في خضم الفوضى التي تعصف بالسودان، برز أسلوب إجرامي جديد بات يشكل فصلا مأساويا جديدا في الحرب المستمرة منذ أكثر من سنة.
خطف مقابل فدية
فقد انتشرت خلال الساعات الماضية، فيديوهات توثق عمليات اختطاف مقابل فدية، كان أبرزها مقطع فيديو يظهر فيه تاجر مختطف في مدينة رفاعة بولاية الجزيرة وسط السودان.
وظهر في المقطع الذي انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، أحد الخاطفين يطالب بفدية مالية ضخمة تصل إلى 50 مليون جنيه سوداني، أي ما يعادل نحو 25 ألف دولار أميركي، مهددًا بقتل الضحية إن لم تُدفع الفدية.
بينما جلس المخطوف مرتديا زياً سودانيا تقليديا بوضعية القرفصاء في غرفة خالية، يتحدث إلى الخاطف الذي أخفى وجهه.
كذلك ظهر مواطن آخر في مقطع ثانٍ، مختطف من منطقة "أم دقرسي" بولاية الجزيرة، وهو يوجه رسالة إلى أهله يطالبهم فيها بتحويل فدية لإطلاق سراحه، وإلا سيتم تصفيته.
وظهر بالمقطع ذاته خاطف يرتدي زيا عسكريا، ويضع فوهة مسدسه على صدغ الضحية، مهددا بتصفيته إذا لم يتم دفع الفدية.
إلى ذلك، أكدت مصادر موثوقة لـ"العربية.نت" صحة الوقائع، مشيرة إلى أن الشخص المخطوف في إحدى الفيديوهات طبيب يدعى محمد الطيب ويعمل بمركز "أم دقرسي" الصحي، وجرى اختطافه بعد اجتياح قوات الدعم السريع للمنطقة بعد انشقاق قائد الدعم السريع بولاية الجزيرة أبو عاقلة كيكل.
غضب عارم
يشار إلى أن هذه الحوادث لم تكن فريدة من نوعها، بل أصبحت رمزا للواقع المرير الذي يعاني منه السودانيون في الآونة الأخيرة.
وتكررت حوادث مشابهة في مختلف أنحاء البلاد، بعد أن نشر خاطفوه فيديوهات لضحاياهم يطالبون ذويهم بدفع الفدية للإفراج عنهم.
كما أثارت المقاطع المصورة غضبا واسعا بين السودانيين، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ علق أحد المتابعين قائلاً: "في بلد تمزقه الصراعات، يتحول المواطن العادي إلى رهينة، يُستخدم كورقة ضغط في حرب لا نهاية لها. هذا الرجل، الذي كان يعيش حياته بشكل طبيعي، وجد نفسه فجأة في قبضة العصابات المسلحة، في مشهد يعكس الخطر المتزايد الذي يهدد كل سوداني اليوم".
وكتبت أخرى: "هذه الفيديوهات لم تكن مجرد وثائق عنف، بل رسائل تهديد لكل أسرة سودانية. صرخات الضحايا تحولت إلى كابوس يؤرق حياة الآلاف ممن يعيشون تحت وطأة الابتزاز الدموي. والمجتمع الدولي يقف متفرجًا في صمت مقلق".
بدوره، أصدر المرصد المركزي لحقوق الإنسان في السودان بيانًا يستنكر فيه تزايد عمليات الخطف ويطالب بتدخل دولي فوري.
وجاء في البيان: "نُعبر عن قلقنا البالغ إزاء تصاعد أعمال الخطف وطلب الفدية تحت تهديد السلاح ضد المدنيين في السودان. هذه الجرائم لا يمكن تبريرها بأي شكل من الأشكال وتُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني." وأضاف المرصد أن هذه الممارسات تُفاقم الأزمة الإنسانية في السودان وتسبب معاناة نفسية شديدة للضحايا وأسرهم. كما دعا المرصد إلى محاسبة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة، مؤكدًا أن الجهة المسيطرة على موقع الجريمة تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات المُروعة.
أما مدينة رفاعة، فتقع في ولاية الجزيرة بوسط السودان، على الضفة الشرقية للنيل الأزرق، وتبعد حوالي 121 كيلومترًا إلى الشمال الشرقي من الخرطوم، عاصمة السودان، وحوالي 46 كيلومترًا من مدينة ود مدني، حاضرة الولاية.
وتُقابلها على الضفة الأخرى من النهر مدينة الحصاحيصا، ويربط بين المدينتين جسر.
وتعاني رفاعة مؤخرا من تداعيات النزاع المسلح في المنطقة، حيث اجتاحت قوات الدعم السريع عددًا من مدن شرق ولاية الجزيرة، بعد انشقاق قائد الدعم السريع في الولاية، أبو عاقلة كيكل، وانضمامه إلى الجيش السوداني.