يصنف جورج واشنطن كأول رئيس بتاريخ الولايات المتحدة الأميركية، حيث فاز بولايتين رئاستين. ومع نهاية ولايته الثانية، فضّل التنحي وعدم الترشح لولاية ثالثة.
ومع ابتعاده عن الرئاسة، شهدت أميركا سنة 1796 أول انتخابات رئاسية ضمن ما عرف بنظام الحزبين. فبسبب خلافات عديدة فيما بينهم حول إدارة الشؤون الداخلية والخارجية، انقسم عدد من الآباء المؤسسين للولايات المتحدة واتجهوا لتكوين الحزب الفيدرالي والحزب الديمقراطي الجمهوري اللذين تميزا ببرامجهما السياسية المتناقضة.
وانطلاقاً من ذلك، مثل الحزب الفيدرالي (Federalist Party) أول حزب عرفته أميركا حيث نشأ عام 1789 ليسبق بذلك الحزب الديمقراطي الجمهوري الذي ظهر عام 1792.
نشأة الحزب الفيدرالي
مثل الحزب الفيدرالي واحداً من أول حزبين، رفقة الحزب الديمقراطي الجمهوري، ظهرا بالولايات المتحدة صلب السلطة التنفيذية والكونغرس خلال فترة إدارة الرئيس جورج واشنطن الأولى.
إلى ذلك، أسس ألكسندر هاميلتون (Alexander Hamilton)، الذي شغل منصب وزير الخزانة بحكومة جورج واشنطن، الحزب الفيدرالي سنة 1789.
في الأثناء، نشأ هذا الحزب في بدايته كنوع من أنواع التحالفات التي ربطت عدداً من السياسيين الذين اتجهوا لمساندة برامج ألكسندر هاميلتون الفيدرالية وتوجهاته السياسية على الصعيدين الداخلي والخارجي. وتدريجياً، تطورت هذه التحالفات لتسفر عن ظهور الحزب الفيدرالي الذي أصبح معروفاً للأميركيين سنة 1795.
وفي تلك الفترة، اصطدم وزير الخزانة ألكسندر هاميلتون بأكثر من مناسبة مع وزير الخارجية حينها توماس جيفرسون حول مسائل عديدة تعلقت بالنفوذ والقوة المتزايدة للحكومة الفيدرالية، التي كان جيفرسون لا يثق بها، إضافة للنظام المصرفي والبنكي الذي كان قد اقترحه هاميلتون في وقت سابق. وأملاً في التصدي لطموحات هاميلتون الفيدرالية، اتجه كل من جيفرسون وعضو مجلس النواب عن ولاية فرجينيا جيمس ماديسون (James Madison) لإنشاء الحزب الديمقراطي الجمهوري الذي عرف حينها بالحزب المعارض للإدارة.
إلى ذلك، عرف عن جورج واشنطن احتقاره للفصائل السياسية وعدم انخراطه بأي حزب حيث إنه ترشح للرئاسة في مناسبتين كمرشح مستقل.
من جهة ثانية، كانت توجهات وميول جورج واشنطن قريبة للفيدراليين. وبسبب ذلك، يتجه البعض لتلقيب أول رئيس أميركي بالفيدرالي. كما شهدت الولايات المتحدة اصطفاف العديد من كبار السياسيين، والآباء المؤسسين، خلف الحزب الفيدرالي. ويعد جون أدامز وألكسندر هاميلتون وريفوس كينغ (Rufus King) وجون جاي (John Jay) أبرز هؤلاء السياسيين. وعام 1787، أيد هؤلاء السياسيون فكرة بعث دستور جديد أكثر فاعلية.
انهيار الحزب الفيدرالي
خلال سنة 1796، تفوق المرشح الفيدرالي جون أدامز على نظيره الديمقراطي الجمهوري توماس جيفرسون ليصبح بذلك ثاني رئيس بتاريخ الولايات المتحدة. وخلال فترة أدامز، اختلف الحزبان على كل شيء، بداية من الضرائب والديانة، وصولاً للسياسة الخارجية للبلاد.
فبينما فضّل جيفرسون، والديمقراطيون الجمهوريون، التحالف مع فرنسا ما بعد الثورة وفتح صفحة جديدة في العلاقات معها، حبّذ الفيدراليون توطيد العلاقات مع بريطانيا والنأي بالبلاد عن فرنسا الثورية والحروب النابليونية.
ومثّل جون أدامز السياسي الوحيد الذي حصل على الرئاسة بتاريخ الحزب الفيدرالي. ففي انتخابات عام 1800، تفوق جيفرسون على أدامز وفاز بالرئاسة. ومنذ تلك الفترة ولحدود سنة 1828، انتمى جميع الرؤساء للحزب الديمقراطي الجمهوري. وبحلول يوليو 1804، تلقى الحزب الفيدرالي صفعة قاسية حيث قتل مؤسسه ألكسندر هاميلتون خلال نزال مسدسات جمعه بالسياسي المنتمي للحزب الديمقراطي الجمهوري، ونائب الرئيس، أرون بور (Aaron Burr).
فيما تسببت الهزيمة في انتخابات 1804 ووفاة هاميلتون والعزلة السياسية لأفراده بتراجع الحزب الفيدرالي بشكل سريع. وعام 1807، حاول الحزب العودة للساحة السياسية عن طريق انتقاد قرار الحظر الاقتصادي الذي فرضه جيفرسون. ومع إعلان الحرب على بريطانيا سنة 1812، اتجه عدد كبير من سكان نيويورك ومريلاند ونيو إنغلند لتأييد الفيدراليين. في حين فقد الفيدراليون هذا الدعم تدريجياً حيث اتهموا بتقويض جهود الحرب والخيانة طيلة سنوات الحرب.
وخلال انتخابات 1816، فاز الحزب الفيدرالي بولايات كونيتيكت وماساتشوستس وديلاوير فقط. وفي السنوات التالية، عجز الحزب عن كسب مزيد من المؤيدين لبرامجه. وبسبب ذلك، تراجع الحزب الفيدرالي وانهار بشكل رسمي قبل أن يتم حله سنة 1828.