آخر الأخبار

نوع استثنائي من الوعي.. هل شبكة العنكبوت جزء من عقله؟

شارك الخبر

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على الرابط أعلاه للمشاهدة على الموقع الرسمي

مقدمة للترجمة

افترضنا -منذ فترة طويلة- أن العناكب شأنها شأن العديد من الكائنات اللافقارية الأخرى، لا تملك سوى سلوكيات تلقائية مثل الآلات، وتفتقر إلى حياة داخلية (يقصد الوعي*). لكننا نكتشف الآن أن بعض أنواع العناكب تتمتع بقدرات معرفية خفية تنافس قدرات الثدييات والطيور، مثل القدرة على الاستبصار والتخطيط، والتعلم المعقد، وحتى القدرة على الإحساس بالمفاجأة. والأغرب من ذلك الدور الحيوي الذي تلعبه خيوط العنكبوت في قدراتها الإدراكية، كان ذلك السبب في دفع بعض العلماء إلى الاعتقاد بأن تلك الخيوط يجب اعتبارها جزءًا من عقل العناكب نفسه. هذه المادة من نيوساينتست تسبر أغوار عالم العناكب العجيب.

نص الترجمة

تعيش بيننا كائنات غريبة تتمتع بوعي استثنائي وذكاء وقّاد إلى الحد الذي يتجاوز فيه وعيُها حدود جسدها المادي. ومع ذلك، وبسبب جهلنا وغرورنا البشري، لن نتورع عن محاولة قتلها فورًا بمجرد رؤيتها.

تتوارى هذه العقول الغريبة فعليًا في ظلال منازلنا وحدائقنا، ولطالما افترضنا -منذ فترة طويلة- أن العناكب شأنها شأن العديد من الكائنات اللافقارية الأخرى، لا تملك سوى سلوكيات تلقائية مثل الآلات، وتفتقر إلى حياة داخلية (يقصد الوعي*). لكننا نكتشف الآن أن بعض أنواع العناكب تتمتع بقدرات معرفية خفية تنافس قدرات الثدييات والطيور، مثل القدرة على الاستبصار والتخطيط، والتعلم المعقد، وحتى القدرة على الإحساس بالمفاجأة.

والأغرب من ذلك، أن الخيوط الحريرية التي تنسجها العناكب خلفها -والتي يمكن محوها بمنفضة الغبار بسهولة- تساعدها على استشعار عالمها وتذكّره. هذا الدور الحيوي الذي تلعبه خيوط العنكبوت في قدراتها الإدراكية كان السبب في دفع بعض العلماء إلى الاعتقاد بأن تلك الخيوط يجب اعتبارها جزءًا من عقل العناكب نفسه.

ومع اكتشاف القدرات الفكرية لهذه العناكب، لا بد من تغيير نظرتنا لهذه الكائنات التي تُعد من أكثر الحيوانات انتشارًا وأهمية، وأكثرها كرهًا على الإطلاق. والأهم من ذلك أن هذه الكائنات المدهشة قد تُجبرنا على إعادة النظر في فهمنا لذكائنا وعقولنا.

تملك العناكب جذورًا تكيفية عميقة، إذ يعود أول دليل أحفوري للعناكب المنتجة للحرير إلى ما يقرب من 400 مليون سنة مضت، أي بعد وقت قصير من أول دليل قاطع على وجود الحشرات. يقول عالم الأحياء التطورية في جامعة برشلونة بإسبانيا، ميغيل أرنيدو: إن "الحشرات هي السلالة الأكثر نجاحًا في التكيف على وجه الأرض، تليها العناكب". واليوم، يوجد أكثر من 48 ألف نوع معروف من العناكب، لدرجة أن كل متر مربع من الأرض يسكن فيه نحو 130 عنكبوتًا. قد يخيف ذلك مَن يعانون من رُهاب العناكب، لكن بدون العناكب، سيكون من المستحيل زراعة المحاصيل لأن الحشرات ستلتهمها كلها.

تتميز العناكب بأرجلها الثمانية ومغازلها المعقدة التي تفرز الحرير الذي هو عبارة عن بروتين يتكون من سلاسل أحماض أمينية، أهمها الغلايسين والألانين. تسحب العناكب هذا الحرير وتمشطه بأرجلها الخلفية لتقويته. ويمكن لبعض الأنواع إنتاج ألياف حريرية بتركيبات كيميائية مختلفة حسب احتياجاتها الخاصة.

إن حرير العناكب -الذي يثير حسد المهندسين- لديه استخدامات متعددة تشمل بناء شرانق العنكبوت، والتزلج الشراعي، واستخدامه كحبل للتسلق والهبوط. كما تستخدمه العديد من العناكب في نوع من "الطيران" يُعرف باسم "التحليق بالمناطيد"، حيث تستخدم العناكب بعض خيوط الحرير التي تتأثر بالقوى الكهروستاتيكية الموجودة في الجو، مما يسمح لهذه الخيوط بالارتفاع وحمل العناكب لمسافات بعيدة بالاعتماد على رياح خفيفة.

وتستشعر هذه الأنواع من العناكب تلك القوى من خلال شعيرات موجودة على أرجلها، تسمح لها بتحديد الوقت المناسب لرفع أشرعتها (خيوطها الحريرية). وعن ذلك، تقول الأستاذة بجامعة بريستول في المملكة المتحدة، إيريكا مورلي، التي توصلت إلى هذا الاكتشاف: "تستطيع العناكب الشعور بالتغير في الهواء".

مصدر الصورة
بعض أنواع العناكب تتمتع بقدرات معرفية خفية تنافس قدرات الثدييات والطيور (بيكسابي)

ذكاء العناكب

يقول أرنيدو، إن تعدد استخدامات الحرير الذي تصنعه العناكب يُفسِّر جزئيًا نجاحها الهائل في التكيف. ومع ذلك، لعب ذكاؤها دورا حاسمًا في هذا النجاح. وأفضل دليل على ذكاء العناكب نجده في النشاط اليومي المتمثل في بناء شبكاتها، إذ تبني ثلث أنواع العناكب شبكات دائرية هندسية جميلة نراها في منازلنا وحدائقنا، والهدف منها أن تكون فخاخا لفرائسها. تحمل هذه الشبكات أسراراً أكثر مما نتوقع، لأن كلاً منها يعكس الخيارات والقرارات التي اتخذتها العناكب أثناء عملية بناء الشبكات.

دعنا نتأمل هنا السؤال الأساسي الذي يتلخص في المكان الذي ينبغي للعناكب أن تبني فيه شباكها، إذ يفضل كل نوع من العناكب الغازلة للنسيج الدائري حجما وشكلا معينيْن للشبكة بما يتناسب مع نوع جسمه وفريسته. لكن المثير للانتباه، أن أنواع العناكب هذه تغزل شباكها بطرق معينة لتتناسب مع المساحات المحدودة، أو للتكيّف مع العوائق التي قد تعترض سبيلها، وهو ما يشير إلى أن هذه العناكب تؤسس نوعا من التخطيط قبل البدء في بناء شبكاتها، وهو ما يُعدُّ أمرًا مدهشًا، خاصة إذا علمنا أن أغلب العناكب عمياء تقريباً، فكيف تفعل ذلك إذن؟

يضع الأستاذ بجامعة أكسفورد، توماس هيسلبرغ، احتمالًا لكيفية تخطيط العناكب لمواقع بناء شبكاتها، ويرى أن العناكب قد تستخدم حريرها "كخيط الشاقول" أو "خيط الميزان"، وهو خيط يحمل ثقلًا في نهايته ويُستخدم في البناء والمساحة لتحديد الاتجاه العمودي بدقة، وتستخدمه العناكب في استكشاف الموقع المحتمل لبناء الشبكة.

وبمجرد استكشاف المكان جيدًا، تبدأ بعض العناكب بإلقاء خيط أفقي بين سطحين ثم تعبره، وتستمر في الصعود والهبوط في نقاط مختلفة على طول المسار، وهو ما قد يساعدها في تقدير أبعاد المكان. وعن ذلك، يقول هيسلبرغ: إن "العناكب قد تكون قادرة على معرفة كمية الحرير المستخدمة والوقت الذي قضته في الاستكشاف، مما قد يعطيها فكرة عن عدد مرات عبورها لمنطقة معينة ومساحتها".

لقد وثّق العلماء بالفعل القدرة على تكوين تصور ذهني للمكان لدى العديد من الثدييات والطيور، ولكن هذه القدرة كانت نادرة جدًا بين الكائنات اللافقارية. وأفضل دليل على ذلك هو النحل، الذي يُعتَقد أنه يستخدم خرائط ذهنية لمساعدته على التنقل. ومع ذلك، فإن هذه الفكرة ما زالت محل جدل بين العلماء.

وتشير التجارب الأولية التي أجراها هيسلبرغ إلى أن الخرائط الذهنية التي تشكلها العناكب "الغازلة للنسيج الدائر ....

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

إقرأ أيضا