيث تعمل على امتصاص الضغوط بين الصفائح الأرضية بشكل تدريجي قد يمتد لأسابيع كاملة.
وتمكن العلماء من توثيق هذه الظاهرة باستخدام شبكة متطورة من المستشعرات الجيولوجية الحساسة التي تم تثبيتها في قاع المحيط عند النقطة الأكثر حرجا من الصدع. وهذه التقنية الفريدة سمحت برصد تحركات لا تتجاوز بضعة مليمترات، وهي دقة غير مسبوقة في مجال رصد الزلازل.
تمكن الباحثون من تتبع حركة "الزلزال البطيء" الذي انتشر كموجة بطيئة على امتداد 20 ميلا خلال عدة أسابيع. وكشفت البيانات أن هذه الظاهرة تحدث في مناطق ترتفع فيها ضغوط السوائل الجيولوجية، ما يؤكد لأول مرة وجود صلة مباشرة بين السوائل تحت الأرض والزلازل البطيئة.
ووصف الباحثون هذه الظاهرة بأنها تش"تشبه تمزقا بطيئا يحدث على طول خط الصدع بين صفيحتين تكتونيتين"، حيث تنتشر موجة التشوه عبر القشرة الأرضية بسرعة لا تزيد عن 1-2 كيلومتر يوميا.
وتكمن أهمية هذا الاكتشاف في كونه يقدم أول دليل ملموس على الدور الحاسم للسوائل الجيولوجية في حدوث الزلازل البطيئة.
فقد رصدت المستشعرات أن هذه الظواهر تحدث تحديدا في المناطق حيث تصل ضغوط السوائل تحت الأرضية إلى مستويات استثنائية. وهذا الاكتشاف يحل لغزا طالما حير الجيولوجيين حول العوامل المحركة لهذه الزلازل الغامضة.
ومن الناحية العملية، يقدم هذا البحث رؤى جديدة حول سلوك أحد أخطر الصدوع في العالم. فعلى الرغم من أن صدع نانكاي كان مسؤولا عن زلازل مدمرة، بما في ذلك زلزال عام 1946 الذي بلغت قوته 8 درجات وأودى بحياة 1300 شخص، إلا أن هذه الدراسة تشير إلى أن الجزء السطحي من الصدع يعمل كصمام أمان طبيعي. من خلال تحرير الطاقة التكتونية المتراكمة بشكل تدريجي عبر هذه الزلازل البطيئة، قد يقلل هذا النظام من احتمالية حدوث زلازل مفاجئة وكارثية في المستقبل.
وتمتد أهمية هذه النتائج إلى ما هو أبعد من صدع نانكاي، حيث تفتح الباب أمام فهم أعمق لسلوك مناطق الاندساس في "حلقة النار" بالمحيط الهادئ. وهذه المعرفة الجديدة قد تمهد الطريق لتطوير نماذج أكثر دقة للتنبؤ بالزلازل الكبرى، كما توفر رؤى قيمة حول كيفية تفاعل السوائل الجوفية مع الضغوط التكتونية. وفي النهاية، يمثل هذا البحث خطوة مهمة نحو فك شفرة واحدة من أكثر الظواهر الجيولوجية غموضا، والتي قد تحمل مفاتيح فهم أفضل لكوكبنا الحي.
المصدر: Interesting Engineering